المصدر: سكاي نيوز
الثلاثاء 12 تموز 2022 16:21:07
لا تزال تداعيات سقوط رئيس سريلانكا غوتابايا راجاباكسا مستمرة، فيما تسعى المعارضة إلى تشكيل حكومة في خلال شهر، وفق المدة الزمنية التي يمنحها الدستور للبرلمان، لتجاوز أزمة الفراغ السياسي التي تهدد الدولة الغارقة في الأزمات الاقتصادية ومهددة بأزمة جوع كارثية.
وتواجه سريلانكا أسوأ أزمة سياسية واقتصادية في تاريخها، ما دفع المتظاهرين المحتجين على سياسات الرئيس إلى إضرام النار في منزل رئيس الحكومة ويكرمسينغ (كان غائبا عنه)، وأجبروا الرئيس على الفرار من القصر الرئاسي الذي اقتحموه، قبل أن يعلن عزمه الاستقالة الأسبوع المقبل.
وبموجب الدستور يتعين على البرلمان تسمية رئيس جديد وحكومة خلال شهر، وسط أزمات قاتمة على المستويين السياسي والاقتصادي.
وتعتمد الجزيرة التي يقطنها نحو 22 مليون شخص على السياحة كمصدر دخل رئيسي، لأن هذا القطاع تعرض للانهيار، إثر الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الجزيرة في عام 2019، ثم تبعات جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، مما أثر بشكل كبير على موارد الدولة، كما أدت أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ الجزيرة، منحها غوتابايا عند توليه الرئاسة، إلى إفراغ خزائن الدولة.
ووجدت سريلانكا نفسها بدون عملات أجنبية كافية لاستيراد ما تحتاج إليه من طعام ودواء ووقود.
وعلى الرغم من المساعدات من الهند ودول أخرى في أبريل الماضي، تخلفت الدولة عن سداد ديونها الخارجية البالغة (51) مليار دولار، وتسعى إلى الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
ويعيش السريلانكيون منذ أشهر في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب نقص الوقود الذي يحد أيضاً من التنقل.
وحذّرت الأمم المتحدة من أنّ البلاد تواجه خطر أزمة إنسانية كبيرة، بعدما اضطرّ أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى تقليص نظامهم الغذائي.
ولا يتوقع المراقبون انفراجة سياسية قريبة في سريلانكا، بينما تشير التقديرات إلى تأزم مضاعف للأمور بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية وارتفاع نسب التضخم لمستوى قياسي، بينما تعول بعض الآراء على المساعدات الخارجية لاحتواء الموقف الراهن.
ويرى الباحث المختص بقضايا الأمن الإقليمي محمد فوزي أن سريلانكا تعاني أزمات مركبة في الوقت الراهن؛ الأولى تتمثل في الانهيار السياسي داخل الدولة والأزمة الاقتصادية التي تعجز أي حكومة عن توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وتتعلق الأزمة الثانية بالخارج، لأن الدولة تواجه مشكلة كبرى جراء عجزها عن سداد ديونها الخارجية نتيجة تردي الوضع الاقتصادي.
وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، يقول فوزي إن القراءة الأولى للأحداث توحي بأن هناك حالة من التنظيم والتوافق بين قوى المعارضة التي شاركت في التظاهرات على اختلاف أيديولوجيتها ومرجعيتها الدينية والتبيانات الثقافية والاجتماعية التاريخية لدى المشاركين، لكن هذه الاختلافات يمكن أن تمثل عائقاً جدياً في الفترة المقبلة، مع بدء مشاورات تشكيل الحكومة، وهو ما قد يزيد الأزمة تعقيدا.
وبحسب فوزي فإن المعارضة نجحت في تحقيق هدف تاريخي بعد إجبار الرئيس على الاستقالة، ويتوجب عليها تجاوز الاختلافات الفكرية والهيكلية للتوجه نحو أهداف محددة خلال الفترة المقبلة لتحقيق بناء سياسي واقتصادي قادر على تجاوز الأزمة الراهنة.
وحول المساعدات المقدمة إلى سريلانكا خلال الفترة المقبلة، والتي قد تسهم بشكل كبير في معالجة الظروف الاقتصادية حسب فوزي، يمكن أن تركز على الأغذية ومستلزمات الدواء والمواد اللازمة بشكل عاجل، على أن يتم تقديم مساعدات طويلة المدى للمواطنين والحكومة المقبلة فيما بعد.