"تدجين" الإنهيار بالمعادلات "المُمَانِعَة" فهل ينفجر لبنان بغطاء دولي؟

كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم": 

غريب كيف تغيب التحذيرات الفرنسية والدولية من زوال لبنان حالياً، بعدما وردت مراراً وتكراراً منذ العام الفائت، لا سيّما على لسان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وذلك رغم أن الإنهيار لم يتوقّف بحسب أكثر من مصدر واسع الإطّلاع، وهو يُكمِل طريقه "عا السّكت"، وتحت أنظار الداخل والخارج معاً، وبعد مرور نحو شهر على تشكيل الحكومة الجديدة. 

صيف 2019

فمنذ الإعلان عن تشكيلها، استعاد لبنان حركة الزيارات الدولية التي شهدها في صيف عام 2019، لمسؤولين من مختلف البلدان، سمعوا قبل عامَيْن الكثير من الكلام والوعود عن محاربة الفساد، وعن تنفيذ البرامج الإصلاحية في مختلف القطاعات. فيما رأينا ترجمة تلك الحركة الخارجية، والوعود الداخلية، في ذلك الوقت، بالإنهيار الذي فجّر انتفاضة 17 تشرين الأول، وبعَدَم تحرّك دولي لمنع هذا الإنهيار، بعدما ظهر الكذب الإصلاحي اللبناني واضحاً. 

"تنفيسة"

اليوم أيضاً، حركة دولية، ووعود داخلية جديدة وكثيرة، بلا ملموسات واضحة حول كيفية الإلتزام والتطبيق، وسط مشهد معيشي لبناني مدمَّر، وانهيار يزداد، وسيطرة لـ "الأسواق السوداء" على كل ما في البلد، تقريباً.

فهل يُمكن أن تكون "التنفيسة" عسكرية هذه المرّة، بعد انهيار مالي وإقتصادي لم يدفع ثمنه إلا الشعب اللبناني وحده، بموازاة استنساخ السياسات اللبنانية غير الإصلاحية، وغير الصّديقة لاقتصاد سليم، ذاتها؟ 

صامت

الإنهيار اللبناني يُكمِل طريقه بصمت حالياً، بعدما تمّ تشكيل حكومة بصعوبة، وعلى وقع دخول المحروقات الإيرانية الى لبنان، بموازاة تحذيرات إسرائيلية متزايدة مؤخّراً، قد تكون أقرب الى إشارات على تصعيد عسكري مُحتَمَل، انطلاقاً من استمرار تدفّق الأسلحة الإيرانية بين الحدود، في المنطقة.

كما يُكمِل الإنهيار اللبناني الصّامت حالياً طريقه، على وقع احتمال تعثّرات قد تؤثّر على مسار فيينا التفاوُضي مع إيران، ولو بعد أسابيع من إعادة إطلاقه، وسط توقّعات عن محاولات إيرانية للتلاعُب بتلك الطاولة، من أجل الاستفادة بحصص أكبر، تُستثمَر في مرحلة ما بعد الإنسحاب الأميركي من أفغانستان. 

خيار عسكري

فهل ان ما هرب منه المجتمع الدولي بين عامَي 2018 و2019، على مستوى الخيار العسكري القادر على إعادة إدخال لبنان ضمن المنظومة الدولية، سنقترب منه مجدّداً، إذا تعثّرت مساعي تطبيق الإصلاحات اللبنانية بعد مدّة، وذلك بعد انهيار مالي واقتصادي دخل هو نفسه ضمن معادلات المنظومة الإقليمية "المُمانِعَة"؟ وماذا عن الكارثة التي ستحلّ على لبنان، في تلك الحالة؟ 

وَرَم

رأى الوزير السابق رشيد درباس أن "الأوضاع تبقى مفتوحة على كل الإحتمالات. فعند حالات الوَرَم، تأتي الحلول بطريقتَيْن في العادة، الأولى أن يزول لوحده بعد مرور مدّة زمنية معيّنة، والثانية بعملية جراحية، أذا استعصى الحلّ الأوّل".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "انطلاقاً ممّا سبق، لا يمكن استبعاد الخيار العسكري بالمُطلَق، حتى ولو أن لا إسرائيل جاهزة له، ولا أحد غيرها". 

قرارات دولية

وأوضح درباس أن "الهشاشة الداخلية الموجودة في الحُكم الإسرائيلي حالياً، رغم مرور أشهر على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، يجعل البنية الإسرائيلية غير جاهزة للحرب، إلا إذا كانت الفئة الحاكمة هناك ترغب بتثبيت وجودها السياسي بحرب".

وأضاف:"إذا حصل ذلك، فإن المتضرّر الأكبر سيكون لبنان والشعب اللبناني. ومن الصّعب أن تتغيّر الأوضاع السياسية اللبنانية بمجرد حدوث حرب. وأقصى ما يُتوقَّع في تلك الحالة، هو استعادة المشهد الذي رافق إنهاء "حرب تموز" في عام 2006، على مستوى دخول وسطاء، وصياغة قرارات دولية لا تُنفَّذ". 

خطّة

وأشار درباس الى أن "الموفدين الدوليين يزورون لبنان حالياً، لأنهم استبشروا خيراً من تشكيل الحكومة. ولكن آن لتلك الحكومة أن تُظهِر خطّتها المتعلّقة بالإنجازات، بما يبتعد عن كثرة الإجتماعات حصراً، و(أن تُظهِر) آلية عملها في كل مرفق يُنتَظَر منها أن تُنجز فيه".

وختم:"سبب غياب التحذيرات الدولية من الإنهيار اللبناني المستمرّ، هو أن كلّ الذين حذّروا من زوال لبنان في السابق، كانوا شركاء في تسهيل تشكيل الحكومة الجديدة. ولذلك، هم يرغبون بمنحها فرصة، وبعَدَم الإسراع في الحُكم عليها قبل الأوان، خصوصاً أنهم اعتبروا أن مجرّد تشكيلها، يخفّف من وتيرة الإنهيار".