المصدر: BBC
الجمعة 20 أيلول 2024 21:25:59
بعد انفجار آلاف أجهزة البيجر وأجهزة الراديو في حادثين منفصلين في لبنان - ما أدى إلى إصابة الآلاف ومقتل ما لا يقل عن 37 شخصاً - لا تزال التفاصيل يتم جمعها لمعرفة كيف تم تنفيذ عملية كهذه.
لبنان وحزب الله الذي اُستهدف أعضاؤه وأنظمة الاتصالات الخاصة به، قد ألقيا باللوم على إسرائيل - رغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها بعد.
وقد تتبعت بي بي سي خط الأحداث من تايوان إلى اليابان، والمجر، وإسرائيل، ثم عادت إلى لبنان.
هنا الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها.
كيف تم اختراق أجهزة البيجر؟
أشارت بعض التكهنات المبكرة إلى أن أجهزة البيجر قد تكون تعرضت لهجوم قرصنة معقد تسبب في انفجارها. ولكن الخبراء استبعدوا هذه النظرية بسرعة.
ولإحداث هذا الحجم من الأضرار، من المحتمل أن تكون الأجهزة قد تم تجهيزها بالمتفجرات قبل أن تصل إلى حيازة حزب الله، وفقاً لما يقوله الخبراء.
وتظهر الصور لبقايا أجهزة البيجر لمكسورة شعار شركة إلكترونيات صغيرة في تايوان تُدعى غولد أبولو.
وزارت بي بي سي مكاتب الشركة، الواقعة في مجمع أعمال كبير في ضاحية غير مميزة في تايبيه.
بدت الصدمة على مؤسس الشركة، شو تشينغ كوانغ. وقد نفى أن يكون لشركته أي علاقة بالعملية.
وقال للصحفيين أمام مكتب شركته: "انظروا إلى الصور الآتية من لبنان. لا توجد أي علامة تقول إنها صنعت في تايوان، نحن لم نصنع تلك الأجهزة!".
وأشار بدلاً من ذلك إلى شركة مجرية تدعى بي إيه سي كونسالتينغ.
وقال شو إنه قبل ثلاث سنوات قام بترخيص العلامة التجارية الخاصة بشركة غولد أبولو لشركة بي إيه سي، ما سمح لها باستخدام اسم غولد أبولو على أجهزة البيجر الخاصة بهم.
وأضاف أن التحويلات المالية من بي إيه سي كانت "غريبة جداً" - وأن هناك مشاكل في الدفعات التي جاءت من الشرق الأوسط.
ما علاقة شركة مجرية بالأمر؟
ذهبت بي بي سي إلى المكتب المسجل لشركة بي إيه سي كونسالتينغ، الواقع في منطقة سكنية في العاصمة المجرية، بودابست.
بدا أن العنوان مشترك مع 12 شركة أخرى - ولم يتمكن أحد في المبنى من إخبارنا أي شيء عن شركة بي إيه سي كونسالتينغ.
ويقول المسؤولون في المجر إن الشركة التي تم تأسيسها في عام 2022، كانت مجرد "وسيط تجاري من دون موقع تصنيع أو عمليات" في البلاد.
ويسرد كتيب لشركة بي إيه سي، نُشر على موقع لينكد إن، ثماني منظمات تزعم أنها عملت معها - بما في ذلك وزارة التنمية الدولية البريطانية.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية - التي تولت مسؤوليات وزارة التنمية الدولية البريطانية لبي بي سي إنها بصدد التحقيق في الأمر.
لكنها أوضحت أنه بناءً على المحادثات الأولية، لا يبدو أن لديها أي علاقة بشركة بي إيه سي كونسالتينغ.
وذكر موقع بي إيه سي على الإنترنت أن شخصاً واحداً يشغل منصب المدير التنفيذي والمؤسس وهي كريستيانا بارسوني-أرسيديوكونو.
وقامت بي بي سي بعدة محاولات للتواصل مع السيدة بارسوني-أرسيديوكونو، لكنها لم تتمكن من الوصول إليها.
ومع ذلك، يُقال إنها تحدثت لموقع أن بي سي نيوز قائلة: "أنا لا أصنّع أجهزة البيجر. أنا فقط الوسيط."
إذاً، من يقف حقاً وراء بي إيه سي كونسالتينغ؟
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الشركة كانت في الواقع واجهة للاستخبارات الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة، مستندة إلى ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، إنه تم إنشاء شركتين وهميتين أخريين للمساعدة في إخفاء هويات الأشخاص الذين كانوا بالفعل ينتجون أجهزة البيجر: ضباط استخبارات إسرائيليون.
ولم تتمكن بي بي سي من التحقق من هذه التقارير بشكل مستقل، ولكن ما نعرفه هو أن السلطات البلغارية قد بدأت الآن تحقيقاً بشأن شركة أخرى مرتبطة ببي إيه سي.
وذكرت محطة بي تي في البلغارية يوم الخميس أن 1.6 مليون يورو (1.8 مليون دولار) مرتبطة بالهجمات على الأجهزة في لبنان مرت عبر بلغاريا وتم إرسالها لاحقاً إلى المجر.
كيف تم اختراق أجهزة الراديو؟
ويعد مصدر أجهزة الراديو التي انفجرت في الموجة الثانية من الهجمات أقل وضوحاً.
نعلم أن بعض الأجهزة التي انفجرت كانت من طراز IC-V82 التي تنتجها الشركة اليابانية آيكوم.
ووفقاً لمصدر أمني تحدث لوكالة رويترز، فإن حزب الله اشترى تلك الأجهزة قبل خمسة أشهر.
وفي وقت سابق، قال مسؤول مبيعات في الفرع الأمريكي لشركة آيكوم لوكالة أسوشيتد برس إن أجهزة الراديو التي انفجرت في لبنان بدت وكأنها منتجات مقلدة لم تصنعها الشركة، مضيفًا أنه من السهل العثور على نسخ مزيفة منها عبر الإنترنت.
استغرقت بي بي سي بضع ثوانٍ فقط للعثور على أجهزة IC-V82 التابعة لآيكوم معروضة للبيع في الأسواق الإلكترونية.
وقالت شركة آيكوم في بيان إنها توقفت عن تصنيع وبيع هذا الطراز منذ ما يقرب من عقد من الزمن، في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 - وقالت أيضاً إنها أوقفت إنتاج البطاريات اللازمة لتشغيله.
وأضافت الشركة أنها لا تستعين بمصادر خارجية للتصنيع في الخارج - وأن جميع أجهزتها اللاسلكية تُصنع في مصنع في غرب اليابان.
ووفقًا لوكالة الأنباء اليابانية كيودو، أشار مدير شركة آيكوم، يوشيكي إينومويو، إلى أن الصور التي تظهر الأضرار حول مقصورة البطارية في أجهزة اللاسلكي المنفجرة تشير إلى أنها قد تكون قد عُدلت لتحتوي على متفجرات.
كيف تم تفجير الأجهزة؟
تظهر مقاطع الفيديو الضحايا وهم يمدّون أيديهم إلى جيوبهم في الثواني التي سبقت تفجير الأجهزة، ما تسبب في فوضى في الشوارع والمتاجر والمنازل في جميع أنحاء البلاد.
وخلصت السلطات اللبنانية إلى أن الأجهزة تم تفجيرها بواسطة "رسائل إلكترونية" تم إرسالها إليها، وفقًا لرسالة من البعثة اللبنانية إلى الأمم المتحدة، التي اطلعت عليها وكالة رويترز.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين أن أجهزة الإرسال تلقت رسائل بدت وكأنها آتية من قيادة حزب الله قبل التفجير. وذكرت الصحيفة أن الرسائل بدت وكأنها قد قامت بتفعيل الأجهزة.
ولا نعرف بعد نوع الرسالة التي تم إرسالها إلى أجهزة الراديو.
هل تم تخريب أجهزة أخرى؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه الكثيرون في لبنان الآن - حيث يشعرون بالارتياب من أن أجهزة أخرى، مثل الكاميرات أو الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة، قد تكون مزودة أيضاً بالمتفجرات.
وكان الجيش اللبناني في شوارع بيروت يستخدم روبوتاً بالتحكم عن بُعد للتخلص من القنابل عبر تنفيذ انفجارات مسيطر عليها.
وأوقف فريق بي بي سي في لبنان وأُبلغ بعدم استخدام الهواتف أو الكاميرات.
"الجميع في حالة من الذعر... لا نعرف إذا كان بإمكاننا البقاء بجانب أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو الهواتف الخاصة بنا. كل شيء يبدو كخطر في هذه اللحظة، ولا أحد يعرف ماذا يفعل"، قالت امرأة تدعى غيدا لمراسل بي بي سي.
لماذا حدث الهجوم الآن؟
هناك عدة نظريات حول سبب تفجير الأجهزة هذا الأسبوع.
واحدة من هذه النظريات تشير إلى أن إسرائيل اختارت هذه اللحظة لإرسال رسالة مدمرة إلى حزب الله، بعد حوالي عام من تصاعد الأعمال العدائية عبر الحدود بعدما أطلق حزب الله صواريخ على أو بالقرب من شمال إسرائيل في اليوم التالي لهجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
الأخرى هي أن إسرائيل لم تكن تنوي تنفيذ خطتها في هذه اللحظة، ولكنها اضطرت لذلك بعدما خشيت من أن المؤامرة على وشك أن تُكشف.
وفقاً لموقع أكسيوس الأمريكي، كانت الخطة الأصلية أن يكون هجوم أجهزة الإرسال هو الطلقة الأولى في حرب شاملة كوسيلة لمحاولة إضعاف مقاتلي حزب الله. لكن، كما يقول الموقع، بعدما علمت إسرائيل بأن حزب الله بدأ يشك، فقد اختارت تنفيذ الهجوم مبكراً.