تجبّروا ما شئتم... العدالة آتية

كتب المحرّر السياسي:

يحلّ علينا 4 آب من جديد، قاسيًا جدًا، مؤلمًا، وكأن الكارثة وقعت بالأمس، رغم مرور الأيام الطويلة، لكن لا شيء تغيّر.

لا يزال الدمار كما هو، رغم بعض المبادرات الخجولة للترميم والتحسين، لا تزال الجروح مفتوحة، ولم يعمل أحد على تضميدها، لا يزال اهالي الضحايا على الطريق، ونحن معهم، جميعنا متروكين، يستثمرون في دمائنا، يضحكون على أوجاعنا، يتهافتون يتناتشون يتشاتمون على جثة وطننا، لكنهم مستمرون.

حتى الأهراءات التي تحدّت الانفجار، ووقفت بوجهه وبقيت صامدة، انهارت اليوم في الذكرى الثانية، استسلمت فوقعت، كما أغلبية الشعب اللبناني، الذي سلّم بالواقع والانهيار.

لم يكن ليتصوّر أحد، أو يخطر ببال أحد، أنه بإمكان أي كان أن يقف في وجه الحقيقة بتفجير كهذا، لم نكن لنفكّر أنّ أحدًا سيتجرّأ أن يقف بوجه العدالة لنهر الدماء الذي سال، لم نتخيّل ولو لبرهة أن أحدًا سيغطي دمار نصف عاصمة وتهجير أهلها، لكنه حدث.

نعم حدث تجرّأوا، لا بل تفاخروا بوقحاتهم، لم يتركوا وسيلة الا واستعملوها وبوقاحة، هدّدوا، توعّدوا، ادّعوا، اجتاحوا الأحياء،  شلّوا الحكومة، بلطجوا، تجبّروا، تمرّدوا، أوقفوا التحقيقات والملاحقات، واستشاطوا في استعمال فائض القوة.

 هي ليست المرة الأولى، فهم حتى الساعة استطاعوا توقيف إصدار الأحكام، لكن هناك أحكام صدرت بالفعل، وتجاوزوها، والتفجير الاكبر بعد انفجار مرفأ بيروت بنتائجه السياسية والاقتصادية والمادية، كان في 14 شباط 2005، يوم اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصدرت الأحكام فيه، ووجهت التهم بالقرائن والأدلة لكنهم لم يكترثوا، لا بل زادوا من تجبّرهم، وما يجري اليوم ما هو إلاّ استكمال لهدم جميع مكونات الدولة، وأبرز أعمدتها هو القضاء.

وهذا الأمر يردّنا الى نتيجة، ماذا لو صدرت الأحكام، وتعاملوا معها كما تعاملوا مع سابقاتها، وفي الأصل بدأوا بهذا التعامل وقد صدرت مذكرات توقيف عدة، ولم يمتثلوا لها ورفضوا حتى التحقيق معهم، وهذا من المتوقع ان يحدث في اي مسار قضائي ومنه انفجار المرفأ، إذا سمح له بالاستمرار.

نعم سيكون التعامل مشابهاً، لكن هذا الأمر لن يُثنينا عن المقاومة والاستمرار بالدفاع عن بلدنا في البداية وعن الضعفاء والضحايا في المرتبة الثانية، وسنستمر في المطالبة والدفاع عن مطلبنا بالعدالة حتى الرمق الأخير، وإن لم تستطع الدولة ومؤسساتها أخذ حقوقنا، فكلنا ثقة بأن الشعب يستطيع أن يأخذ حقة من قاتليه، والشواهد التاريخية كثيرة  على هذا الأمر فما من ظلم استمر حتى الّلانهاية.

بارقة أمل واحدة في هذا اليوم المشؤوم، وهي ما سرّب عن القاضي الشجاع طارق البيطار أنه مستمر بمهامه ولن يتراجع، وهنا نقف الى جانبه وخلفه ومعه، وندعوه للاستمرار بعمله البطولي المقدّس، لا بل ندعوه في حال استمرّوا بعرقلته الى قلب الطاولة على الجميع ووضع التحقيقات في تصرّف الناس، ومن المؤكد أن الشعب سيكون عادلاً مع نفسه وسيحاسب من قتله ولو بعد حين.