تحذيرات من "فيتنام إسرائيلية" في غزة

كثّفت إسرائيل حشد قواتها مع بدء استجابة جنود الاحتياط لأوامر الاستدعاء تمهيداً لإطلاق هجوم هدفه احتلال مدينة غزة، الذي يريد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسريع وتيرته رغم تحذير ضباط كبار، في وقت كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أن القادة العسكريين يكافحون لإيجاد عدد كاف من الاحتياط، في ظل تزايد حالة الإرهاق بين الجنود، وعدم اقتناعهم بجدوى الحرب.

وفي السياق، كشفت وثيقة عسكرية سرية، حصلت عليها صحيفة «إسرائيل هيوم»، عن توقعات بالفشل الذريع للعملية العسكرية المزمع تنفيذها في مدينة غزة، والمعروفة باسم «عربات جدعون 2»، في ضوء عدم تبني الجيش للإستراتيجيات الضرورية لتحقيق النصر.
وأوردت الوثيقة التي جاءت تحت عنوان «كيف تهزم عسكرياً منظمات حرب العصابات»، أن «الطريقة التي يعتزم الجيش اتباعها في عملية احتلال غزة لا تتضمن الخطوات الضرورية لتحقيق الانتصار».

وأضافت أن هناك أنشطة مركزية لم ينفذها الجيش حتى الآن ولا ينوي تنفيذها خلال احتلال المدينة، وهي: «الحصار الكامل، فصل منظمة الخلايا عن المدنيين، والتشويش على طرق التموين».

اعتراف بالفشل المتوقع

وجاء في الوثيقة، أن «الأساليب التي وقع الخيار عليها لتنفيذ المرحلة تتناقض مع المنطق العملياتي ومع توصيات عرضت سابقاً»، مشيرة إلى أن «عدم تطبيق هذه الخطوات قد يحول دون تحقيق الإنجازات المتوخاة في المرحلة المقبلة أيضاً».

وبخلاف الادعاءات السائدة في الجيش بأنه «ليس بالإمكان الانتصار ضد حرب خلايا صغيرة مسلحة»، أكدت الوثيقة أنه «بالإمكان ذلك من خلال الخطوات المطلوبة والتي لم يتم استخدامها حتى الآن، وهي الفصل بين حماس والحاضنة الاجتماعية والشعبية القوية في قطاع غزة والتي حتى بعد كل هذه العمليات والقصف والتدمير لم تخرج ضد الحركة ولم ترفع الرايات البيضاء ولم ترشد الجيش إلى مداخل الانفاق ومكان قوات حماس».

نقاط الضعف القاتلة

وذكرت الوثيقة، التي تم تظليل بنودها الحرجة باللون الأحمر، أن هذه الخطوات تشمل:

1 - «استخدام قوة كبيرة بوسائل متنوعة» في غزة الضيقة والمكتظة بالسكان.

2 - «حصار منطقة ودفعهم إلى الخروج للمعركة.

3 - «المبادرة في الهجمات، وعدم السماح لأسلوب اضرب واهرب.

4 - «الفصل بين خلايا ومنع تحركاتهم.

5 - «قطع سبل تمويل أفراد حرب العصابات».

وجاء تسريب الوثيقة في وقت تشهد الحكومة انقساماً حاداً حول الإستراتيجية المثلى للتعامل مع غزة.

فقد كشفت جلسة للكابينيت السياسي - الأمني، أن كبار قادة الأجهزة الأمنية، بما فيهم رئيس الأركان إيال زامير، ورئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنياع، والقائم بأعمال رئيس جهاز «الشاباك»، ورئيس مجلس الأمن القومي، قد أيدوا جميعاً السعي للوصول إلى «صفقة تبادل جزئية مع حماس، اليوم وليس غداً، بحسب صحيفتي «يديعوت أحرونوت» و«هآرتس».

وحذر زامير، الوزراء، من أن عملية عسكرية واسعة «ستجبي ثمناً باهظاً من الناحية الإسرائيلية - لكنها لن تهزم حماس».

«فيتنام إسرائيلية»

ونقلت «هآرتس» عن وزير التعاون الإقليمي دافيد أمسالم، تحذيره من أن القطاع قد يتحول إلى «فيتنام الإسرائيلية» في حال التقدم بعملية عسكرية.

ويظهر من الوثيقة والمناقشات السياسية أن الجيش يعترف، ولو داخلياً، بفشل إستراتيجيته الحالية في هزيمة «حماس» عسكرياً، ما يدفع بغالبية القيادات الأمنية لتغليب خيار التفاوض وتبادل الأسرى، رغم المعارضة العلنية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزيري المال بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير.

عملية تعبئة

وأمس، بدأت عملية تعبئة عشرات آلاف جنود الاحتياط بشكل تدريجي، بينما ذكرت قناة «كان 12» أن موجة ثانية من أوامر الاستدعاء متوقعة في نوفمبر.

وكان وزير الدفاع يسرائيل كاتس وافق على استدعاء نحو 60 ألف جندي احتياط.

تململ داخل الجيش

ورغم أن القوات التي ستقود المرحلة المقبلة من العمليات ستكون من القوات النظامية، وفق مسؤول عسكري، ذكرت «وول ستريت جورنال» أن الجيش يُكافح لحشد جنود الاحتياط بعد توقف كثير منهم عن الخدمة.

ونقلت عن مجموعة من جنود الاحتياط أنهم توقفوا عن الخدمة لأسباب بينها سلوك «غير أخلاقي» ضد الفلسطينيين.

وأجرت الصحيفة الأميركية مقابلات مع أكثر من 30 ضابطاً وجندياً قالوا إنهم وصلوا إلى نقطة الانهيار، إذ إنه «لا يمكن القضاء على حماس جراء أسلوبها في حرب العصابات».

وأضافت أن بعض القادة لجؤوا إلى أساليب غير اعتيادية للعثور على عدد كاف من الجنود، إذ أعلن أحد الضباط على مجموعة «واتساب» لطلاب جامعيين، أنه يبحث عن جنود مقاتلين، خصوصاً مسعفين وقناصة لعملية تستمر 70 يوماً.

وفي اليوم الـ697 من «حرب الإبادة» واصل جيش الاحتلال غاراته على القطاع، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 80 فلسطينياً منذ فجر أمس، بينهم 43 في مدينة غزة.

وأفادت منظمة «هاموكيد» غير الحكومية، بأن عدد الأسرى الأمنيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 11040، وهو أعلى رقم تسجله الدولة العبرية على الإطلاق.

وذكرت المنظمة الإسرائيلية، الإثنين، أن 56 في المئة من هؤلاء الأسرى، أي ما يعادل 6239 شخصاً، محتجزون خارج إطار الإجراءات الجنائية التقليدية، في حين أن 4801، أو 44 في المئة، محتجزون ضمن سياق الإجراءات المعتادة.

بلجيكا ستعترف بدولة فلسطين

وفي بروكسل، أعلن وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو أنّ بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الجاري.

لكن هذا الاعتراف يبقى مشروطاً، اذ لن يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه إلا عندما «يتم إطلاق الرهينة الأخير (في غزة) وتوقف حماس عن تولي أي إدارة لفلسطين»، كما أوضح بريفو.