تعيين المجلس العسكري إلى المربّع الأول وسليم على موقفه

تحولت مسألة تعيين رئيس للأركان واستكمال عقد المجلس العسكري إلى قصة إبريق الزيت، ولا سيما أنها تشهد تعقيدات لا مثيل لها وتدخل في إطار تصفيات الحسابات السياسية والرئاسية والنكايات، ما بدا جلياً منذ التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وكلٌ يرمي الكرة في مرمى هذا الفريق وذاك، بينما يُنقل وفق معلومات مؤكدة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يصل إلى أي نتيجة مع وزير الدفاع ولا يبدي حماسة لتعيين رئيس للأركان، وهو ما يتحدث عنه بعض أوساط اللقاء الديموقراطي في مجالسهم، بمعنى أن الأمور صعبة ولا يريد ميقاتي وهو البارع في تدوير زوايا الخلاف مع وزير الدفاع موريس سليم، أو سواه من المكونات السياسية الأخرى وتحديداً في هذه الظروف، حيث يواجه حملات من هنا وهناك. فالموضوع الداخلي يسبّب له "وجعة رأس"، وعلى هذه الخلفية تشير المعطيات الى صعوبة في الوصول إلى النتائج المتوخاة في ظل إصرار اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي على تعيين رئيس للأركان.

لكن ظهر جلياً أن الحماسة خفّت عند كل الأطراف، نظراً لما تشهده الساحة الداخلية من حرب في الجنوب وعناوين أخرى تعتبر أكثر أهمية، وتحديداً اجتماع اللجنة الخماسية ودورها وحراكها من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك ما يتعلق بالقرار 1701، هذه المسائل تطغى على ما عداها، ما يعني أن تعيين رئيس الأركان وأعضاء المجلس العسكري موضوع في ثلاجة الترقب والانتظار وربما إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية. وتردّد أطراف كثيرة، ما معناه أن الخلاف المستحكم بين وزير الدفاع والحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديموقراطي، يطفو بدوره على مسألة تعيين رئيس للأركان ربطاً بالتراكمات القديمة من حقبة الثمانينيات وسواها، ولم تفلح الاتصالات التي جرت فوق الطاولة وتحتها في الوصول إلى أي مؤشر يمكن البناء عليه خصوصاً بعد لقاء تيار المردة باللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي، الى زيارة زعيمه النائب السابق سليمان فرنجية لكليمنصو، لكن يبدو أن القضيّة باتت في مكان آخر، وما عقّد هذه المعضلة وفق معلومات موثوقة برزت في الأيام القليلة الماضية، الخلاف والمساجلات بين تيار المستقبل والحزب التقدمي، على خلفية قرار وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي إزاحة أمل شعبان من موقعها على الرغم من براءتها وإطلاق سراحها وأحقية بقائها في موقعها، لكن ما جرى من بيانات وبيانات مضادّة ترك آثاره السلبية على موضوع تعيين رئيس للأركان والمجلس العسكري، فالوزراء المحسوبون على تيار المستقبل إذا حصل تصويت في مجلس الوزراء ومنهم وزير الصحة فراس الأبيض، لن يصوّتوا إلى جانب الاشتراكي، وما نُقل بالتواتر عن الرئيس السابق سعد الحريري الموجود في الخارج استياءه من الاشتراكي.

وبالعودة إلى موقف وزير الدفاع موريس سليم تشير مصادر مقربة ومتابعة إلى أنه لن يتراجع عن موقفه تحت أي طائل، وبالتالي يجب قراءة موقف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي كان داعماً لسليم فسؤاله عن استكمال التعيينات في المجلس العسكري أثار الكثير من اللغط، وبمعنى آخر معركة تصفية الحسابات مع قائد الجيش العماد جوزف عون وكل ما أحاط بالتمديد، فذلك أيضاً يؤزم الأمور، فضلاً عن تساؤلات جنبلاط الأب المتكررة حول تعيين رئيس الأركان واعتبارها ضرورية، إذ ليس بقدرة قائد الجيش مغادرة البلد ليكون هناك من يتابع دوره وموقعه، ذلك لن يقدّم ويؤخر ربطاً بما يحيط بالساحة الداخلية من اصطفافات وخلافات وانقسامات، وكلٌ يحاول تصفية حسابه مع الآخر، وما موقف بو صعب إلا دليل واضح لا يحتاج إلى أي قراءة واجتهادات، إضافةً الى أن وزير الدفاع ووفق ما نقل من المقربين، على تواصل دائم مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وباسيل لن يقبل بدوره تعيين رئيس للأركان واستكمال تعيين أعضاء المجلس العسكري، بعدما خاض معركة كبيرة حول التمديد لقائد الجيش وإن خسرها يحاول القيام بهجوم التفافي من خلال قطع الطريق على استكمال عقد المجلس العسكري.

وأخيراً، لدى سؤال المتابعين هل لدى وزير الدفاع شخصية عسكرية ولا سيما أنه على صداقات وعلاقات بفعل موقعه السابق كعميد متقاعد في الجيش اللبناني مع بعض الضباط، ترى أنه ممكن أن يكون لديه أسماء ولا يحبذ الأسماء المقربة من مرجعيات سياسية وحزبية معينة، فالأرجح أن الموضوع متروك إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية.