المصدر: الديار
الكاتب: ندى عبد الرزاق
الأربعاء 6 أيلول 2023 07:48:30
يعاني القطاع التربوي في لبنان من أزمات تهدد استمراريته، بسبب العقبات التي تعصف بمختلف القطاعات الحيوية والحياتية في البلد. والانهيار الذي ضرب الدولة ومؤسساتها، يُنذر بضرب العام الدراسي في الرسمي والخاص أيضا. ويبقى هاجس تعطيل التدريس واردا بنسبة كبيرة، في حال لم تتحقق مطالب الأساتذة. اذ ليس عدلاً الا يحصل الأساتذة على حقوقهم، اما بسبب المراوغة أو الوعود المزيفة، لذلك فإن العودة الى الإضرابات امر محتمل جداً.
الا ان ذلك من شأنه ان يعمّق ازمة التعليم، خصوصا ان المدارس والثانويات خسرت خلال العامين المنصرمين أكثر من 100 ألف تلميذ، وانخفضت نسبة اعداد تلامذة الرسمي في 2022-2023 الى نحو 27 في المئة من مجمل تلامذة لبنان.
كفاءة الرسمي بخطر!
تتعاظم خسائر التعليم الرسمي، ويهبط المستوى وتتراجع الكفاءة التعليمية عاماً بعد آخر، وهذا الامر ينعكس بدوره على التعليم الخاص. فالخسارة التي شهدتها المدارس الرسمية، جراء الازمة المالية والاضرابات المتتالية منذ سنوات أدت الى تسرّب كبير، بحيث ان إحصاء المسجلين في الرسمي يُبيّن ان الفقدان الأكبر هو في المرحلة الثانوية التي تعتبر لؤلؤة التعليم الرسمي، مع تراجع الاعداد من 66 ألف تلميذ العام الفائت الى نحو 58 الفا للسنة الحالية. فيما خسر التعليم الأساسي بكل مراحله نحو 36 ألف تلميذ مع التراجع من 270 الفا العام الماضي الى 234000.
اصدار المذكرة مصيدة!
هذا، وكانت جرت العادة أن يجتمع الوزير ومسؤولو الوزارة بروابط المعلمين قبل إصدار مذكرة بدء العام الدراسي، كي ينطلق بلا عقبات، الا ان الوزارة علّقت الاجتماع لأكثر من ثلاث مرات. وكان تلقى ممثلو "رابطة التعليم الأساسي" في لقائهم مع الوزير وعوداً بتأجيل المذكرة حتى التوصل إلى اتفاق واضح حول مستحقاتهم، فحدث العكس.
ويشير أكثر من مصدر في "الروابط" أن عملية بدء تسجيل الطلاب هي "كمكيدة من الوزارة لنا" . وما يسهّل هذا الأمر هو ان عددا من مديري مدارس وثانويات يندفعون إلى تسجيل الطلاب لمضاعفة عديدهم وزيادة البدلات المالية في صناديقهم، خوفا من تصنيف مدارسهم بالمتعثرة، ما يمهد الطريق إلى دمجها بمدارس أخرى.
على خطٍ تربوي موازٍ، كانت تأخرت وزارة التربية في اصدار مذكرة بداية العام الدراسي، لا سيما مع الاخبار التي تتردد في أروقة الوزارة عن احتمال اعتماد التدريس 5 أيام أسبوعيا، في حين أن "رابطة التعليم الثانوي" تصرّ على 4 ايام تعليم كحدٍ اقصى هذا العام. الا ان الأكيد هو عدم وجود الأموال لبدء العام الدراسي 2023-2024. كما ان الأموال ان وصلت الى "التربية"، فهي ستبقى بالعملة الوطنية ولن تحوّل الى دولار. الى جانب ان اليونيسف تبرّأت من تعليم اللبنانيين، والدول المانحة معنية بتعليم السوريين فقط، ودعم موازنة المدارس التي تعلّم فترة بعد الظهر.
لا عودة الى التدريس الا إذا!
في سياق متصل، كشفت ممثلة المتعاقدين في التعليم الرسمي الثانوي منتهى فواز لـ "الديار" انه "في حال عدم تأمين ما وُعدنا به، فسيكون هناك تعثر في انطلاق العام الدراسي الجديد، ويجب الإيفاء بالوعود المتأخرة، وقبض المتأخرات عن العام المنصرم من مستحقات وبدل نقل وبدل إنتاجية وفروقات العقد الكامل، وتنفيذ جميع المطالب عن العام الحالي".
بالموازاة، صدر عن كل من "متعاقدي الثانوي" ومختلف التسميات و"لجنة المتعاقدين في التعليم الرسمي والاساسي" بيان جاء فيه:
- نطالب بزيادة اجر الساعة خمسة اضعاف (6 $ للتعليم الأساسي و8 $ للتعليم الثانوي).
-بدل نقل عن كل يوم حضور (بما يوازي 5 ليترات بنزين).
- قبض شهري.
- استمرار وظيفي والتزام وزارة التربية بدفع عدد الأسابيع كاملة (36).
- بدل إنتاجية ولحظنا بأي مساعدة او مخصصات تمنح للقطاع التربوي.
وشددت فوّاز "على ان العام الدراسي لن ينطلق قبل تحقيق هذه المطالب، حتى وان كان وزير التربية قد حدد موعد اقلاع السنة الدراسية، وأصدر قرارا ببدء عملية تسجيل الطلاب من 14 أيلول ولغاية 28 تشرين الأول، ومع ذلك لم يحدد التوقيت لبدء التدريس والتعليم في الصفوف". اضافت: "ربما استعجل الوزير عباس الحلبي بإصدار مذكرة التسجيل هذه، خوفا من حصول تسرّب ولتطمين الأهالي وهذا امر جيد".
واكدت "ان لا مزاولة للتدريس بدون مراسيم وقوانين وقرارات، مع مفعول رجعي بالمطالب التي كنا قد تقدّمنا بها، ومن الصعب ان نكرر تجارب السنوات الأربع الماضية. فعلى سبيل المثال مرسوم بدل النقل عن العام الماضي كان صدر فقط عن شهر آذار ونيسان، والعمل جارٍ لاعداد جداول جديدة لقبض مستحقاتنا عن أيار وحزيران، ايضا لم نحصل على العقد الكامل الذي وُعدنا به منذ حوالى السنتين تقريبا، وكان النائب بلال عبد الله قد تقدّم بمشروع قانون الى المجلس النيابي، وتم وضعه على جدول اعمال الاخير، الا ان النصاب لم يكتمل لعقد جلسة".
اردفت "يجب تغيير سياسة عقدنا، وعلى وزارة التربية ان تلتزم بدفع 36 أسبوع للمتعاقدين باستثناء الإضرابات والغياب غير المبرر".
وقالت: "الأمور حتى اللحظة ضبابية، لان استقرار العام الدراسي وديمومته مرتبطة بالأمور المادية، والتصريحات التي تصدر عن المعنين وحاكم مصرف لبنان بالإنابة، تؤكد عدم توافر الأموال لدى الدولة لبدء العام الدراسي كما يدّعون". واشارت الى "ان المسؤولين يراهنون على الدول المانحة التي لم نحصل منها الا على القليل جدا، اي "من الجمل دينتو"، فمثلا وُعدنا بـ 130 دولارا لكن تقاضينا 125 عن 3 او 4 أشهر من أصل 9".