المصدر: المدن
الكاتب: زينب زعيتر
الجمعة 30 أيار 2025 00:24:20
يبدو عمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار عالقاً في حالة من التجميد وعدم الفاعلية، على الرغم من التوترات المستمرة على الحدود الجنوبية. وبينما يدفع الجانب اللبناني نحو تفعيل عمل اللجنة رسمياً، تبقى إسرائيل المستفيد الأول من هامش تحرّك واسع، يتجاوز حد الخرق الأمني لاستباحة السيادة وتنفيذ عملياتها من دون محاسبة، في غياب أي تأثير مباشر وفعّال لعمل اللجنة الخماسية، ما يطرح جملة تساؤلات مثل: "لماذا لا تجتمع اللجنة"، وما المبرر لها بعدم إصدار تقرير واحد حول مجريات الأحداث الأخيرة، في ضوء ما جرى في ميس الجبل والوزاني، على سبيل المثال لا الحصر.
تشير مصادر مطلعة لـ"المدن" إلى أن أحد المبررات غير المعلنة لجمود اللجنة هو تجنب إحراج الولايات المتحدة الأميركية دبلوماسيًا. فواشنطن تُعد ضامنًا لوقف إطلاق النار، لكنها تتنصل من مسؤولية الانتهاكات الإسرائيلية بحجج تتعلق بالتطورات الأمنية والسياسية، مما يخلق حرجًا أمام شركائها في اللجنة، وخصوصًا فرنسا وبقية الأعضاء. هذا الموقف يُضعف آلية المراقبة، أمّا نتائجه غير المباشرة فهي منح إسرائيل مساحة أكبر لاستكمال العمليات بلا رقابة ومحاسبة.
رفع مستوى التنسيق
تؤكد المصادر الأمنية أن اللجنة لا تجتمع، ولكن هناك آليات تنسيق يتم اعتمادها بين الأعضاء والمراقبين، وآليات تنسيق بين الجيش اللبناني والضباط الأميركيين. غير أن المشكلة في غياب الاجتماعات الرسمية، تكمن في تأخر الاستجابة لمطالب لبنان، "إلى جانب الضغوط الأميركية المرتبطة برفع مستوى التنسيق". فبينما يسعى لبنان إلى تفعيل اللجنة، تتردد أميركا في اتخاذ قرار مماثل، معتبرة أن التنسيق القائم كافٍ، واستخدام فرضية التفعيل يتطلب شروطاً، أبرزها "رفع مستوى التنسيق المباشر بين لبنان وإسرائيل، وهو أمر يرفضه الجانب اللبناني جملة وتفصيلاً".
وبحسب المصادر فإن لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، لم تشهد تغييرات فعلية في آلية عملها، منذ تعيين الجنرال الأميركي الجديد مايكل ليني خلفاً للجنرال جاسبر جيفيرز- الأول الذي يتواجد في مقر مؤقت في عوكر، بينما جيفيرز لم يكن له مقر ثابت- إذ لم تُعقد الاجتماعات المقررة بسبب "اعتقاد الجهات المعنية بأن الوضع في الجنوب لا يستدعي ذلك، أي اجتماعات عالية المستوى، وبحسب المصادر فإنّ آلية التنسيق بين الجيش اللبناني والضباط الأميركيين في اللجنة ما زالت قائمة، لكنها بطيئة ولا تلبي طلبات الجانب اللبناني بشكل فوري".
بالموازاة، تبرز الأحداث الميدانية مثل حادثة ميس الجبل مؤخراً، بعدما توغل الجيش الإسرائيلي في منطقة كروم المراح، ونفذت قوة منه عملية تجريف لاستحداث ساتر ترابي، بعدما تقدمت باتجاه أحد المنازل، في مقابل تباطؤ آلية التنسيق في الاستجابة لمطالب الجيش اللبناني الذي عاد وانتشر في كروم المراح بعد انسحاب القوة الإسرائيلية، ما يعكس خللاً في آلية مراقبة وقف إطلاق النار.
زيارة أورتاغوس وتفعيل اللجنة؟
في ظل هذا المشهد، تتقاطع التطورات الأمنية مع التحركات السياسية والديبلوماسية، في انتظار ما ستكشف عنه الأيام المقبلة على صعيد الموقف اللبناني من الضغوط الخارجية وتحديات الداخل. وإذ يتم الربط بين عمل اللجنة وفرضيات تفعيلها، على طاولة البحث بانتظار الزيارة المرتقبة لنائبة المبعوث الأميركي إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، وخصوصاً من قبل لبنان الرسمي، الذي يسعى إلى إرساء قاعدة الحل بالدبلوماسية، تنفي معلومات خاصة وجود موعد محدد لزيارة أورتاغوس إلى لبنان، حيث لم تسجل السفارة الأميركية بعد أي مواعيد لها، مؤكدة أن ما يُطرح في الإعلام حول موعد مجيئها هو نوع من الضغط على لبنان. ووفقاً للمعلومات فإن أورتاغوس كانت قد أعلنت سابقاً أنها ستزور لبنان كل ستة إلى ثمانية أسابيع، ما يجعل التوقيت الحالي مؤهلاً لزيارة محتملة، لكنها ليست مؤكدة حتى الآن.
السلاح والسلام
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه الساحة اللبنانية حركة سياسية لافتة، بعد زيارة قام بها حزب الله إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، عقب تفعيل الحزب لورشة سياسية تنظيمية داخلية، تستدعي التنسيق المباشر والمتواصل بين الحزب والرئاسة. إضافة إلى الحوار المستمر بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، ضمن ما يشمل كيفية التعاطي مع العرض الأميركي أو ما ستحمله أورتاغوس إلى لبنان خلال الزيارة غير المعلنة بعد، والذي يُرجّح أن يتناول ملف السلاح وملف السلام مع إسرائيل.
ضغوط دولية
لا فرص جديدة إذاً بخصوص تفعيل عمل اللجنة، أقله في المدى المنظور، فيبقى الوضع معلقاً بين محاولة الحفاظ على الهدوء عبر آليات تنسيق بطيئة ومحدودة، وضغوط دولية تفرض شروطًا تعقّد عمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. وفي ظل غموض زيارة المبعوثة الأميركية أورتاغوس، يبقى مستقبل اللجنة ونشاطها مرتبطًا بتفاهمات سياسية وإقليمية تُعيد رسم خطوط التواصل والتنسيق بين الأطراف المعنية. مستقبل لم تُحسم بعد معالمه، ما يبقي لبنان في دوامة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وخصوصاً أن بنك أهداف إسرائيل في لبنان واسع ومتشعب، ما يعني بقاء لبنان تحت خط النار المعادي وفي دائرة استهداف الطيران الإسرائيلي جنوباً وبقاعاً، ضمن وتيرة تصاعدية، لا يبدو أن أحداً قادر على إيقافها حتى الآن.