ترامب ونتنياهو غداً... صوغ جديد للشرق الأوسط ديموغرافياً وجغرافياً

يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض غداً، على خلفية شرق أوسط "غيرت وجهه" الحرب الإسرائيلية التي استمرت 15 شهراً، في ظل توقعات بعودة نتنياهو من اللقاء بمزيد من العطايا الاستراتيجية، التي سيغدقها عليه ترامب.   

   
وقبل كل شيء، تحيط باللقاء رمزية كبيرة، كون نتنياهو أول زعيم أجنبي يلتقيه ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني. مثلاً الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لم يستقبل نتنياهو في البيت الأبيض إلا بعد حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. أي عقب مرور سنتين على توليه منصبه.      
 لبى نتنياهو طلب ترامب وقف النار في غزة، في مقابل أثمان كبرى حصل عليها من الولايات المتحدة، تبدت أولى معالمها باقتراح الرئيس الأميركي نقل سكان غزة إلى مصر والأردن بذريعة التمكن من "تطهير" القطاع من الركام والبدء بإعادة البناء.    

ووافق نتنياهو مبدئياً على الانتقال إلى التفاوض على المرحلة الثانية من اتفاق غزة، لكنه أرجأ الجولة الأولى التي كان يفترض أن تبدأ في الدوحة الإثنين، إلى ما بعد لقائه ترامب، وذلك بغية الحصول على ضمانات منه بأن واشنطن ستقف إلى جانبه وتمنع إسقاط ائتلافه الحكومي، وبألا يبقى تحت رحمة وزير المال بتسلئيل سموتريتش ومواقفه المتقلبة. ويفتح ذلك الباب أمام احتمال أن يطلب ترامب من أحزاب في المعارضة الإسرائيلية الانضمام إلى الحكومة الإسرائيلية.   

سيؤكد نتنياهو أمام ترامب مجدداً أن هدنة غزة لا تعني وقف الحرب، وأنه سيواصل مطاردة "حماس" حتى "النصر المطلق". "نصر" لا يتحقق في رأيه إلا إذا "جرى التعامل مع محور الإرهاب الإيراني بكل مكوناته"، وعندها فقط "يمكننا  بالعمل الوثيق مع ترامب، إعادة رسم خريطة المنطقة بشكل أكبر وإلى الأفضل". 

      
وترامب ليس بعيداً من أفكار نتنياهو، والتغيير الديموغرافي الذي يقترحه في غزة، هو بداية المسار نحو ترجمة لوضع صيغة جديدة للمنطقة، تقوم أيضاً على احتمال اعتراف واشنطن بمستوطنات الضفة الغربية جزءاً من إسرائيل، وربما توسيع الاعتراف ليشمل الأراضي الجديدة التي احتلتها إسرائيل في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، في حين لا يزال الغموض يكتنف مسألة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان.   


من أولى القرارات التي اتخذها ترامب فور عودته إلى البيت الأبيض، كان رفع العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على عدد من المستوطنين، الذين ينكّلون بالفلسطينيين ويحرقون قراهم في الضفة. وأعلن ترامب دعمه قرار إسرائيل حظر عمل وكالة "الأونروا"، وأقر مجلس النواب الأميركي قانوناً يفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية بسبب اصدارها مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة. وإذا لم ينجح مجلس الشيوخ في إصدار قانون مماثل، فإن ترامب سيصدر أمراً تنفيذياً في هذا الصدد. كما أن محكمة العدل الدولية هي الأخرى لن تكون بمنأى عن عاصفة ترامب، في حال مضت في التحقيق في دعوى جنوب أفريقيا حول ارتكاب إسرائيل إبادة في غزة.    
وعندما يتحدث ترامب عن اعتزامه تحقيق السلام في الشرق الأوسط، فإنه لا يعني السلام القائم على الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإنما يعني تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية ودول عربية أخرى. 


لكن نتنياهو لا يكتفي بذلك، بل سيعمد إلى إقناع ترامب بوجهة نظره القائمة على أن عملية تغيير الشرق الأوسط، لن تكتمل إلا بإسقاط النظام الإيراني، سواء بالعمل العسكري المباشر أم بالضغوط الاقتصادية القصوى. لكن ترامب لا يرى أن تغيير النظام في إيران يقع على عاتق الولايات المتحدة، ويحاذر التورط في حرب مباشرة أخرى في الشرق الأوسط، ويفضل كما صرح مراراً التوصل إلى اتفاق مع طهران حول برنامجها النووي يتضمن أيضاً قيوداً على نشاطاتها الإقليمية.