"تطوّر الدول الوطنيّة وخصائصها: واقع لبنان" ورقة عمل

في إطار التعاون بين ملتقى التأثير المدني ومؤسَّسة كونراد آديناور - لبنان في مسار "لبنان وتحديَّات إصلاح السِّياسات: نحو رؤية متكامِلة"، نشرت المؤسَّستان ورقة عمل تحت عنوان " تطوّر الدول الوطنيّة وخصائصها: واقع لبنان".
الورقة التي أعدّتها السيدة لينا تنّير صدرت باللّغتين العربيَّة والإنكليزيَّة جاء فيها: " يمتلك لبنان تراثًا ثقافيًا غنيًا وتاريخًا من الحضارات القديمة التي لعبت دورًا مهمًا في التجارة البحرية والتبادل الثقافي. تشهد المدن القديمة مثل جبيل وصور وبعلبك على الأهمية التاريخية للبنان، وهي مدعاة للفخر الوطني. بعد أن خضعت البلاد لاستعمار الإمبراطورية العثمانية وللانتداب الفرنسي الذي استمرّ حتى منتصف القرن العشرين، برزت بيروت كمركزٍ ثقافيٍ وفكريٍ في العالم العربي. ومع ذلك، شهدت الفترة الأخيرة من القرن العشرين ظهور سلسلة من الصراعات، توّجت باندلاع الحرب الأهلية (1975-1990)، بسبب الهيمنات المتعاقبة وتدخل كيانات أجنبية في شؤون الدولة".
واستطردت الكاتبة: "يتكوّن النسيج السياسي والاجتماعي في لبنان من مروحةٍ متنوّعةٍ من الجماعات الدينية والعرقية، ولكل منها سرديّتها التاريخية والثقافية الخاصة. وفي الوقت الذي يعتبر تنوعٌ كهذا مصدرًا للثراء الثقافي، فقد شكّل أيضًا مبعثًا للتوتّر والصراع. إن التحدّي المتمثّل في التوفيق بين الحرية والعدالة في سياق كهذا، يعتبر ذات أهمية مركزية لبناء دولة المواطنة القوية. تفترض هذه الورقة أن النهج المتعدد الأبعاد والشامل ضروري لتحقيق هذه المصالحة، مع مراعاة التراث التاريخي والاجتماعي والسياسي للبنان ومعالجة التحديات الاقتصادية والبيئية والثقافية".
وأضافت الكاتبة عن التحدّيات أنّها تتلخّص بـ: "الأزمة السياسية، عدم الاستقرار الاقتصادي، الأزمة المالية، أزمة اللاجئين السّوريّين، الديناميكيات الاجتماعية، الأطر القانونية والمؤسسية، والتدهور البيئي والصحة العامة". واستعرضت الكاتبة من ثمَّ الفرص على أنّها: "القطاع التعليمي، الحفاظ على الحرّية، الاستقرار الإقليمي، مشاركة الاغتراب، والدعم الدولي".
وختمت تنّير: "إن تطوّر الدولة الوطنية هو تفاعلٌ معقدُ بين العوامل التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. فتجارب لبنان الفريدة، تسلّط الضوء على المرونة والقدرة على التكيّف المطلوبين للتغلّب على تحديات بناء الوطن. من خلال تعزيز التضامن وإعادة تأكيد الرّضى بالعيش معًا والحفاظ على الحرّية ووضع استراتيجيات التنمية الشاملة والمتنوّعة، يمكن للبنان أن يستمرّ في بناء مستقبلِ مستقرِ ومزدهرِ. ومن خلال التركيز على الأهداف المشتركة والإستفادة من نقاط القوة في مجتمعاته المتنوّعة، باستطاعة لبنان التغلّب على تحدّياته واستغلال الفرص في عالمِ متغيّرِ. هذا النهج لا يعمل على تعزيز الدولة الوطنية فحسب، بل يبني أيضًا مجتمعًا أكثر مرونةً وتماسكًا".