ترامب ألغى قصف مواقع إيرانية قبل دقائق من التّنفيذ فماذا عن اغتيال السّفيرة الأميركية؟!

هل هي صدفة أن تُعلِن الولايات المتحدة الأميركية، عبر تقارير إستخباراتية، أن إيران تعمل على اغتيال السفيرة الأميركية في جنوب أفريقيا لانا ماركس، القريبة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انتقاماً لقائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني؟ وهل هي صدفة أن يُعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنه يأخذ تلك التقارير على محمل الجدّ؟ وهل هي صدفة أن يغرّد ترامب، متوعّداً بأن أي هجوم من جانب إيران ضدّ الولايات المتحدة، "أياً كان شكله"، سيُجابَه بردّ أقوى بألف مرة؟

 

"إعلان حرب"؟

هذا الكلام يخرج من دائرة أي عمل عسكري إعتيادي، الى فضح الأنشطة الإيرانية في الخارج، ولا سيّما على مستوى شبكات التجسُّس والأعمال السرية التي أقامتها طهران في أفريقيا، كما في أوروبا والقارة الأميركية، والتي تمكّنها من القيام بعمليات مُعقَّدَة، وغير تقليدية.

معطيات متعدّدة في هذا الإطار، كانت وُضِعَت بين يدَي الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قبل سنوات، لكنّه أهملها في ذلك الوقت. فهل وجد ترامب أن الوقت حان، للعمل مع طهران وفق استراتيجية جديدة، تقوم على صراع جديد وغير تقليدي، قوامه اعتبار أي نشاط إيراني خارج الحدود الإيرانية بمثابة "إعلان حرب"؟

 

الضّغوط الأشدّ

رأى الصحافي والخبير في الشؤون الأميركية موفّق حرب أن "المواجهة بين واشنطن وطهران مرّت منذ انطلاق "الثورة الإسلامية" في إيران، عام 1979، بكثير من المراحل على ضوء تطوّرات الشرق الأوسط".

وأوضح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "تقاطعاً معيّناً حصل بين الطرفَيْن خلال حروب الخليج الأولى والثانية والثالثة، وبموازاة إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والهجوم الأميركي على أفغانستان بعد أحداث 11 أيلول عام 2001".

وأضاف:"بعد توقيع "الإتفاق النووي" عام 2015، دخلت العلاقات مرحلة جديدة انتهت مع انتخاب ترامب، الذي دشّن عصر المواجهة المباشرة مع إيران بخروجه من هذا الإتفاق، وتطبيقه مسار الضّغوط الأشدّ عليها".

 

"كوما"

وشرح حرب:"أخذت تلك المرحلة طابعاً يشبه المواجهة العسكرية المباشرة بين الطرفَيْن، فأسقطت إيران طائرة أميركية من دون طيار العام الماضي، فيما ألغى ترامب القرار بضرب مواقع إيرانية قبل دقائق من تنفيذ العملية. وتُوِّجَ هذا المسار من جانب واشنطن باغتيال سليماني. ومنعاً للمواجهة الكبرى بعد قتله، تمّ تبريد الأمور بإطلاق بعض المساجين، وبالإفراج عن بعض الأموال الإيرانية في مصارف أوروبا".

ورأى أنه "في مرحلة الإنتخابات، لن تدخل واشنطن في مواجهة على مستوى كبير، وهي حالياً في ما يُشبه الـ "كوما". ولكن رغم ذلك، ستُكمل المؤسّسات المُكلَّفَة بمتابعة ملفات معيّنة عملها، لأنها لا تتأثّر بالإنتخابات، ومن بينها الخزانة الأميركية التي تلاحق كل من له علاقة بتمويل الإرهاب وإيران".

 

علنيّة أو سريّة

ولفت حرب الى أن "احتمالاً معيناً كان يقوم في وقت سابق على مسعى فرنسي لإبرام شبه اتّفاق بين إدارة ترامب وإيران، على غرار October Surprise مثلاً، حول "الملف النووي" الإيراني. ولكن يبدو أن هذا الأمر انتهى كلياً".

وتابع:"واضح أن لا رغبة لدى الطرفَيْن، بالقيام بأي مفاوضات علنية أو سرية في الوقت الراهن. فالإدارة الأميركية قرّرت التوجُّه نحو منطقة الخليج، وتحقيق انتصارات في عملية السلام بين بعض الدول الخليجية وإسرائيل. وهذا يعني أن إدارة ترامب تخلّت عن تحقيق إنجاز ديبلوماسي مع إيران، حالياً".

 

الإنتقام لسليماني

وحول إمكانيات الردّ الإيراني على مقتل سليماني، وفرض واشنطن عقوبات إضافية على إيران عشيّة الإنتخابات الرئاسية، قال حرب:"أي عمل من هذا النّوع من قِبَل إيران سيخدم ترامب في حملته الإنتخابية. فَيَد الرئيس الأميركي على الزناد، وهو لن يتردّد بتوجيه عملية عسكرية نحو إيران، لأن الأميركيين يحبّون ذلك إذا كان دفاعاً عن المصالح الأميركية، مهما كانت العملية قاسية".

وختم:"كلّ أنواع العقوبات مفروضة على إيران، وحصلت محاولة أميركية داخل الأمم المتحدة، أفشلتها فرنسا والإتحاد الأوروبي، لتمديد فرض حظر الأسلحة على طهران في مجلس الأمن الدولي. وهذا ما سمح لباريس، بحسب بعض المعطيات، بأن تلعب دوراً في لبنان، وبسماح إيران بدخول مواقع نووية حسّاسة فيها، من قِبَل مفتّشين من "الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وبالتالي، لا شيء يُمكن انتظاره بعد العقوبات المفروضة حالياً سوى الصّدام العسكري، وهو احتمال بعيد في الوقت الراهن".