المصدر: الديار
الكاتب: مارينا عندس
الجمعة 5 كانون الثاني 2024 08:55:09
لا تزال الأزمة الاقتصادية مستمرّة منذ حوالى اربع سنواتٍ حتّى يومنا هذا. وإذا كان فصل الصيف "ساتر العيوب" ومترئفًا للبعض، يأتيه نقيضه البارد ليكون ثقيلًا هذا العام.
فما هي الوسائل التي تمّ الاعتماد عليها؟ وكيف أثّر ذلك سلبًا في الوضع البيئي؟
في كلّ مرةٍ يرتفع فيها الدّولار أمام العملة الوطنيّة، ترتفع أسعار السلع والموادّ الأولية بشكلٍ لافتٍ، بما فيها أسعار المحروقات، هذا في حال توافرت مادّة المازوت أو الغاز.
لذلك، معظم من كان يعتمد على وسائل التدفئة (مثل المدفأة الغازية، أو صوبيا المازوت، أو المكيّفات) لجأ الى الحطب.
وفي سؤالٍ لأحد تجار الحطب والقراعة حول التكلفة، يقول: طن القراعة 350$ وطن الحطب السنديان 240 $ ومتر حطب الصنوبر 80$ أي الطن بـ 160$ وبمعادلة بسيطة يحتاج المنزل على ارتفاع 1000 متر الى حوالى 3 طن من القراعة والحطب معا، أي بكلفة 590$ ما يعادل 20 مليون و650 ألف ليرة، ما يجعل التدفئة على هذه المواد أقل كلفة من تلك التي تستخدم المازوت والذي لا يقدم الدفء الكافي في المناطق الجبلية.
أما بالنسبة لأسعار "الوجاقات" التي تعمل على الحطب فتتراوح أسعارها بين الـ150 دولارا و الـ300 دولار، بحسب المعلومات.
في الجبال، يبدأ فصل الشتاء باكرًا. هكذا بدأ كلامه ربّ منزلٍ يعيش في أعالي جبال فيطرون. ويقول في حديثه للدّيار:
للأسف، اضطررنا هذا العام أن نترك منزلنا في أشهر كوانين وشباط، وذهبنا لنعيش عند اختي في الساحل.
ويتابع: في العام الفائت، كنتُ أدخل وأولادي الغرف، لننام باكرًا علّنا نقتصد القليل من استعمال وسائل التدفئة. كنّا نعتمد على الغطاء والتمدّد في السرير ليمضي الليل من شدّة البرد. هذه الأيام الصعبة أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم. وأهالي الجبال يعانون من شدّة البرد وانعدام الكهرباء والتدفئة. ومن استطاع تأمين الحطب، كانت أموره بأفضل حالٍ.
لمافيات الحطب وتجّاره ... الحصّة الكبرى
الناشطة فاديا جمعة، تؤكّد في مقابلةٍ خاصةٍ للدّيار، أنّه في السنوات الأخيرة، ظاهرة قطع الأشجار المعمّرة تفاقمت بشدّة. وكانت يومذاك تستهدف أحراج الصنوبر والسنديان والملول والأرز. هذا الموضوع ليس جديدًا على لبنان، ولكن في السنوات الأخيرة تزايد بشكلٍ كبيرٍ.
ففي العام 1965، كان غطاء الأحراج 35% أمّا في العام 2022 فأصبحت الغابات 9% من مساحة لبنان. وهنا السؤال: لماذا تفاقمت المشكلة في السنوات الأخيرة؟ طبعًا بالتزامن مع الأزمة الاقتصاديّة. بما أنّ العملة اللبنانية فقدت قيمتها والمواطن اللبناني تدنّت قدرته الشرائية.
وتتابع: من كان يلجأ الى صوبيا المازوت أو مدفأة الكهرباء، استبدلها اليوم بالحطب، لا سيّما في الجبال.
من يزوّد المواطن اللبناني بالحطب؟
لفتت جمعة إلى دور مافيات الحطب وتجّاره ، ودور الأزمة التي ولّدت سوقا للذين لن ينفكّوا عن قطع الغابات والأشجار المعمرة بالأحراج، لبيعها وتصديرها أيضًا.
وهذا الأمر سيأخذنا إلى كارثة بيئية، بسبب سلوك المواطن المختلف نتيجة الأزمة المادية والبيئية.
وأكّدت أنّ قطع الأشجار يجرّنا إلى مجزرة بيئية لأنّ اليوم موضوع تقلّص المساحات الخضراء مرتبط بطريقةٍ مباشرةٍ بتغيّر المناخ، بتدهور الأنواع والأصناف، بإنجراف التربة وبمخزون المياه الجوفية ونوعيّتها لأنّ الأشجار تعدّ فلاتر لتصفية وتنقية المياه أولًا والهواء ثانيًا.
من المسؤول؟
تشير فاديا إلى التقصير الحاصل من قبل كافّة الوزارات بما فيها وزارة الزراعة بتطبيق القوانين وبحماية الطبيعة.
وتلفت إلى أهمية دور حرّاس الأحراج في حماية ومراقبة أي مجزرة بيئية بما في ذلك قطع الأشجار ومتابعة الأحراج. أمّا التراخيص لتقطيع الأشجار فهو موضوع ضروري للمراقبة.
وأسفت أنّ اليوم، آليّة التطبيق والقوانين على الأرض ليست موجودة، وفي حال عرفنا أيّ مخالفة بيئية وتم الاتصال بقوى الأمن الداخلي أو بوزارة الزراعة، سيكون الردّ بالرفض نتيجة عدم توافر مادّة المازوت للوصول إلى المنطقة المقصودة.
لذلك، شدّدت على ضرورة تنفيذ القوانين ودفع الغرامات لكل من يرتكب هذه الجرائم، ولكن بما أنّها لا تزال على قيمة الـ1500 ل. ل. لا رادع للمواطن أن يبتعد عن هذه المشاكل.
وعن العقوبات، رأت أنّ مادّة السجن من اليوم الواحد للـ6 أشهر لا تزال موجودة في دستورنا ولكن من دون تطبيق. لذلك علينا تعديل القانون وفرض عقوبات قاسية، ووقف التراخيص من قبل الوزارة لأنّنا سنصل الى تدهور بيئي مخيف. وحينئذ وداعًا للبنان الأخضر.