تشدد قضائي مُلفت: لا إخلاءات سبيل للصرّافين المضاربين الكبار

رُفع الغطاء عن كبار الصرافين المضاربين على العملة الوطنية، وتمسّك القضاء بقرار توقيفهم ومعاقبتهم على أعمالهم التي اعترفوا بها خلال التحقيقات، والتي ساهمت في تدهور العملة الوطنية وسقوطها أمام الارتفاع المستمر للدولار الأميركي. وهكذا يستمر إصرار القضاء على المحاسبة، بعد رفضه إخلاء سبيل أي موقوف، وصدّه لجميع الضغوط السياسية التي ترافقت مع قرار توقيف بعض كبار الصرافين.

قرار التوقيف
وكان قاضي التحقيق الأول، شربل أبو سمرا، قد حدّد جلسة لاستجواب الصرافين يوم الثلاثاء الماضي، 21 شباط. وبعد انتهاء الجلسة والتي دامت حوالى خمس ساعات متواصلة، استجوب فيها حوالى 18 صرافاً، قرر بناءً على إفاداتهم إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحق علي نمر خليل، عيسى كنج ومذكرة توقيف غيابية بحق خالد موسى (المتواري عن الأنظار)، وبإخلاء سبيل بعض الصرافين، بكفالة تتراوح بين 50 و900 مليون ليرة لبنانية.

ومن "الطبيعي" أن لا يمر قرار توقيف علي نمر خليل مرور الكرام، فهو إبن منطقة الشياح وأحد المشاركين في أحداث الطيونة، الصادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية، كما أن بعض المعلومات المتداولة تؤكد أنه مقرّب من حركة أمل. ومن أجل ذلك، قرّر "أهالي المنطقة" إعلان تضامنهم معه، من خلال رفع صوره في أحد شوارع المنطقة، ومن ثمّ قطع الطرقات عند مستديرة الطيونة، وبالقرب من كنيسة مار مخايل في الضاحية الجنوبية، يوم الثلاثاء الماضي، وذلك امتعاضاً منهم على قرار توقيفه. وحسب معلومات "المدن" فإن الضغوط الشعبية أو الاتصالات السياسية في محاولة للتأثير على القضاء اللبناني لإخلاء سبيل بعض الصرافين لم تجدِ نفعاً، فالقرار اتخذ ويُجرى تطبيقه!

استئناف القرار
وكان من المفترض أن توافق النيابة العامة على قرار أبو سمرا بإخلاء سبيل بعض الصرافين بكفالات مالية متفاوتة، يوم الأربعاء 22 شباط، غير أن النيابة العامة المالية اعترضت على إخلاءات السبيل، وقررت  إبقاء الصرافين قيد التوقيف، ففسخت الهيئة الاتهامية في بيروت، والتي يرأسها القاضي ماهر شعيتو، قرار أبو سمرا. ومجدداً، أعيد الملف إلى الأخير الذي سيستأنف تحقيقاته من النقطة التي وصلت إليها.  

خلال التحقيقات قُدّرت أرباح الصرافين بالمليارات، واعتبرت من أكثر التجارات المُربحة، خصوصاً بعد اقترانها بألعاب القمار والمراهنات وغيرها. هذا عدا عن أن أحوال الكثير من العائلات تبدلت للأفضل بعد دخولهم في مهنة الصيرفة غير الشرعية. وما ذكرناه هو جملة من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى انتشار أعداد كبيرة من الشبان وتوزعهم في جميع الأراضي اللبنانية. لذا، فإن تأمين مبلغ 50 مليون ليرة أو 900 مليون ليرة ككفالة لن يكون عائقاً أمام حريتهم، إلا أن اللافت أن وكلاء الموقوفين، حسب معلومات "المدن"، تقدّموا بطلبات استرحام لتخفيف قيمة الكفالات المطروحة، وتقدموا مؤخراً بطلبات إخلاءات السبيل لإعادة دراسة ملفاتهم مرة أخرى.

يمكن اعتبار ما يحدث في قضية الصرافين شبيه بلعبة الدومينو. فإلقاء القبض على واحد، كان كفيلاً بسقوط مجموعة كبيرة من بعده، ما يثبت أنهم شبكة واسعة ممتدة تعمل وفقاً لغطاء سياسي واضح قرر فجأة التنازل عنهم.