"تعنت ومفاجأة وانفراجة"... كيف أُنقذت هدنة غزة من الانهيار؟

واجه اتفاق «هدنة غزة» خلال اليومين الماضيين عقبات جديدة هددت بانهياره في مرحلته الأولى، وذلك بعد رفض إسرائيل عودة النازحين الفلسطينيين من جنوب ووسط قطاع غزة إلى شماله التي كانت مقررة الأحد، وتمسكت بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود.

ومع تعقيد المشهد بعد تسليم 4 مجندات إسرائيليات، طالبت «حماس» الوسطاء بإلزام إسرائيل بتنفيذ خطوة عودة النازحين بعد تسليم المختطفات؛ إلا أن جهود الدول الوسيطة اصطدمت بتعنت إسرائيلي وتمسكها بالإفراج عن يهود أو تأكيد وجود ترتيبات تضمن عودتها قبل يوم السبت المقبل، وهو الموعد المقرر الإفراج فيه عن دفعة جديدة من المختطفين.

دفع الثمن
وبحسب مصادر مطلعة على التفاصيل تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسمها، فإن «الأسيرة أربيل يهود كانت محتجزة لدى عناصر من (الجهاد الإسلامي) و(لجان المقاومة)، وبعد التواصل بين التنظيمين مع قيادة حركة (حماس) تم التأكيد على أنها على قيد الحياة، لكن إسرائيل أرادت دليلاً، وهو ما رفضه الجانب الفلسطيني لمنع الاحتلال من ترويج إنجاز قبل دفع الثمن».
ووفقاً للمصادر وهي من «لجان المقاومة»، فإن «وفود الفصائل الفلسطينية التي وصلت مساء السبت إلى القاهرة لاستقبال الأسرى الفلسطينيين المبعدين اجتمعت مع ممثلي جهاز المخابرات المصرية، خاصة وفود «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«لجان المقاومة».

وتابعت المصادر أن ممثلي الفصائل الفلسطينية شددوا على ضرورة أن تتم معاملة الأسيرة يهود باعتبارها «مجندة احتياط» ما يعني الإفراج مقابلها عن 50 فلسطينياً، بينما أرادت إسرائيل احتسابها مدنية للإفراج عن 30 فلسطينياً فقط.

وبيّنت المصادر أن «حماس» تسلمت لاحقاً ملف التفاوض نيابة عن الفصائل الأخرى، واشترطت بالتوافق معهم أن «يُسمح بعودة النازحين قبيل تسليم الأسيرة الإسرائيلية، حتى لا تقع المقاومة في خداع جديد من قبل نتنياهو وحكومته».

وبحسب المصادر، فإن إسرائيل طلبت في هذا السياق أن يتم «تسليم القائمة الخاصة بكل الأسرى الإسرائيليين الذين سيطلق سراحهم في المرحلة الأولى»، وهو ما قبلته الفصائل وأكدت أن القائمة جاهزة.

«مفاجأة في القائمة»
وقالت المصادر إن «مفاجأة تضمنتها القائمة التي تسلمتها إسرائيل، تمثلت في أن هناك عدداً أكبر من المتوقع من الأحياء وليس القتلى، وهو ما أسهم في الدفع قدماً باتجاه الموافقة على عودة النازحين».

وبيّنت المصادر أن «الوسطاء هم من اقترحوا إضافة أسيرين آخرين بالإضافة إلى أربيل لتسليمهم معاً بدلاً من تسليمها وحدها، على أن تكون هناك دفعة أخرى».

وأشارت إلى أنه في «ظل الإصرار الإسرائيلي على أن أربيل يهود مدنية، تم التوافق على إطلاق سراح 30 أسيراً كما هو متفق عليه مقابل الإفراج عن المدنيين».
ووفقاً لما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فلسطينية، فإن «أربيل يهود هي إسرائيلية خدمت إجبارياً لسنوات عدة في الجيش الإسرائيلي، كما عملت في مجال بروتوكولات استقبال الوفود بالمعابر والمطارات الإسرائيلية».

وأشارت المصادر إلى أنه «سيتم إطلاق سراح 3 مختطفين آخرين يوم السبت المقبل، في إطار التأكيد على قدرة المقاومة على الإفراج عن عدد أكبر من الأحياء مقابل زيادة عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم».

المرحلة الثانية
ولا تستبعد المصادر أن «تحدث خلافات أخرى في ظل محاولات حكومة الاحتلال التنصل من أي اتفاقيات ووضع العراقيل دائماً لمنع تنفيذ الاتفاق، خاصة أن نتنياهو يواجه معارضة شديدة داخل ائتلافه الحكومي».

وبحسب ما علمت «الشرق الأوسط»، فإن قيادات أخرى من الفصائل الفلسطينية وصلت صباح الاثنين إلى القاهرة استعداداً للقاءات مشتركة وثنائية وكذلك مع المسؤولين المصريين والوسطاء؛ تمهيداً لبدء مفاوضات المرحلة الثانية التي ينتظر أنها ستكون أكثر صعوبة والتي ستتعلق بملفات اليوم التالي للحرب على غزة وحكم «حماس» فيها وكذلك إعادة الإعمار.