المصدر: الانباء الالكترونية
الجمعة 8 آذار 2024 07:43:15
لا تزال الجهود الدبلوماسية في سباق مع تطورات الميدان في غزة ولبنان والبحر الأحمر. والمفاوضات في القاهرة التي كانت تتحرك وفق المعطيات على الأرض من جهة، وبحسب التأثيرات السياسية على مجرياتها من جهة ثانية، ولم تصل إلى أي نتيجة مُعلَنة بعد. وقد غادر وفد حركة حماس العاصمة المصرية لأن الرد الإسرائيلي الأولي لا يلبّي "الحد الأدنى" مما تطلبه الحركة بحسب ما نقل عن مسؤول رفيع في الحركة.
وفيما لا تزال القوات الاسرائيلية تمعن باستهداف نقاط توزيع المساعدات في غزة، مانعةً الفلسطينيين الجائعين من الحصول على النذر اليسير منها، قال مسؤول أميركي رفيع، إن الرئيس الأميركي جو بايدن سيعلن في خطاب "حالة الاتحاد" أن الجيش سينشئ ميناء على ساحل غزة لتلقي المساعدات. وبحسب المصدر فإن إنشاء الميناء لن يتطلب وجود قوات أميركية على الأرض بغزة، وستظل في سفن قبالة الساحل، مشيرًا إلى أن إنشاء الميناء سيستغرق أسابيع والشحنات الأولى ستصل من قبرص. الأمر الذي يعني في ما يعنيه دوراً أميركيا مباشراً في ما يجري بحق غزة.
أما في لبنان، فقد بقيت أصداء زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين تتردد في الأروقة السياسية، وكان لافتا أمس كلام النائب السابق وليد جنبلاط لصحيفة "لوريون لوجور" من أن الأميركيين لا يستطيعون أن يفرضوا علينا وقفاً لإطلاق النار دون التفاوض على هدنة عام 1949، مؤكدًا أن هذا الاتفاق يظل صالحاً جداً، مشيرًا إلى أنه أثار هذه النقطة خلال لقائه مع هوكشتاين.
وفي غضون ذلك كشف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أنّ "هوكشتاين تحدث خلال زيارته الأخيرة الى بيروت عن النقاط التي كان قد طرحها سابقاً، ويبدأ تنفيذها بعد اتضاح الصورة حول الوضع النهائي في غزة. وذكّر بو صعب بأن "هوكشتاين كان قد وضع خطّة وأفكاراً من قبل، ويطرحها مجدداً الآن للبحث عن آليات تنفيذيّة لتطبيقها لكي يبدأ النقاش حولها بعد تحقيق الهدنة في غزة.
مصادر مراقبة أشارت عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى أنه كان ينبغي على الموفد الأميركي الأخذ بالنصيحة التي أسداها له جنبلاط بأن ينطلق في المفاوضات لوقف إطلاق النار من اتفاق الهدنة المبرم بين لبنان وإسرائيل في العام 1949 والتي تنصّ على ضبط الحدود بين البلدين، لكنه آثر التفاوض انطلاقا من القرار 1701 الذي تتولى إسرائيل خرقه منذ ما بعد حرب تموز في العام 2006، حيث ما زال الطيران الحربي الاسرائيلي يقوم بخرق هذا الاتفاق من تاريخ توقيعه حتى الآن. وهذا هو السبب برأي المصادر المراقبة لعدم نجاح مهمته حتى الساعة. وقالت، إن إصرار هوكشتاين على تطبيق القرار من الجانب اللبناني فقط بمعزل عن اسرائيل التي تهدد بتوسيع الحرب ضد لبنان، عقّد مهمته وأضرّ بمساعيه، لأنه من غير المقبول ان يلتزم لبنان بتطبيق القرار الأممي وأن يتراجع حزب الله بضعة كيلومترات عن الحدود ويبقى الجيش الاسرائيلي محتلاً لأراضي لبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ومتمركزاً على طول الخط الأزرق.
المصادر رأت أن "مهمة هوكشتاين تبدو مستحيلة إذا لم تمارس الولايات المتحدة ضغطاً كافياً يلزم اسرائيل احترام القرار 1701، ما يعني استمرار المواجهات الميدانية وسقوط المزيد من القتلى بالاضافة الى الدمار والخراب والأضرار المادية الكبيرة".
النائب بلال الحشيمي لم يكن بعيدا في موقفه عن هذه النظرة إذ قال لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إن "سبب تعثر مهمة هوكشتاين مرده إلى التفتيش عن طريقة لتطبيق القرار 1701 من جانب لبنان بمعزل عن اسرائيل انطلاقاً من تثبيت وقف اطلاق النار وإدخال الجيش الى الجنوب بعدد لا يقل عن عشرة آلاف جندي ومنع المسلحين وتحديداً حزب الله من الاقتراب من الحدود، من دون أن يشمل ذلك منع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. فمن أجل تخفيف هذا الاحتقان على الحدود يجب تطبيق القرار 1701 من قبل لبنان وإسرائيل على السواء".
الحشيمي رأى ان "وقف إطلاق النار لا يمكن أن يقرره حزب الله لوحده بمعزل عن إيران"، مضيفا، "قبل مطالبة حزب الله بشيء علينا معرفة ما تريده ايران وأين أصبحت المفاوضات بينها وبين الولايات المتحدة"، معتبرا أن "إيران مازالت تتحكم باللعبة، وما يحصل في البحر الأحمر ليس بعيداً عما يحصل في غزة وفي جنوب لبنان"، معرباً عن شكه في التوصل إلى هدنة.
في غضون ذلك، عقد سفراء دول اللجنة الخماسية اجتماعاً في سفارة دولة قطر في بيروت، حيث جرى استعراض التطورات الراهنة في لبنان، والبحث في الملف الرئاسي. وجدد السفراء بحسب بيان عن سفارة قطر التأكيد على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، وأبدوا دعمهم المستمر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن. وكان لافتاً عقب اللقاء أن زار السفير القطري جنبلاط في كليمنصو، حيث كان بحث في مختلف هذه التطورات.
وفي السياق، لم ير الحشيمي مصلحة لإيران وحزب الله بانتخاب رئيس الجمهورية، "فالاولوية بالنسبة لإيران تحسين شروط المفاوضات مع واشنطن وتطورات الميدان قبل أي شيء آخر، ما يعني أن آفاق الحل السياسي في لبنان ما زالت بعيدة في غياب المبادرات الجدية وانتظار تطورات الميدان".
وبحسب كل ذلك، فإن التعقيدات التي تطال المسار التفاوضي من لبنان إلى غزة قد تهدد بضرب كل هذا المسار اذا لم يتم تدارك الأمر بالتعامل المتوازن من أصحاب المساعي مع المرتكب، أي مع اسرائيل.