تسمّم بـ"الكافيين"... الأونروا: لا شبهة جنائيّة

لم يمر صباح اليوم بشكله المعتاد على الطاقم الطبيّ والتمريضيّ في مخيّم عين الحلوة، إذ تمّ نقل 7 أشخاص، من بينهم 3 أطباء إلى المستشفى بصورة عاجلة، بعد الاشتباه بتعرّضهم للتسمّم بظروف غامضة، وبدأت التساؤلات حول إمكانية الشبهة الجنائيّة.

الاسئلة الصعبة
لا يختلف اثنان على أن الظروف العامة للمخيّمات في لبنان تعيسة، لا سيّما تلك الصحيّة، ولكن عندما تصل عواقب الأمور إلى الفريق الطبيّ التابع للأونروا، لا بدّ من التوقف عند نقاط عدّة. فإذا كان هذا الفريق يفتقد إلى الأمان داخل عين الحلوة، ما مصير سكّان المخيّم إذاً؟ وهل مَن يحاول "قتل" الطاقم بأكمله بدم بارد؟ وما الأسباب وراء هذا الفعل المشبوه؟

في الواقع، كلّ هذه الأسئلة طُرحت بكثرة منذ لحظة انتشار الخبر حتّى الساعة، في حين تواصلت "المدن" مع قائد القوّة المشتركة الفلسطينيّة في منطقة صيدا، العقيد عبد الهادي الأسدي، الذي كشف أن "كلّ ما يُشاع حول وقوع جريمة محاولة قتل لا صحة له بتاتاً، إذ تمّ فتح تحقيق فوريّ، وأجرت الفرق المختصّة كشفاً كاملاً على المكان ومبنى العيادة، وخلصت التحقيقات إلى أنّ السبب وراء حالات التسمّم هو نتيجة إهمال بالتنظيف أو تسمّم بـ"الكافيين"، ليس إلّا"، داعياً "وسائل الإعلام إلى التوخّي من دقّة الخبر قبل تناقله".

وفي سياق متّصل، يُشير الأسدي إلى أن "هذه المرّة الأولى التي يتمّ فيها تسجيل حالات مشابهة داخل مخيّم عين الحلوة، مع العلم أن تحقيقاتنا لم تُثبت وجود أي شيء مريب أو حجة جرميّة، إلّا أنّنا سنُتابع التحقيق مع المصابين عند خروجهم بشكل مفصل واستناداً إلى تقرير الطبيب المختصّ سنُصدر بياناً تفصيلياً حول الحادثة".

الأونروا تشرح
بعيداً عن نظرية المؤامرة التي فكّر بها البعض وتناقلتها بعض الوسائل من دون الرجوع إلى الأونروا، ممّا أحدث "بلبلة"، أكّد مدير مكتب "الأونروا" في منطقة صيدا الدكتور إبراهيم الخطيب لـ"المدن" أنّه "هناك سبعة أشخاص من أصل 17 تقريباً، ظهرت عليهم عوارض التسمُّم، و4 منهم استدعت حالتهم إدخالهم إلى المستشفى بشكل عاجل، فيما تمّ نقل 3 غيرهم بعد نحو نصف الساعة إلى مركز طبيّ قريب للمعاينة من باب الإطمئنان".

وفي التفاصيل، يلفت الخطيب إلى أنّه "قرابة الساعة الثامنة صباحاً، حضر الموظفون كالمعتاد إلى مكاتبهم، وقاموا بتحضير القهوة، كما تناولوا فطورهم كأيّ يوم عاديّ، ولكن بعد مرور نصف ساعة، بدأ بعضهم يشعر بأوجاع متفرقة وغثيان ووجع رأس مؤلم، فجرى نقلهم إلى مستشفَيي حمود ومركز لبيب الطبي في صيدا للاشتباه بتعرّضهم إلى التسمّم"،. وأشار إلى أن "كلّ الحالات التي تمّ إدخالها إلى المستشفى خرجت بعد معاينتها وموافقة الطبيب المعالج، وهم بحالة جيّدة الآن، وقد يكون ما حصل معهم ناتجاً عن تسمّم بالكافيين أو نتيجة تناولهم أيّ شيء آخر، لا يمكنني التحديد حالياً، ولكن ما أؤكّده هو استبعاد حصول أيّ شبهة جرميّة، بخاصة وأنّ من حضّر القهوة شربها مع الطاقم، ونُقل بعدها إلى المستشفى نتيجة تسمّمه أيضاً، خلافاً لكلّ الشائعات التي أُطلقت في هذا الإطار، وما يهمنا كمنظمة اليوم أن طاقمنا بخير، وهذا كلّ ما نركز عليه".

هزة جديدة؟ 
"أوجاع مؤلمة وحريق في المعدة"... تتحدّث الممرضة في الأونروا، التي رفضت الكشف عن اسمها بإنتظار البيان الرسميّ للمنظمة، في حديث مع "المدن" عن العوارض التي شعرت بها قبل نقلها إلى المستشفى. "في البداية، فكّرت أنّني الوحيدة التي أشعر بهذه العوارض، إذ كنّا نتبادل أطراف الحديث ونمازح بعضنا بشكل طبيعيّ، وبعدها فجأة بدأت أشعر بالدوار والغثيان، فقلت في نفسي هل نتعرّض إلى هزّة أرضية أخرى؟ غير أن زميلتي أمسكتني من يدي وسألتني ما إذا كنت أشعر بأيّ آلام في المعدة، عندها تأكّدت أنّنا تعرّضنا للتسمّم الفوسفوريّ، أيّ التسمّم الناتج عن تنشقّ أو التعرّض لمركبات عضويّة معيّنة، وغالباً ما تزول أعراضه بعد مرور ساعات قليلة أو قد تدوم لأيّام، حسب بُنية جسم الشخص ومناعته"، تقول الممرضة.

في مخيّم عين الحلوة، حالة تأهبّ طبيّة تامّة، فسكّانه عموماً لا يواجهون مشاكل في نظافة المياه خلافاً لباقي المخيّمات، خصوصاً داخل عيادة الأونروا، فهل انتقلت عدوى التسمّم من شاتيلا إلى صيدا؟ وهل من ضرورة إلى إجراء اختبارات وفحوصات جديدة؟
الأكيد أن اسباب التسمم بحاجة إلى توضيح كي لا تتكرر التجربة وتؤدي إلى ما هو أخطر.