تصعيد مضاعف في الجنوب الأمامي فما الذي تريده إسرائيل مجدداً؟

نجحت إسرائيل منذ سريان اتفاق وقف الأعمال العسكرية قبل نحو أربعة أشهر، وفق ما يعتبر خبير استراتيجي، في ترسيم حدود معادلة نزاعية يومية على طول الجغرافيا المعروفة بالحافة الأمامية الجنوبية، وسيّجتها بالنار.

تقوم هذه المعادلة، كما يؤكد الخبير نفسه، على أركان ثلاثة هي:

- الاغتيالات اليومية لكل من تعتبره "تحت الشبهة".

- الإغارات بالمسيرات على مدار الساعة على بلدات هذه الحافة، بما فيها الوديان السحيقة التي يمكن أن تصير يوما ما مخازن وقواعد عسكرية لـ"حزب الله".

- تعطيل أي نشاط اقتصادي يمكن أن يعود إلى هذه البلدات بما فيها الأعمال الزراعية وصيد السمك في الناقورة.

 

والجديد اللافت أن منسوب هذه الأعمال قد ارتفع في الآونة الأخيرة، فضلا عن أن "عائدها ومردودها" قد ازداد عند الإسرائيليين، في حين ظل "حزب الله" في موقع العاجز عن أي فعل يمثل ردا وقوة ردع.

وتقدّر تقارير إحصائية أن إسرائيل نجحت إلى ما قبل يومين في اغتيال نحو 146 قياديا وكادرا عسكريا من عناصر الحزب، كان آخرهم محمد منصور الذي تحدث عنه الإعلام الإسرائيلي بصفته قائد مدفعية الحزب في الجنوب.

وفي السياق عينه، تندرج عملية استهداف إسرائيل الدائم للبيوت الخشب الجاهزة التي تقرر أن تكون الإقامة فيها لمن يرغب تعويضا موقتا عن البيوت التي لم تعد صالحة للسكن في بعض بلدات الحافة الأمامية، ولا سيما تلك التي تعتاش من أعمال الزراعة.

ووفق الخبير إياه، ثمة من يقلل من أهمية الجهد الميداني الذي تبذله إسرائيل ويؤدي إلى تدمير تلك البيوت الخشب، لكن الأمر عندها أكثر عمقا، إذ إنه يجسد صراع إرادات بين سكان المنطقة الحدودية في صراعهم المزمن مع إسرائيل ومواجهة مخططات اقتلاعهم وتهجيرهم.

والمعلوم أن هذه البيوت مثلت تعويضا لقرار الحظر المنفذ عمليا على إعادة الإعمار مهما كان بسيطا ومتواضعا. وبحسب المعلومات، ففي بلدات الناقورة ورامية ويارون دمّر وتضرر نحو 65 بيتا خشبيا إلى اليوم.

والأمر نفسه يسري على عملية إلحاق الضرر الذي تمارسه إسرائيل بالمسيرات غالبا والقصف أحيانا بالمؤسسات التجارية والنشاطات الزراعية لحظة تستشعر أنها عادت تعمل.

واللافت أن الإغارات والاغتيالات تكثفت في الأيام الأخيرة، إذ سجلت على سبيل المثال قبل أيام 7 إغارات في يوم واحد أدت إلى سقوط ما لا يقل عن 6 ضحايا بينهم عمال سوريين.

والواضح تماما أن إسرائيل لم تكتف بهذا القدر، فهي شنت الأسبوع الماضي غارتين على الضاحية الجنوبية وصيدا، أدت الأولى إلى سقوط أحد أبرز المسؤولين في الحزب عن الملف الفلسطيني، وقتل في الثانية أحد قياديي حركة "حماس"، وتبين لاحقا أن كليهما له علاقة بتدبير إرسال الأسلحة والأعتدة العسكرية إلى الضفة الغربية.

ومن هذا كله، تبعث اسرائيل إلى من يهمه الأمر برسالة عملانية فحواها أنها سيدة الموقف في الساحة اللبنانية تحت وطاة أنها مستمرة في حربها عليه، خدمة لأهداف ومقاصد آنية ومستقبلية، أبرزها:

- تصعيد المطالبة بنزع سلاح الحزب سواء من الداخل أو من الخارج، بما يعني ذلك إفساح المجال لاستمرار التصعيد الميداني.

- إبقاء المنطقة الحدودية حزاما أمنيا لها معدوم الحياة وغير صالح للعيش.

- فضلا عن ذلك، إبقاء تلك المنطقة مكشوفة عسكريا للإسرائيليين، فلا يتمكن الحزب من إعادة نشاطه فيها يوما ما.