تدهور الريال يضع الإيرانيين بقبضة "فقر مدقع"

فاقم التدهور الاقتصادي المتزايد في إيران من مظالم الإيرانيين ضد الحكومة بعد الشعور بالإحباط واليأس، لا سيما وأن الأفق "ضئيلة" للخروج من الأزمة الاقتصادية والتغيير السياسي، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وفقد الريال الإيراني حوالي 30 بالمئة من قيمته مقابل الدولار منذ بداية العام الحالي، في آخر انتكاسة لاقتصاد متدهور منذ عام 2018 الذي شهد انسحاب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي وفرضه لعقوبات قاسية على طهران.

وأشارت الصحيفة إلى أن العودة للاتفاق النووي الذي يتيح رفع العقوبات على إيران مقابل تقييد أنشطتها النووية غير مرجح الآن، في وقت استخدمت فيه السلطات القوة لسحق التظاهرات الشعبية التي اندلعت بعد وفاة الشابة، مهسا أميني، في سبتمبر الماضي.

وكان الإحباط من الحكام الثيوقراطيين سواء من جانب السياسات الاقتصادية أو القيود الاجتماعية، قد غذى الاحتجاجات الأخيرة، التي شكلت واحدة من أعظم التحديات للجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979.

قالت سيما ، 33 عاما، وهي صيدلانية من العاصمة طهران، "باعتباري شخصا كان يدرس طوال حياته، فإنا غاضب لأنني لا أستطيع أن أعيش حياة طبيعية أو أتحمل الحد الأدنى من متطلبات حياتي".

وتأمل سيما بالهجرة إلى كندا، لكن قيمة مدخراتها تراجعت مع انهيار العملة المحلية هذا العام. وأضافت: "ليس لدي مستقبل في هذا البلد".

ويرجع الاقتصاديون أسباب الأزمة الحالية إلى سنوات من العقوبات الغربية على صناعة النفط والقطاع المالي الإيراني ردا على برنامج نووي إيراني تشتبه الولايات المتحدة وحلفائها أنه يهدف لتطوير أسلحة.

وقال جواد صالحي-أصفهاني، الخبير الاقتصادي المولود في فرجينيا تك، "لقد وضعوا أنفسهم في وضع سيء للغاية".

وأضاف: "دون زيادة عائدات النفط، لا تملك الحكومة وسيلة لمساعدة الناس في العثور على وظائف أو منحهم مجرد دخل".

وتشير البيانات إلى أن الاقتصاد الإيراني نما وأن معدلات الفقر انخفضت بشكل مطرد حتى عام 2011 عندما فرض الغرب عقوبات شديدة.

وكان سعر صرف العملة المحلية يبلغ 32 ألف ريال أمام الدولار الأميركي في عام 2015 عندما تم توقيع الاتفاق النووي مع القوى الغربية، لكنه أصبح الآن 500 ألف ريال للدولار مما جعل الفقر ينتشر في جميع أنحاء البلاد، لا سيما المناطق الريفية.

ويلقي زعماء إيران باللوم على العقوبات الغربية في المشاكل الاقتصادية والتدخل الأجنبي في الاضطرابات الأخيرة.

وقالت ليلي (39 عاما) وهي معلمة بمدينة آمول شمال إيران، إن سعر الشامبو ارتفع بنحو 60 بالمئة في أسبوع، بينما زادت أسعار اللحوم عشرة أضعاف.

من أجل الادخار، على حد قولها، توقفت هي وزوجها عن استخدام سيارات الأجرة وبدلا من ذلك اعتمدت على المشي. كما توقفا عن تناول اللحوم ومنتجات الألبان واشتروا المزيد من السلع المعلبة لتقليل استهلاك غاز الطهي.

قالت ليلي وهي مثل الإيرانيين الآخرين الذين قابلتهم صحيفة "نيويورك تايمز" في هذا التقرير، لم تذكر سوى اسمها الأول لتجنب انتقام الحكومة، "نحن غير قادرين تماما على توفير الأساسيات".

وأضافت: "هذا النظام السياسي هو السبب في أننا نعمل معظم اليوم، وفي النهاية، ما زلنا لا نملك شيئا".

قال محللون إن القيود الجديدة على تدفق الدولارات إلى العراق المجاور جعلت العملة الصعبة أكثر ندرة في إيران، الشريك التجاري الرئيسي.

ويلقي محللون أيضا باللوم أيضا على الفساد وسوء الإدارة في الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعيشها إيران.

وقال محمد علي كاديفار، عالم الاجتماع في كلية بوسطن الذي يدرس حركات الاحتجاج الإيراني، "بسبب هيمنة المتشددين، فإن الأشخاص الذين يتلقون وظائف حكومية هم من المخلصون الذين ليس لديهم خبرة"، مما يجعل النظام "غير قادر من حل المشكلات".