تقوم إسرائيل بالتشويش على نظام تحديد المواقع العالمي "GPS" في لبنان، مع استمرار المواجهات المسلحة بين تل أبيب و"حزب الله" وتصاعد حدتها في الفترة الأخيرة، بعد استخدام الحزب لأسلحة متطورة من الصواريخ والمسيرات.
وتسبب التشويش في اضطرابات كبيرة في حركة النقل الجوية والبرية وأثر سلباً في حياة الناس اليومية وسلامة الطيران المدني، ما استدعى تقديم بيروت في 16 تموز/يوليو الجاري، شكوى رسمية إلى الأمم المتحدة ضد إسرائيل بهذا الصدد، حسبما نقلت وكالة "الأناضول".
وقالت وزارة الاتصالات اللبنانية في بيان حينها أنها تقدمت عبر وزارة الخارجية بشكوى ضد إسرائيل إلى كل من الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات. وأوضحت أن الشكوى تتعلق بـ"التشويش الإسرائيلي الذي يطاول بشكل أساسي أنظمة GPS في لبنان".
ومنذ بداية الحرب في غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ثم البدء في تبادل هجمات مع فصائل في لبنان، أبرزها "حزب الله"، تشوش إسرائيل على أنظمة "GPS" في مطار رفيق الحريري الدولي، ومناطق لبنانية عديدة، خصوصاً في الجنوب وبيروت، وفق اتهامات لبنانية رسمية.
ولم تعلق إسرائيل على الاتهامات اللبنانية حتى اليوم، وفيما لم تتضح أهدافها من التشويش، قال مراقبون أن التشويش يستهدف كل الأجواء اللبنانية بغية السيطرة عليها، وعرقلة عمل المسيرات ضدها، لكن الخطر الأكبر يطول المطار.
وعلق خبير التطوير التكنولوجي هشام الناطور أن موضوع "GPS" في لبنان طرح من جديد وأحدث ضجة كبيرة، بعد تقديم لبنان شكوى رسمية للأمم المتحدة ضد إسرائيل، مشيراً إلى أن النظام يؤثر بشكل أساسي في نظامي الملاحة البحرية والجوية في مطار رفيق الحريري، في لبنان وفي التطبيقات الإلكترونية المُستخدمة في الملاحة الجوية.
واعتبر الناطور أن ما تقوم به إسرائيل من تشويش على نظام "GPS"، يعرضها لعقوبات دولية وضغوط من دول أخرى بسبب هذه الممارسات، موضحاً أن القضية أحدثت جدلاً كبيراً في لبنان و"أدى تحويلها إلى قضية رسمية، وتوجيهها إلى الأمم المتحدة لإيجاد حل لهذه المشكلة وما ينتج عن ذلك من أضرار كبيرة في جميع المجالات”.
وأكمل الناطور بأن نظام "GPS"، هو "نظام ملاحة عبر الأقمار الاصطناعية يقوم بتوفير معلومات عن الموقع والوقت في جميع الأحوال الجوية في أي مكان على أو بالقرب من الأرض"، ويستخدم في مجالات متعددة، منها النقل والملاحة والنقل الجوي والبحري والاستخدام المدني مثل التنقل من مكان إلى آخر في الوجهات غير المعروفة من قبل الأشخاص العاديين.
وأشار الناطور إلى أن التشويش يعرض الملاحة الجوية، خصوصاً توجيه الطائرات، إلى خطر على السلامة المدنية والعسكرية للبلد. وأضاف الخبير اللبناني إلى أنه يتم إغراق موجات "GPS" بموجات مشابهة لها، أو عبر موجات أقوى منها بالتردد، فيتم التشويش عليها بنفس الطريقة، ويحصل عندها الخطأ في إشارة "GPS" التي تتوجه إليها الهواتف والأجهزة.
وعقب الناطور: "التشويش يتم عبر منصات موجودة في البحر أو اليابسة، بواسطة أجهزة إلكترونية متطورة، تبث هذه الإشارات وما تقوم به إسرائيل هو التشويش عبرة أنظمة متطور جداً تعمل بالذكاء الصناعي"، حسب تعبيره.
ورأى الناطور، أن لبنان لا يستطيع التصدي أو مواجهة التشويش، إلا عبر التفاوض، مثل تقديم الشكوى إلى مجلس الأمن الدولي أو الاستعانة بنظام بديل مثل نظام "غلوناس" الروسي، وهو "نظام ملاحة قديم جداً ومعروف، ويتم تطويره تباعاً ويمكن اعتماده كنظام بديل عن نظام GPS ومن المفترض أن يكون متوفرا في كافة المطارات في العالم في حال حدث أي عطل بنظام GPS".
وأكمل الناطور أن "نظام غلوناس هو بديل مؤقت يجب أن تتبعه الدولة اللبنانية واستخدامها في نظام الملاحة"، مشيراً إلى أنه يمكن للبنان الاستفادة من المهارات التي يمتلكها بهذا المجال في تطوير نظام أو الاستثمار بنظام لمواجهة التشويش الذي يحصل من قبل إسرائيل.
وبحسب الخبير فإن التشويش يوثر سلباً في الملاحة البحرية والجوية حيث "يؤدي إلى صعوبة في توجيه السفن والطائرات، ما يزيد من مخاطر الحوادث ويؤثر على السلامة العامة". وأشار إلى أن للتشويش تأثير سلبي على السياحة والأعمال التجارية، خصوصاً أن لبنان يعتمد بشكل كبير على موسم الصيف في السياحة، التي تعتمد على التقنيات الحديثة مثل "GPS" لتسهيل التنقل وإدارة الأعمال.
ومنذ 8 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها "حزب الله"، مع الجيش الإسرائيلي قصفاً يومياً عبر "الخط الأزرق" الفاصل، خلّف مئات بين قتيل وجريح معظمهم في الجانب اللبناني. وترهن تلك الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل "حرباً تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة" أسفرت عن أكثر من 130 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.