المصدر: نداء الوطن
الثلاثاء 16 نيسان 2024 07:09:57
يهدّد الموقع الاستراتيجي المهم لإسرائيل وإيران على خريطة العالم بتداعيات كبيرة على الاقتصاد والتجارة حول العالم، في حال اتّساع نطاق الصراع. عادة ما يكون للتوترات الجيوسياسية تداعيات خطيرة وواسعة على الأصول المالية المختلفة، ما يشمل الأسهم والعملات والذهب والنفط.
يرى «كريس ويستون» رئيس قسم الأبحاث في «بيبرستون جروب» أن التوترات ستظل مرتفعة خلال الأسبوع الحالي، لكن في حال عدم تصعيد الأمر، فإن الأسواق ستعود للتركيز على الأساسيات بسرعة. وأشار «ويستون» إلى أن التصعيد غير المسبوق يوم السبت يؤكّد ما كانت تتوقّعه الأسواق في ضوء التقارير التي صدرت نهاية الأسبوع الماضي. وقال «بيتر سبينا» مؤسس ورئيس موقعي الاستثمار «جولد سيك دوت كوم» و»سيلفر سيك دوت كوم» إن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط قد يزيد المخاوف في الأسواق، ما قد يدعم الذهب والفضة بشكل خاص.
وذكر «سبينا» أنه في حال ظهور موجة بيعية في الأسواق المالية، فإن المعادن الثمينة قد تتلقّى بعض الدعم، مع بحث المستثمرين عن طرق لتغطية خسائرهم، متوقعاً افتتاحية قوية للمعادن وسط تقلبات قوية مع محاولة المستثمرين تقييم الموقف.
بشكل عام، يعتقد «محمد العريان» كبير المستشارين الاقتصاديين لشركة «أليانز» أن التوترات الأخيرة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب والنفط، وهبوط عوائد السندات والأسهم الأميركية بشكل يتجاوز ما كان متوقعاً في حال عدم حدوث هذا التصعيد.
بينما ترى «جين فولي» رئيسة استراتيجية العملات الأجنبية في «رابوبنك» أنه بعيداً عن أسعار الذهب والنفط، كانت أسعار الأصول مهيّأة مسبقاً للتقليل من شأن التطورات الجيوسياسية في الأشهر الأخيرة، بالإضافة إلى أن نجاح إسرائيل في التصدي للصواريخ الإيرانية قد يتم اعتباره سبباً إضافياً لتقليل النفور من المخاطرة. لكن «فولي» لم تستبعد وجود مجال كبير للتقلبات في الأسواق خلال الأسابيع المقبلة، مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالشرق الأوسط. كما قال «بالاجي سرينيفاسان» كبير مسؤولي التكنولوجيا السابق في «كوين باس» إن الأسواق المالية تشعر ببعض الارتياح بشأن وجود إشارات على أن الهجوم الإيراني قد يكون قصير الأجل.
على جانب آخر، يعتقد محلّلون أن أسعار النفط قد تشهد تداعيات كبيرة بالنظر إلى هيمنة الشرق الأوسط على حصة كبيرة من إمدادات الخام. قال «تاماس فارجا» المحلل في «بي في إم» إنه من المنطقي توقّع ارتفاع أسعار النفط عند استئناف التداولات يوم الإثنين، لكنه أشار إلى أن رد الفعل قد يكون قصير الأجل ما لم تتعطّل الإمدادات من المنطقة بشكل ملحوظ. بينما ذكر «جيوفاني ستونوفو» المحلل في «يو بي إس» أن أسعار النفط قد ترتفع يوم الإثنين لأن هذه المرة الأولى التي تضرب فيها إيران مناطق في إسرائيل بشكل مباشر. لكنّ المحلل أشار إلى أن استمرار صعود أسعار النفط يتوقّف على الردّ الإسرائيلي، مع ضرورة التركيز على ما إذا كانت الدول الكبرى ستستهدف صادرات طهران من النفط أم لا. كما ذكر «أجاي باجا» خبير الأسواق أن الخطر الأكبر الذي يواجه النفط يتمثل في إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران، ما قد يعطّل تدفق نحو 17 مليون برميل يومياً، ويهدّد بتجاوز سعر خام برنت لمستويات 100 دولار للبرميل. لكن «باجا» أشار إلى أنه إذا لم يتم تصعيد التوترات بشكل أكبر، فمن المرجح أن يتحوّل الاهتمام مجدداً إلى أرباح الشركات وتوقعات مسار الفائدة الأميركية. كما أشارت «ريبيكا بابين» كبيرة متداولي الطاقة في «سي إي بي سي برايفت ويلث» إلى أن دخول إيران في الصراع بشكل مباشر يزيد من احتمالات حدوث اضطرابات محتملة في إمدادات الطاقة في المنطقة المسؤولة عن ثلث الإمدادات العالمية من النفط.
ويعتقد «أولي هانسن» المحلل في «ساكسو بنك» أن أسعار النفط تتضمّن بالفعل علاوة مخاطرة، مشيراً إلى أن اتّساع هذه العلاوة سيتوقف على التطوّرات المتعلّقة بمضيق هرمز. بينما ذكرت «كابيتال إيكونومكس» أن تصاعد التوترات سيضيف أسباباً للاحتياطي الفيدرالي لتبنّي نهج أكثر حذراً في ما يتعلق بموعد خفض الفائدة. بافتراض عدم ارتفاع أسعار الطاقة خلال الفترة المقبلة، توقّعت الشركة بدء خفض معدلات الفائدة الأميركية في أيلول، مع قيام المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا بخفض الفائدة في حزيران.
ويرى محللو «كابيتال إيكونومكس» أن الخطر الأكبر يتمثل في التصعيد وكيفية استجابة أسواق الطاقة، لكنهم أشاروا إلى أن الأمر يتطلب زيادة كبيرة ومستدامة في أسعار النفط ليكون له تأثير كبير على السياسة النقدية.
يظل السؤال الأساسي هو ما إذا كان الصراع بين إيران وإسرائيل سيعود الآن إلى وضعه السابق المتمثل في حرب غير مباشرة طويلة الأمد، أم سيدخل مرحلة جديدة أكثر خطورة.