المصدر: النهار
الكاتب: غسان حجار
الأربعاء 23 تموز 2025 07:29:20
في تصريح مثير للجدل، قال الموفد الأميركي إلى لبنان توم برّاك إن "سوريا تتحرك بسرعة الصاروخ، ولبنان سيتخلّف عن الركب". لكن الوقائع أثبتت أن السرعة ليست بالضرورة ميزة، بل قد تكون سبيلاً إلى الفوضى والانهيار. سوريا اليوم أكثر انقساماً ودموية وضعفاً، والدماء لا تزال تسيل، من دون أفق واضح، رغم إشادة برّاك بالنظام السوري الجديد.
في المقابل، سلك لبنان طريقاً أبطأ، لكنه أكثر حكمة واستقراراً، بفضل مقاربة الرئيس جوزف عون الهادئة والواقعية، ولا سيّما في تعامله مع "حزب الله". اختار عون الحوار الداخلي للوصول إلى الهدف، بعيداً من المواجهة الإعلامية أو التصعيد السياسي، وهو ما ساهم في منع انزلاق البلد نحو حرب أهلية أو انفجار أمني، أو فوضى.
الفرق بين نهج عون ونهج بارّاك واضح: الأول يفهم حساسية التركيبة اللبنانية، وتوازناتها، ومفاهيمها، وقد عايشها قائداً للجيش قبل ذلك، فيما الثاني يشاهد لبنان بمنظار خارجي، يختزل الأمور بالسرعة والضغط.
ليس معنى ذلك ألا يحقق عون الأهداف التي رسمها لنفسه في خطاب القسم، وكرّر التزامه تنفيذها من دون تعديل أو تغيير، لكن لبنان لا يستطيع، ويجب ألا يتحرّك بسرعة الصاروخ، لأنه يعرف ثمن الاندفاع الأعمى، من دون ترتيب السُبل الكفيلة بتحقيق الأهداف وحفظ البلد. وقد خبر ذلك مراراً في تاريخه الحديث.
اختار لبنان عدم التسرّع، لا التخلف عن الركب. ورغم أزماته، هو في موقع أكثر استقراراً من سوريا المنطلقة كالصاروخ إلى مكان مجهول.