ترامب يهيئ ارضية السلام...ايران تسمح بقطع اذرعها مقابل رأسها

بقدر فرحة السوريين العارمة بتحريرهم من النظام الاسدي المتجذر ومن عانى من ممارساته اعتقالا وتهجيرا ونفيا وقمعا واستغلالاً ، تتداخل مشاعر اللبنانيين فرحا وحزناً. فرح يكاد يفوق غبطة المعارضين السوريين انفسهم عكسته مشاهد بعض المحررين من سجون الاعتقال السورية ابان وصولهم الى لبنان، وقد وصل منهم سهيل الحموي اليوم الى شكا بعد 33 عاما من السجن والمعاناة والعذاب، واحتفالات عمت مناطق عانت الأمرّين جراء "سلبطة" النظام واتباعه عليهم على مدى عقود قبل 26 نيسان 2006 وبعده ، وحزن من جانب اتباع محور الممانعة الذي لطالما شكل نظام الاسد الديكتاتوري سندا قويا له ، وقد جاء السقوط المدّوي ليهشّم الدعاية الفارغة التي رفعها المحور اياه في اعقاب ضربات قاضية تلقاها انصاره في لبنان على يد اسرائيل فسقطت كل رموزه وقياداته من اعلى الهرم الى اسفله  ودمرت مقاره ومخازن اسلحته وقرى ومدن تمدد فيها نفوذه وتغلب على الدولة. الحزن ايضا لا بدّ حاضر لدى من انكروا وتنكروا لوجود معتقلين لبنانيين في اقبية سجون تكشّف منها المعلن والسري ، لا لشيء الا لغايات وصولية ثبت في نتيجتها انها انقلبت ضررا عليهم اكثر مما قدمت لهم نفعاً. والحزن ايضا وايضا لدى لبنانيين قدموا ولاءهم للنظام السوري على حساب وطنهم ومصالحه العليا، طمعا بمناصب ومواقع اندحرت كلها مع تهاوي النظام او هي على الدرب.  

وبعيدا من المشاعر واختلاطها وما اذا كان الفريق الذي يعتبر نفسه خاسراً جراء انهيار محوره بسقوط اعتى الديكتاتوريات وتلقيه صفعة أيقظته من كذبة الدعاية الفارغة وفائض قوة السلاح والسطوة، تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" ان ما جرى ويجري في المنطقة من غزة، المتوقع الا تكون بعيدة عن اتفاق وقف النار، الى لبنان وما حملته التطورات من تدمير ودكّ بنية حزب الله وهيكليته، الى سقوط نظام بشار الاسد، ليس الا غيض من فيض سيغمر المنطقة بأكملها في وقت لم يعد بعيداً. فالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إن وعد وفى ،وهو اعلن في خطاباته إبان حملته الانتخابية وبعد الفوز انه عازم على احلال السلام والاستقرار في الشرق الاوسط وسيفعل ليدوّن التاريخ في سجله ان عهده فرض السلام. وتلفت الى ان اجتماعه مع الرئيس جو بايدن معطوفا على اتصالات يجريها بعيدا من الاضواء مع قادة دول كبرى، لا بد رسمت مخطط التسوية الكبرى للمنطقة والعمل جارٍعلى تنفيذه، حتى حينما يتسلم الحكم في 20 كانون الثاني المقبل تكون الارضية جاهزة لاطلاق التسوية الكبرى والشروع في مسار جديد يبدأ بحل الدولتين ولا ينتهي بالتطبيع العربي مع اسرائيل.

مشهدية اندحار نظام الاسد ليست صدفة ولا نتاج خطة المعارضة السورية ولا التراخي الايراني في الدفاع عن نظام حليف بذلت طهران الغالي والنفيس عبر اذرعها في المنطقة اثر اندلاع الثورة السورية للحفاظ عليه ومنع سقوطه، ولا هي نتيجة غض طرف روسي ومؤامرة تركية ولا حتى عجز حزب الله عن مساندته، وقد اعلن امينه العام الشيخ نعيم قاسم ان الحزب يساند النظام، انما نتاج قرار كبير وأكبر من كل هؤلاء على الارجح بقطع رأس الافعى الايرانية لمنعها من بث سمومها في دول المنطقة، بعدما رفضت طوال الاعوام الماضية كل المحاولات المبذولة لوقف تدخلها فيها والعبث بالاستقرار وتهديد امن اسرائيل القومي، والا وخلاف ذلك فالفرضية الأكثر ترجيحا تقول ، بحسب المصادر، ان ايران وبعدما اشتدّ الخناق حول عنقها الى اقصى حدّ ، سلّمت بالأمر الواقع وابرمت تسوية مع الغرب، تقضي ببيع كل من تجنّد في سبيلها في عواصم نفوذها الاربعة عبر السماح بقطع اذرع الاخطبوط مقابل الحفاظ على رأسها ،وهو ما حصل ويحصل من حماس الى حزب الله فالنظام السوري، على ان يشمل الاتفاق سائر الاذرع من الحشد الشعبي في العراق اذا اقتضى الامر، الى الحوثيين في اليمن إن لم يعودوا الى كنف الدولة اليمنية. آنذاك يصل قطار التسوية الى محطته الاخيرة وينفذ ترامب وعده وينقضي زمن ايران ويسقط حلمها التوسعي تماما كسقوط نظام الاسد.