تعليق إضراب المصارف وتفعيل "صيرفة" يساهمان في لجم الارتفاع الجنونيّ لسعر الصرف


يستمرّ ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل جنوني مهدّداً الاستقرار في البلاد، ويدفعها إلى فوضى قد تكون مطلوبة لأهداف سياسية، أو لفرض أجندات سياسية تحت ضغط الشارع.

لكن ما هي الأسباب التي تؤدّي إلى هذا الارتفاع؟

أولاً: إن إقفال المصارف يعطّل عمل منصّة "صيرفة"، ممّا يحول دون حيازة الأفراد والشركات على الدولارات المطلوبة لإتمام أعمالهم، وهو ما يدفع إلى زيادة الطلب في السوق السوداء.

ثانياً: إن إقفال المصارف يحدّ من قدرة مصرف لبنان على التدخّل، لأن "صيرفة" هي سبيله إلى ذلك. والكلّ يذكر كيف انخفض سعر الصرف قبل مدّة بمعدّل فاق العشرة آلاف ليرة عندما أعلن الحاكم رياض سلامة فتح المجال أمام الأفراد لابتياع الدولار بشكل واسع.

ثالثاً: إن زيادة الطلب في السوق السوداء يؤدي حتماً إلى تجفيف هذه السوق، وبالتالي يفسح المجال أمام المضاربين للتحكّم بالأسواق وبالأسعار. إن عمل المضاربين ينشط في غياب قدرة مصرف لبنان على التدخل. ويتحكّم هؤلاء بالناس عبر منصّات ومافيات تنفذ أجندات تارة مالية وتارة أخرى سياسية.

رابعاً: إن المواطنين المستفيدين من منصّة "صيرفة" ومن عمل المصارف يقدمون على تصريف دولاراتهم والتفريط بها، لأنهم يضمنون الحصول على بديل منها. لكن الارتفاع المخيف لسعر الصرف، وتجفيف الأسواق، يزيدان من خوف الناس، ويضاعفان حرص هؤلاء على عدم التفريط بالدولارات المخبّأة في منازلهم، ممّا يزيد من النقص في الدولار.

خامساً: إن الدولرة التي اعتمدها وزير الاقتصاد للمحالّ والسوبرماركات والمطاعم وغيرها أدت إلى مزيد من الطلب على الدولار، وإلى المزيد من التخلّي عن الليرة، وبالتالي كسادها وخسارة قيمتها أكثر فأكثر.

أمام هذا الواقع المرير، لا بدّ من توفير حلّ، يعمل له رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتجنيب المصارف الدعاوى القضائيّة التي يمكن أن تؤدي إلى إفلاسها، وإلى التمييز السلبيّ بين المودعين، بما يسمح لها بتعليق إضرابها المستمرّ للأسبوع الثاني على التوالي، وإعادة تفعيل منصة "صيرفة" للحدّ من ارتفاع سعر الصرف على هذا النحو؛ إن لم يكن من أجل إعادة خفض السعر بما يزيد طبعاً على عشرة آلاف ليرة.

بالأمس، تحدّث الرئيس ميقاتي عن استمرار الحوار مع وفد صندوق النقد الدولي من أجل الوصول إلى اتفاق، لا يعلم اللبنانيون ما هي عوائقه إلى اليوم، خصوصاً أن دولاً عدّة عاشت المأزق المالي والاقتصادي، وأنجزت اتفاقات أعادت وصلها بالمجتمع الدولي بما يريح سمعتها الاقتصادية على الأقلّ، ويخفّف الضغط على الليرة.