المصدر: الراي الكويتية
الأحد 5 أيلول 2021 07:05:46
عيْن على سفن المحروقات الإيرانية، وعيْن أخرى على «الخط السوري» لإمداد لبنان بالغاز «الكهربائي» المصري عبر الأردن، وبينهما أنظارٌ على ملف تأليفِ الحكومة الذي يحْكمه «عمى الألوان» ويتنقّل من دائرةٍ سوداء إلى أخرى أكثر قتامة بما يُنْذِر بتعطيل آخِر كاسحة ألغام قادرة على تجنيب «بلاد الأرز»... الانفجار.
هكذا بدت بيروت وهي ترْصد هذه العناوين الثلاثة التي لم يكن ممكناً فصْل مساراتها، وسط انطباعٍ بأنها تتقاطع في أكثر من جانبٍ لتصبّ عند نقطتين:
الأولى تعزيز الاقتناع بأن الحكومة العتيدة ما زالت «في خبر كان» بدليل بدء التلويح بتشكيلةٍ باتت في جيْب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وهو يختار توقيت طرْحها بعد التيقّن من «موت» الهيكل الذي جرت محاولة البناء عليه في الأسابيع الخمسة الأخيرة وستكون من خارج «صحن» صيغة الـ 24 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين وأطلقت عليها تسمية «حكومة إنقاذ تنفيذية» من 14 وزيراً غالبيتهم من أقطاب الصف الأول السياسيين.
والثانية أن عملية «حفْرٍ» مدروسة تجْري على تخوم مسار التأليف وترْمي إلى «شبْكِ» خياراتٍ كبرى «تدفن» سياسة «النأي بالنفس»، سواء في اقتطاع حصّة معلَنة لطهران في الاقتصاد اللبناني من بوابة أزمة المازوت والبنزين من خلف جدار العقوبات الأميركية، أو قطع شوط كبير نحو تطبيعٍ مع النظام السوري من باب أزمة الكهرباء.
وهذا الأمر من شأنه وفق مصادر سياسية أن يُغرِق التشكيلة الحكومية الموعودة بتكريس تموْضعٍ استراتيجي يشكّل رافعته «حزب الله» وحلفاؤه ويجعل هذه التشكيلة «مكشوفة» تجاه الخارج، كما أنه قد يؤول إلى «تطيير» إمكان تأليف الحكومة ترجمةً لنياتِ تمديد عمر حكومة تصريف الأعمال ما لم يكن ممكناً استيلاد بديلٍ يكون «زر التحكم» به في يد فريق رئيس الجمهورية ميشال عون.
فملف الحكومة يقبع في مربّعِ السلبية الكبيرة رغم كل محاولاتِ التخفيف من وطأة التناقضات الحادة التي تطبع مسار التأليف بين عون وميقاتي وأهدافهما من التشكيلة التي تتعدّد طبقات تعقيداتها ليبقى حجر الزاوية فيها، وفق خصوم رئيس الجمهورية، «الثلث المعطّل» الذي يمنح رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل تفوّقاً على كل الآخرين في الحكومة يمكن استثماره في أكثر من استحقاق ولا سيما الانتخابات الرئاسية، وإلا... لا حكومة.
ولم يكن ينقص الحلقة المقفلة إلا تظهير صراع آخَر على ما وصفته مصادر مطلعة بأنه ما يشبه «المجلس الوزاري الاقتصادي المصغر» داخل الحكومة والذي يضطلع بدور محوري في التفاوض مع صندوق النقد الدولي على آليات وحزمة الإنقاذ المالي، وسط محاولة رئيس الجمهورية الإمساك بالحصة الأكبر من «وزارات التماس» مع هذه المفاوضات، وهي الطاقة والشؤون الاجتماعية والاقتصاد، فيما آلت وزارة الاتصالات لتيار «المردة»، والمال من حصة الرئيس نبيه بري، وذلك بما يُبقي رئيس الحكومة بلا أي من هذه الحقائب الخمس الأساسية في رسْم خريطة الخروج من الحفرة العميقة.
ولم يكن عابراً تقاطُع المعطيات عند أن ميقاتي بات يملك «خطة ب» حكومية، تعكس بأي حال الأفق المسدود في التفاوض مع عون.