المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الجمعة 26 نيسان 2024 15:59:10
كان يفترض أن نكون كلبنانيين اليوم نحيي ذكرى جلاء الإحتلال السوري من لبنان ونعيش الإستقلال الثاني الذي صنعه اللبنانيون في لحظة وطنية وتاريخية. كان المفروض أن نحيي الذكرى على أنقاض ماضٍ وذكريات ولكن ذاك الـ26 من نيسان 2005 ،وكان يوم ثلثاء، ما زلنا نستذكره بغصة لأننا باختصار ما زلنا نرزح تحت احتلال خلف هو الإحتلال الإيراني شاء من شاء الإعتراف بذلك وأبى من أبى. فهل ثمة 26 نيسان آخر يعيد إلينا وطناً يشبهنا؟
14 شباط 2005 اغتيل رئيس الحكومة رفيق الحريري بعد 6 أشهر على إصدار مجلس الأمن القرار الدولي الرقم 1559 الذي طالب جميع القوات الأجنبية المتبقية في لبنان بالانسحاب، ودعا إلى حل جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها، وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع أراضيها. وبعد شهرين خرج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005. يومها قيل إنه لولا اغتيال الحريري لما تم الإنسحاب السوري فهل تم بفعل الجريمة أم بفعل القرار 1559 ؟ وهل المطلوب اليوم حدث بحجم جريمة اغتيال الحريري لإنهاء الإحتلال الإيراني أم ترتيب أولويات المبادرات الداخلية لتتلاقى والظروف الإقليمية والدولية؟
هل المطلوب توجيه نداء تاريخي بحجم نداء بكركي الشهير عام 2000 نداء بكركي الداعي إلى الانسحاب السوري حيث تبلورت معارضة داخلية، بدأت مسيحية في إطار ما كان يعرف بلقاء قرنة شهوان، وتحولت تدريجاً إلى وطنية ضمت في صفوفها دروزاً وسنة وشخصيات شيعية مستقلة، استندت إلى نداء المطارنة الموارنة للعمل على تحقيق مطلب الانسحاب السوري من لبنان ؟
رئيس لقاء سيدة الجبل النائب السابق فارس سعيد يؤكد عبر "المركزية" أن الإتكال أولا وآخراًعلى اللبنانيين الذين صنعوا انتفاضة الإستقلال الثاني، ويقول" قبل 19 عاما خرج الجيش السوري من لبنان نتيجة انتفاضة الاستقلال التي انطلقت على أثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري. وهذه الإنتفاضة صنعها اللبنانيون بفضل وحدتهم حين وضعوا المصلحة اللبنانية فوق كل اعتبار ليقولوا لجيش الإحتلال والنظام أن لبنان ذات مرجعية وسيادة وليس لكم موطئ قدم فيه. لكن لسوء الحظ جاء الإحتلال الإيراني مكان السوري والإتكال مجددا على اللبنانيين لإعادة توحيد القراءة السياسية وترتيب الأولويات وخوض معركة الإستقلال مجددا وكل المعارك الأخرى من إصلاح النظام إلى موضوع النازحين السوريين والشأن الإقتصادي وسواها من المعارك، وهي لا تُخاض إلا إذا استعاد اللبنانيون قرارهم الوطني ".
قبل 26 نيسان 2005 كان رجالات سوريا في لبنان يقسمون بإسم النظام وبشار الأسد في لبنان الذي لم يكن يشبهنا. اليوم ثمة رجالات وحزب يعمل وفق الأجندة الإيرانية ومصالحها في المنطقة، ويأخذ لبنان إلى محاور وحروب بإسم الولاء لإيران، ويملك قرار الحرب والسلم .فهل خيار الإتكال على اللبنانيين من جديد صائب؟
يؤكد سعيد لـ"المركزية" أن "الظروف الخارجية والإقليمية تشكل لحظة سياسية تاريخية أفضل مما كانت عليه في العام 2005 وتتمثل بالمواقف تجاه إيران سواء من الولايات المتحدة الأميركية والدول العربية والخليج العربي والسعودية على رغم التفاهم الإيراني –السعودي. إلا أن الأكيد ان لا المملكة العربية السعودية ولا أي دولة عربية وخليجية ستقبل ببسط النفوذ الإيراني أو وضع إيران يدها على 4 دول عربية وازنة وبالتالي فإن الظروف الإقليمية أفضل".
المقاربة لا تلغي وجود نقاط تمايز" في الـ 2005 التقت الظروف الإقليمية بمبادرات وطنية.اليوم لا توجد مبادرة وطنية جامعة لكن ثمة خطوات للتلاقي تمهد إلى ما نرجوه. المهم أن تتعالى المبادرات الداخلية عن الحزبيات والحساسيات والطائفية والتفاوت في الأولويات وتصوّب البوصلة".
بالنسبة إلى سعيد الهدف من أي مبادرة واضح وهو تحرير لبنان من الإحتلال الإيراني" فحزب الله الذي يعمل بموجب الأجندة الإيرانية يمنع قيام الدولة في لبنان وهذا يعني عدم القدرة على حل كل المشاكل والأزمات . فثمة من يعتبر أن أزمة النزوح السوري أولوية لكنها نتيجة تفلت الحدود وانهيار المؤسسات وشل قدرات الدولة. وهناك من يعتبر أن هناك أزمة نظام وأزمة دستور ويجب إدخال تعديلات على اتفاق الطائف ... وأنا أصر على أن هناك أزمة استقلال والمعركة هي معركة رفع الإحتلال الإيراني".
كل هذه الأزمات مهمة ويجب التصويب عليها لكن "المطلوب إعادة ترتيب الأولويات مع الحفاظ على الوحدة الوطنية وليس إلى إطار يعالج أزمات هي نتيجة لممارسات وتحكم أدوات الإحتلال الإيراني بسيادة وقرار الدولة" يختم سعيد.
26 نيسان 2005. من كان يصدّق أنّ القوات السورية ستخرج يوما من لبنان؟ من كان يصدّق أن اللبنانيين ناموا تلك الليلة من دون أن تكون هناك دبابة سورية واحدة على الأراضي اللبنانية؟ من كان يصدق أن الثورة ستندلع في سوريا ونبوءة سمير قصير ستتحقق يوما وأن الشعب السوري لن يقبل بعد 2011 العيش أربعة عقود أخرى من الذلّ.
فلنصدق لمرة بأن المبادرات التي تولد عشية ذكرى خروج الجيش السوري ستزهر ذات نيسان إستقلال لبنان الثالث والحقيقي.