ترامب لخامنئي: الاتفاق أو الدمار

مع استمرار الجمود في مساعي استئناف المفاوضات بين واشنطن وطهران، بعد حرب الـ 12 يوماً التي شنتها إسرائيل على إيران تحت عنوان تدمير البرنامج النووي، والتي شاركت فيها الولايات المتحدة بضرب 3 منشآت نووية إيرانية أساسية، علمت «الجريدة» من مصدر رفيع في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي أن الأخير تلقى رسالة شفهية من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هي الأولى بعد مواجهات الشهر الماضي تتضمن تحذيرات شديدة لطهران.

وكشف المصدر أن هذه الرسالة نقلها إلى طهران وزير الداخلية الباكستاني سيد محسن نقوي، الذي زار إيران قبل أيام للمشاركة في اجتماع ثلاثي إيراني- باكستاني- عراقي، التقى على هامشه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

وأوضح أن نقوي سلّم للجانب الإيراني رسالتين، الأولى موجهة إلى بزشكيان من رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، والأخرى لخامنئي شخصياً من قائد الجيش الباكستاني النافذ عاصم منير، الذي زار واشنطن في 17 الشهر الماضي في غمرة الحرب الإسرائيلية- الإيرانية، وتناول الغذاء مع ترامب قبل أيام قليلة من عملية «مطرقة منتصف الليل»، التي قصف خلالها الجيش الأميركي منشآت نطنز وأصفهان وفوردو النووية الإيرانية.

وقال إن رسالة منير كانت عبارة عن رسالة شفهية حمّله إياها ترامب لإيصالها إلى خامنئي، يؤكد فيها الرئيس الأميركي ما يردده علناً، أنه لا يسعى إلى حرب مع إيران بل يريد لها أن تستعيد مكانتها في المنطقة والمجتمع الدولي، وأن عليها النظر إلى حرب الـ 12 يوماً كدرس عملي قيّم، وأنه لا يمكنها التعويل على روسيا أو الصين، ولا حتى على أذرعها في العراق ولبنان وغيرهما، وأنها ستكون وحيدة في أي مواجهة جديدة مع تل أبيب وواشنطن.

وأشار إلى أن ترامب نصح المرشد بالتفكير ملياً في الطريقة التي تخلّت فيها موسكو عن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، واعتبر أن طهران لن تكون أكثر أهمية لموسكو من سورية التي كانت حليفتها الرئيسية في المنطقة، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتخلى عن إيران دون أن يرف له جفن، كما أن الصين لن تتجرأ على مواجهة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وذكر المصدر أن الرئيس الأميركي تحدث في رسالته عن شرطين فقط للاتفاق مع طهران، الأول أن توقف بشكل ملموس سعيها إلى تصنيع سلاح نووي بما يعنيه ذلك من ضرورة أن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم بنفسها، والآخر أن تضع حداً لعدائها مع إسرائيل وتندمج بالشكل الذي تراه مناسباً مع مشروع السلام الإقليمي الذي تقوده واشنطن بالمنطقة، وأنه في حال وافقت على هذا الإطار العام فإنه يمكن تحضير لقاء بأسرع وقت بين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية عباس عراقجي للحديث عن التفاصيل، وأنه مستعد شخصياً للقاء المرشد لتوقيع اتفاق تاريخي بين البلدين يحل جميع الخلافات.

 وبين أن ترامب شدد على أن إيران أمام خيارين، الذهاب إلى مستقبل زاهر إذا وافقت على الانخراط الإيجابي مع المطالب الأميركية، أما في حال أصرّت على سياساتها السابقة، فإن ما سيصيبها سيكون أعظم بكثير مما شهدته خلال حرب الـ 12 يوماً، وأنه شخصياً لا يريد لذلك أن يحدث. وحسب المصدر، شدد ترامب على أن إدارته تعتبر أنها دمرت البرنامج النووي لإيران، لكن إذا ما حاولت إعادة بناء مشروعها واستئناف أنشطتها، فإنها تعلم ماذا سيحصل، في إشارة إلى شن ضربات جديدة ضدها. وفيما بدا أنه رد من المرشد على تحذيرات ترامب، قال خامنئي الأربعاء الماضي، إن بلاده مستعدة للرد على أي هجوم عسكري جديد، مؤكداً قدرتها على توجيه ضربة أقوى لخصومها من تلك التي وجهتها خلال حربها مع إسرائيل.

وفي رسالة ضمنية إلى موسكو وبكين وكذلك واشنطن، قال خامنئي: «على الأصدقاء والأعداء أن يعلموا أن إيران لن تكون ضعيفة، ويدها مملوءة في الساحة العسكرية والساحة الدبلوماسية».

 جاء ذلك في حين كشفت شبكة «إن بي سي نيوز» الإخبارية الأميركية، أن ترامب رفض، الشهر الماضي، ضربة أكثر شمولاً لإيران، عرضتها عليه القيادة الوسطى في الجيش الأميركي كانت ستستمر عدة أسابيع بدلاً من ليلة واحدة فقط، مضيفة أن تقييماً جديداً أجرته واشنطن أظهر أن أحد المواقع الثلاثة لتخصيب اليورانيوم في إيران التي استهدفتها واشنطن الشهر الماضي قد دُمّر بشكل شبه كامل، ما أدى إلى تعطيل العمل فيه بشكل كبير، لكن الموقعين الآخرين لم يتعرضا لأضرار بالغة، وقد يكون الضرر فيهما جزئياً فقط، إلى حد قد يتيح استئناف التخصيب النووي خلال الأشهر المقبلة إذا رغبت طهران في ذلك.

وبحسب الشبكة الأميركية، فإن هناك نقاشات داخل كل من الحكومتين الأميركية والإسرائيلية حول ما إذا كان ينبغي تنفيذ ضربات إضافية على المنشأتين اللتين لم تُدمرا كلياً، إذا لم توافق إيران قريباً على استئناف المفاوضات مع إدارة ترامب بشأن الاتفاق النووي، أو إذا ظهرت مؤشرات على أنها تحاول إعادة بناء المنشآت.