المصدر: إرم نيوز
الكاتب: محمد حامد
الأربعاء 29 تشرين الأول 2025 12:48:39
رأت مصادر حكومية وأمنية لبنانية أن تصاعد الأخبار التي تبثها وسائل إعلام إسرائيلية في الفترة الأخيرة، حول تهريب حزب الله للأسلحة إلى الداخل اللبناني، يشكل تمهيدًا لحملة إعلامية وسياسية قد تسبق عملاً عسكريًّا ضد لبنان.
وقال مصدر حكومي لبناني مطلع لـ"إرم نيوز"، إن " حزب الله لم يعد قادرًا على تعزيز قدراته عبر تهريب الأسلحة كما كانت الحال في السابق، وذلك بفضل جهود الجيش اللبناني المثقل بمهام تفوق قدرته، ولا سيما في منطقة جنوب الليطاني، حيث يواصل العمل على نزع السلاح بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي ضمن التزامات لبنان أمام المجتمع الدولي.
وأضاف المصدر، أن نسبة تهريب السلاح إلى حزب الله انخفضت على الأقل إلى 60%، وربما أكثر، مؤكدًا أن المؤسسات الأمنية اللبنانية اتخذت كل الإجراءات الكفيلة بمنع أي عمليات تهريب جديدة.
ووفقًا للمصدر، فإن تنسيقًا أمنيًّا يجري حاليًّا بين لبنان وسوريا أثمر عن إغلاق عدد من الطرق والممرات التي كانت تستخدم لتهريب الأسلحة إلى الداخل اللبناني، مشيرًا إلى أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية، بالتعاون مع أجهزة المعلومات، يعتمدون خطة شاملة لتعطيل أي محاولات تهريب جديدة.
ورأى أن التصعيد الإعلامي الإسرائيلي الأخير حول تهريب السلاح إلى حزب الله، يأتي في إطار "إعداد العدة" من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشن حرب على لبنان، موضحًا أن تكثيف هذه الأخبار خلال الأيام الأربعة الماضية يهدف إلى تهيئة الرأي العام الدولي لتداعيات أي مواجهة مقبلة.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن الجيش الإسرائيلي أحبط محاولات لتهريب شحنات أسلحة إلى لبنان، بينما نجحت شحنات أخرى في الوصول إلى مخازن تابعة لحزب الله قادمة من سوريا.
بدوره، قال مصدر أمني لبناني رفيع لـ"إرم نيوز"، إن عمليات تهريب السلاح عبر مطار رفيق الحريري الدولي أو مرفأ بيروت أو عبر البحر باتت معدومة تمامًا، بعد الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الأجهزة اللبنانية، موضحًا أن الولايات المتحدة تتابع هذه الإجراءات عن كثب؛ ما يجعل أي خرق محتمل مكشوفًا على الفور.
وفي ما يتعلق بعمليات التهريب عبر الحدود مع سوريا، أوضح المصدر أن الخطوط الرئيسية لتهريب السلاح تم قطعها بالكامل، مشيرًا إلى أن الميليشيات لجأت إلى استخدام طرق استثنائية ومؤقتة، تمر منها كميات محدودة لا تمثل زيادة في نشاط التهريب كما يصوّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف المصدر أن انشغال الجيش اللبناني في الجنوب ضمن خطة نزع السلاح أثّر جزئيًّا على نشاطه ودورياته على الحدود الشرقية؛ ما أوجد بعض الثغرات المحدودة، إلا أن التنسيق الميداني بين الجيش وقوى الأمن الداخلي أسهم في تقليص عمليات تهريب الأسلحة من داخل سوريا إلى لبنان لصالح حزب الله بشكل ملموس.
وبيّن المصدر أن لبنان تقدّم أكثر من مرة بطلبات إلى واشنطن لتزويده بمعدات عسكرية وتقنيات مراقبة حديثة تساعد على ضبط الحدود وإنهاء عمليات التهريب بشكل نهائي، غير أن الولايات المتحدة لم تستجب لتلك الطلبات حتى الآن.
وأوضح أن المعدات المطلوبة ليست جديدة، بل مستخدمة سابقًا من قبل الجيش الأمريكي وتم تخزينها، مشددًا على أنها كافية وضرورية لتعزيز قدرات الجيش اللبناني في مراقبة الحدود ومنع تهريب السلاح بشكل كامل.
وأشار المصدر الأمني إلى أن لبنان يعمل بإمكانيات محدودة للغاية في مواجهة عمليات تهريب السلاح، لكنه حقق نتائج مرتفعة تفوق قدراته من حيث التجهيزات والمعدات.
وأضاف أن تشديد الرقابة على المعابر والحدود ضيَّق الخناق على عمليات التهريب إلى حد كبير؛ ما دفع حزب الله إلى الاعتماد على تصنيع منصات الصواريخ وتطويرها داخل مواقعه ومعامله في الداخل اللبناني، بعد أن أصبح إدخال الأسلحة من الخارج أمرًا بالغ الصعوبة.
تصعيد إعلامي
من جهته، يرى الباحث السياسي اللبناني قاسم يوسف أن تكثف الأخبار من تل أبيب حول تهريب السلاح إلى لبنان يشكل جزءًا من عملية تحضير أرضية متعمدة، تستهدف الداخل الإسرائيلي والرأي العام العالمي والحكومات الأوروبية والأمريكية.
وأوضح يوسف في حديث لـ"إرم نيوز" أن الرسالة التي تبث مفادها أن حزب الله لا يزال ينشط في تجميع وتكديس السلاح تهدف إلى خلق مناخ يبرر "حسمًا عسكريًّا سريعًا" يُعطى بموجبه نتنياهو ما يشبه "بطاقة العبور" الدولية لشن حرب على لبنان.
وأضاف يوسف أن نتنياهو يسعى، عبر أجهزة إعلامية وأمنية، إلى توجيه رسائل محددة إلى من يعنيهم الأمر تفيد بأن الوضع الأمني في لبنان لم يعد قابلًا للمعالجة من قبل القيادات المحلية، وأن الحاجة ملحّة لتدخل واسع. وقال إن هذا التمهيد الإعلامي يهدف إلى إنتاج "أسباب موجبة" تستخدم لشرعنة أي قرار عسكري على المستوى الدولي.
وأشار يوسف إلى أن هناك فيتو أمريكيًّا كبيرًا كان يمنع استهداف المنشآت المدنية خلال الحرب الماضية، رغم الإصرار الإسرائيلي على استهداف مواقع عسكرية ومخازن صواريخ داخل تجمعات مدنية.
لكنه رأى أن التجهيزات الحالية تستهدف توسيع نطاق الضرب ليشمل مربعات سكنية كاملة ويؤدي إلى دمار واسع يشبه ما حدث في غزة، وبالتالي تعمل إسرائيل على تهيئة الأجواء لإضفاء شرعية على مثل هذا المسار.
وأضاف أن تل أبيب تروّج عبر حملاتها الإعلامية لسلسلة من النظريات، بعضها صحيح والبعض الآخر قد يكون مضخّمًا أو خاطئًا، والهدف النهائي منها إبراز عجز الحكومة والجيش اللبنانيين عن نزع سلاح حزب الله. وذكر أن هذا الخطاب يتكامل مع ما تطرّق إليه المبعوث الأمريكي توم باراك، الذي ربط ملف سلاح الحزب بالأمن الإستراتيجي الإقليمي والعالمي.
وخلص يوسف إلى أن تعنت حزب الله في تسليم سلاحه وعجز المؤسسات اللبنانية عن إتمام هذه المهمة قد يوظفان كـ"أسباب موجبة" تمنح نتنياهو الضوء الأخضر لشن عمل عسكري في المستقبل القريب.
وأشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يضع أوراقه على الطاولة بانتظار موافقة أمريكية مفتوحة من إدارة الرئيس دونالد ترامب لعملية محددة تهدف إلى القضاء على القدرات العسكرية والتنظيمية لحزب الله، وربما استهداف مراكزه ومدنه ذات الصلة.
وتابع أن هناك محاولة إسرائيلية محسوبة بعناية لتهيئة الرأي العام ومراكز صنع القرار دوليًّا من دون ضوابط، وذلك عبر بث أخبار متكررة في الإعلام الإسرائيلي، وفي وسائل إعلام أمريكية كبرى لتطبيع فكرة اللجوء إلى الحرب كخيار مشروع لمعالجة ملف سلاح الحزب، وكسب قبول واسع للذهاب في هذا الاتجاه.