تمديد التصويت في إيران والناخبون بين رئيسي و"لا" للجمهورية الإسلامية

مددت طهران التصويت في الانتخابات الرئاسية ساعتين حتى الثانية بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، بعد يوم طويل سادته توقعات بفوز المرشح ابراهيم رئيسي، وهو من غلاة المحافظين وخاضع لعقوبات أميركية، في حين تشهد البلاد غضبا متصاعدا بسبب الاوضاع الاقتصادية التي تنعكس مزيدا من دعوات المقاطعة.

ودعا كبار المسؤولين إلى مشاركة كبيرة في انتخابات يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها استفتاء على طريقة تعاملهم مع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار والبطالة وانهيار قيمة العملة.

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، وهو المرشح الأوفر حظا، قوله بعد الإدلاء بصوته: "أحض كل فرد أيا كانت وجهة نظره السياسية على التصويت".

وفي حين أظهر التلفزيون الحكومي طوابير طويلة في مراكز الاقتراع في عدة مدن، نقلت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية للأنباء عن مراسلها قوله إن "22 مليونا أو 37 في المئة من الناخبين أدلوا بأصواتهم بحلول الساعة 7:30 مساء (1500 بتوقيت غرينتش)". وقالت وزارة الداخلية إنها لا تستطيع تأكيد نسبة الإقبال.

 

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوات لمراكز اقتراع شبه خالية.

ودعا المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إلى المشاركة القوية في الانتخابات وقال بعدما أدلى بصوته في العاصمة طهران: "كل صوت له وزنه... تعالوا وشاركوا واختاروا رئيسكم... هذا أمر مهم لمستقبل بلدكم".

ويحظى رئيسي (60 سنة) بدعم صقور الأمن في مسعاه لخلافة حسن روحاني، وهو براغماتي لا يمكنه بموجب الدستور خوض الانتخابات لولاية ثالثة مدتها أربع سنوات. ويشرف الرئيس على أعمال الحكومة اليومية ويرفع تقاريره إلى الزعيم الأعلى.

ويخضع رئيسي، المدعوم من "الحرس الثوري" القوي والحليف المقرب لخامنئي، لعقوبات أميركية بسبب مزاعم ضلوعه في إعدام معتقلين سياسيين قبل عشرات الأعوام.

آراء ناخبين

وعبر ناخبون تواصلت معهم رويترز عن آراء متباينة.

وقالت مريم (52 سنة) وهي مصففة شعر في كرج قرب طهران إنها لن تصوت لأنها "فقدت الثقة في النظام".

وأضافت: "في كل مرة أدليت فيها بصوتي في الماضي، كنت أتمنى أن يتحسن مستوى معيشتي. لكنني فقدت الأمل عندما رأيت أعلى مسؤول في البلاد لم يكن شجاعًا بما يكفي للاستقالة عندما لم يستطع تحسين الأمور"، في إشارة إلى روحاني.

وقال وحيد (49 سنة) الذي يعمل في مجال صناعة الأخشاب في طهران: "سأصوت لأن قائدي خامنئي يريد ذلك". ويعتزم التصويت لصالح رئيسي.

وبسؤاله عن المرشح الذي يفضله، قال محمد (32 عاما) في مركز اقتراع في قرية صغيرة بجنوب إيران: "صراحة لا أفضل أحدا منهم، لكن ممثلنا في البرلمان يقول إن علينا التصويت لصالح رئيسي كي يتحسن كل شيء".

مقاطعة
وقالت فرزانة (58 سنة) من مدينة يزد في وسط البلاد: "صوتي هو ‘لا‘ كبيرة للجمهورية الإسلامية". وعلى النقيض مما عرضه التلفزيون الرسمي، قالت فرزانة: "مراكز الاقتراع شبه خالية هنا".

ورغم أن مئات من الإيرانيين، وبينهم أقارب لمعارضين قتلوا منذ الثورة الإسلامية عام 1979، دعوا لمقاطعة الانتخابات، فإن أنصار المؤسسة الدينية المخلصين من المتوقع أن يصوتوا لرئيسي.

ويحق لأكثر من 59 مليون إيراني التصويت، ومن المتوقع صدور النتائج بحلول ظهيرة يوم غد السبت.

ومن شأن فوز رئيسي أن يؤكد أفول نجم سياسيين براغماتيين من أمثال روحاني الذي أضعفه قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات في خطوة قوضت التقارب مع الغرب.

وأدت إعادة فرض العقوبات إلى تقليص صادرات النفط من 2.8 مليون برميل يوميا في 2018 إلى ما يقدر بنحو 200 ألف برميل في بعض شهور 2020، رغم أن الأرقام في تزايد منذ ذلك الحين. وفقد الريال الإيراني 70 في المئة من قيمته منذ 2018.

وتحتاج القيادة الدينية، التي تتعرض لضغوط بسبب ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى 39 في المئة والبطالة التي بلغت 11 في المئة، إلى إقبال كبير على المشاركة في التصويت لتعزيز شرعيتها التي تضررت بعد سلسلة من الاحتجاجات على الفقر والقيود السياسية منذ 2017.

وتشير استطلاعات الرأي الرسمية إلى أن نسبة المشاركة قد لا تتجاوز 44 بالمئة، وهي نسبة تقل كثيرا عن الانتخابات السابقة التي سجلت مشاركة بلغت 73.3 بالمئة. ومنذ 1980 كانت أعلى نسبة مشاركة 85.2 بالمئة في 2009 وكانت الأقل 50.6 بالمئة في 1993.

ولخامنئي، وليس للرئيس، القول الفصل في سياسات البلاد النووية والخارجية ومن ثم فإن فوز رئيسي لن يعطل محاولة إيران إحياء الاتفاق النووي والتحرر من وطأة العقوبات النفطية والمالية القاسية.

مصاعب اقتصادية
يقول محللون إن سجل رئيسي كقاض من غلاة المحافظين متهم بارتكاب انتهاكات قد يثير قلق واشنطن والإيرانيين الليبراليين لا سيما في ظل تركيز الرئيس الأميركي جو بايدن على حقوق الإنسان في مختلف أرجاء العالم.

وعين خامنئي في 2019 رئيسي، المنتمي لمرتبة متوسطة في تسلسل رجال الدين الشيعة، رئيسا للسلطة القضائية.

وبعد بضعة أشهر من تعيينه، فرضت الولايات المتحدة عليه عقوبات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان تشمل إعدام معتقلين سياسيين في الثمانينات وقمع اضطرابات في 2009، وهي أحداث لعب فيها دورا، حسبما تقول جماعات حقوقية.

ولم تقر إيران مطلقا بتنفيذ أحكام إعدام جماعية، ولم يتحدث رئيسي نفسه علنا عما يتردد عن دوره في مثل هذه الأحداث.

والمنافس الأبرز لرئيسي هو محافظ البنك المركزي البراغماتي السابق عبد الناصر همتي الذي يقول إن فوز أي مرشح من غلاة المحافظين سيؤدي إلى مزيد من العقوبات.