المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
السبت 22 حزيران 2024 21:03:00
كتب وليد حسين في المدن:
لمن يشكو أهالي الطلاب في المدارس الخاصة طالما أن مدارس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على رأس المدارس المخالفة، ليس للقوانين المرعية الإجراء، بما يتعلق بفبركة الموازنات المدرسية، بل حتى لقرار وزير التربية عباس الحلبي المتعلق بعدم قانونية تبليغ المدارس الأهالي بالزيادات على الأقساط؟ هل يشكون للحلبي بطش المدارس بهم وعدم انصاتهم لقراره الذي حذر فيه إدارات المدارس من أن التبليغ مخالف للقانون، وأن القسط المدرسي لا يحدد قبل وضع الموازنات المدرسية وتوقيعها من مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية؟
لم يكن حبر قرار الحلبي، الذي صدر منذ نحو أسبوعين، قد جف عندما أقدمت مدارس العزم على تبليغ الأهالي أن دعم صندوق المدرسة بالدولار (التسمية الحقيقة والقانونية هي القسط المدرسي) حدد بثلاثة آلاف دولار والقسط بالليرة اللبنانية بخمسين مليوناً، إضافة إلى رسوم أخرى تصل قيمتها إلى نحو ألف دولار. فلماذا لا يبدأ الحلبي بملاحقة مدارس رئيس حكومته التي لم تتمثل لقراره وللقوانين الناظمة لعملها؟
لا وزير تجرّأ على محاسبة الإدارة
ما هو حاصل في وزارة التربية، ممثلة بمصلحة التعليم الخاص، القيّمة على المدارس الخاصة، فضيحة موصوفة تستدعي إقالة كل الطاقم القيّم على الإدارة، وتكليف فريق عمل قادر على مراقبة وملاحقة كل المدراس وإحقاق حق جميع العائلات اللبنانية. إذ لا توجد عائلة واحدة لا تئنّ من فحش الأقساط المدرسية وتعسف الإدارات بحق أنبائهم. فالشكاوى من مصلحة التعليم الخاص وكيفية تمرير الموازنات المدرسية ليست جديدة، بل تتكرر كل عام. ولم يأت أي وزير تربية لوضع حد لمصلحة التعليم الخاص ومحاسبتها على التقصير أو التواطؤ مع إدارات المدارس والتعسف بحق اللبنانيين.
وأبلغ دليل على سوء الإدارة أن الوزير السابق طارق المجذوب، وحيال شكاوى لجان الأهل على مصلحة التعليم الخاص في كيفية تمرير الموازنات المدرسية، كلف شركة بريطانية دققت بموازنات مئة مدرسة (عينة تمثيلية). استخدم الوزير صلاحيته بموجب القانون 515. وتبين في التقرير الذي أعدته الشركة أن سبعين بالمئة من الموازنات مخالفة للقانون (تلاعب بالحسابات وبالتواقيع وغيرها) وأن القسط المدرسي يزيد بنسبة خمسين بالمئة عن القسط الواجب اعتماده.
كان يفترض بهذه العينة المدرسية أن تحدث زلزالاً في وزارة التربية لكف يد كل طاقم مصلحة التعليم الخاص لأنها لا تقوم بواجبها في ممارسة الرقابة على المدارس الخاضعة لسلطتها. لكن جلّ ما حصل أن المدارس تلقت إنذارات لا تصرف في أي مكان، وواصلت المدارس تعسفها.
وتمادت المدارس كثيراً ولم يعد يقتصر الأمر على مخالفة القوانين في كيفية إعداد موازنة مدرسية قانونية وتحديد القسط المدرسي على أساسها، بل فرضت أقساطاً بالدولار من خارج الموازنة وبلا أي رقابة لاحقة أو مسبقة. وحالياً ضربت عرض الحائط تنبيه الوزير لها لعدم فرض زيادات على الأقساط قبل وضع الموازنة. وتصرفت أنها جزر ومحميات غير خاضعة لأي سلطة أو رقابة.
صلاحيات الوزير أكثر من كافية
رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لمى الطويل اعتبرت أن قرار أو كتاب الوزير للمدارس بلا أي فائدة. وأوضحت أن كتاب الوزير أرسل إلى إدارات المدارس قبل أسبوع من نهاية العام الدراسي. أي أنه أتى بعدما بلّغ جزء كبير من المدارس الأهل بالزيادة على الأقساط. وخلال وبعد عطلة الأعياد واصلت المدارس تبليغ الأهالي بالزيادات الفاحشة، وبمبررات واهية، كما لو أن لا كتاب صادر عن "التربية"، ويفترض أنه وصل إلى البريد الإلكتروني لجميع إدارات المدارس الخاصة في لبنان. فلو كانت وزارة التربية جدية بملاحقة المدارس على تعسفها لكان وجب على الحلبي إصدار قرار واضح منذ ثلاثة أشهر لمنع المدارس من ارسال هذه البلاغات. ولو كان الحلبي جدياً بمتابعة حقوق أولياء الأمور والطلاب لأقدم على معاقبة المدارس بعد انقضاء مهلة الأيام الخمسة، التي حددها في الكتاب، لالتزام المدارس بالقانون.
ولفتت الطويل إلى أن الحلبي أكد في حوار تلفزيوني مساء أمس أنه سيبدأ باتخاذ إجراءات بحق المدارس التي لن تلتزم بالكتاب لعدم قانونية ابلاغ المدارس الأهالي بالأقساط قبل وضع الموازنة المدرسية. لكن الحلبي عاد وشكا من أن سلطته محدودة على المدارس الخاصة لأنها تكاد تقتصر على سحب توقيع المدير. وأوضحت الطويل أن ما يدعيه الوزير غير صحيح. فهو يستطيع من خلال مصلحة التعليم الخاص فرض تحديد الزيادة على القسط المدرسي بموجب المادة 13 من القانون 515. ويستطيع تكليف مدقق مالي للكشف على موازنات المدارس، حيال الشكاوى حول تقاعس مصلحة التعليم الخاص.
إهمال الإدارة والتفتيش المركزي
وأضافت الطويل أن مشكلة لجان الأهل مع وزارة التربية؛ فتقاعسها وعدم البت بالشكاوى المقدمة من الأهل، أفقدت لجان الأهل الثقة بأنها تستطيع تحصيل حقوق الطلاب. فأهالي الطلاب مرغمون على تلبية ما تطلبه إدارات المدارس، لأن وزارة التربية لم تتحرك ضد مدرسة واحدة تجعل منها عبرة لكيفية الالتزام بالقوانين المرعية الإجراء. بل ما هو حاصل أن المدارس الخاصة محميات سياسية وطائفية يُمنع المساس بها، مهما تمادت في تعسفها بفرض أقساط عشوائية.
مرجع قانوني واسع الاطلاع أكد أن لدى وزير التربية صلاحيات كافية ووافية وفق القوانين المرعية الإجراء لملاحقة المدارس الخاصة الخاضعة لسلطته من خلال مصلحة التعليم الخاص. ففي حال شكّ الوزير بتقصير الإدارة (مصلحة التعليم الخاص)، كما يبدو واضحاً من خلال تصرفات المدارس حيال قضية الأقساط، يستطيع اللجوء إلى التفتيش المركزي، وهذا أفضل من تكليف شركة تدقيق خاصة. فالتفتيش يستطيع محاسبة الإدارة على التقصير، فيما دور الشركة الخاصة محصور بالتدقيق. فمصلحة التعليم الخاصة كإدارة عامة خاضعة للتفتيش المالي والإداري للتحقيق في أي إهمال أو تقصير أو تواطؤ مع إدارات المدارس الخاصة في تمرير موازنات مدرسية مخالفة للقوانين المرعية الإجراء.