بين نار الغارات وضغط الخزانة الأميركية.. نهاية الحزب تقترب؟

الأسبوع الجاري ليس عابراً في روزنامة الأحداث اللبنانية، إنه أسبوع الحسم في ملفات عدة، التصعيد الأمني والتكرار المتسارع للعمليات الإسرائيلية كشفا هشاشة معادلة الرد، وأظهرا بوضوح أن حزب الله يمر بلحظة ارتباك غير مسبوقة، عاجزاً عن امتصاص حجم الضربات أو إنتاج رد فعال على الأرض، بالتالي لا أفق واضحاً للتهدئة، ولا قدرة ظاهرة على فرض قواعد اشتباك جديدة، بينما الغارات تتوالى والأرض اللبنانية تُستنزف.

على الضفة المقابلة، يدرك المجتمع الدولي وخصوصاً واشنطن وتل أبيب، أن ملف السلاح في لبنان بات عقدة ثابتة بلا حل قريب، والحزب من خلف المشهد يبدو أنه يعيد بناء قدراته العسكرية في الظل، كما لو أن الخرائط لا تتغير والزمن متوقف، فمع استمرار هذا الواقع، يزداد احتمال الانزلاق نحو مواجهة أوسع قد تضيع على لبنان هامش النجاة الذي اعتهده في أزمات سابقة.

في هذا المناخ المضطرب، جاءت زيارة وفد وزارة الخزانة الأميركية إلى قصر بعبدا لتفتح بابًا إضافيًا على جوهر الصراع "المال"، فاللقاء مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لم يكن مجرد استعراض دبلوماسي، بل مؤشر واضح أن واشنطن قررت التدخل بعمق في المعادلة اللبنانية عبر البوابة الأكثر حساسية، بوابة التمويل.

فالاستقرار النقدي لم يعد مسألة اقتصادية فحسب، إنه أحد مفاتيح الاستقرار السياسي والأمني، ومن خلال ضبط المسائل المالية يمكن للصناعة الدبلوماسية أن تؤثر في ميزان القوى الداخلي وإعادة رسم خطوط النفوذ.

وفق مصادر مطلعة لموقع " kataeb.org" أعرب الوفد الأميركي عن قلقه من اتساع رقعة "اقتصاد الظل النقدي"؟الذي ابتلع السوق اللبنانية وأخرجها من سلطة النظام المالي الرسمي، فهذه الفوضى النقدية ليست نتيجة صدفة، بل ثمرة تمدد شبكات تمويل غير شرعية تغذي الحزب وحلفاءه داخليًا وخارجيًا. 

وتضيف المصادر أن الاموال تتدفق خارج الرقابة، وتتقاطع بين تجارة المخدرات والتهريب والمضاربات، وتتداخل مع مصالح ميليشيوية وإقليمية متشابكة، لذا بات واضحًا أن اقتصاد الظل قد صار سلاحًا يحمي منظومة السلاح غير الشرعي، وأن الحرب المالية المقبلة لن تكون أقل خطورة من مواجهة عسكرية مفتوحة.

في ظل هذا التداخل بين السياسة والمال والأمن، تتبلور قناعة واحدة، مفادها، لا مفر من مفاوضات سياسية-عسكرية حقيقية، لا صورية ولا تقنية، يقودها وفد يملك صلاحيات واضحة ويعبر عن مشروع وطني جامع، بالتالي استمرار الوضع الحالي يعني مزيدًا من الفوضى، ومزيدًا من الانكشاف، ومزيدًا من الانزلاق نحو حرب لا يريدها أحد لكنها قد تفرض نفسها كأمر واقع.

خلاصة المشهد: الهاوية باتت على مقربة، والحزب الذي اعتاد التحكم بخيوط اللعبة يترقب الضربة التالية وهو محاصر بالعقوبات والضغوط وفقدان الغطاء الشعبي والسياسي، إنه زمن الحساب المفتوح، وزمن إعادة تعريف موازين القوى، وزمن انكشاف فاعلية السلاح أمام عجزه عن حماية من يملكه أو فرض منطق القوة.