في الرابع والعشرين من تموز العام 2006، توجه جمال حسن نبعة، برفقة نجله محمد(6 سنوات) وقطيع الماشية الذي يملكه، من بلدته شبعا، في قضاء حاصبيا، إلى قرية "بيت جن" السورية، التي تربطه علاقات صداقة وزمالة مع عدد من أبنائها، قاطعا مسافة طويلة في البراري والأحراج. بعدما إستحال رعي ماشيته في شبعا ومحيطها بسبب القصف والغارات الإسرائيلية. ولدى وصوله إلى بيت جن، أوقفته دورية من حرس الحدود في الجيش السوري في المنطقة، وطلبت منه مرافقته إلى فرع "قطنة" التابع للجيش السوري، وذلك على أساس إستجوابه عشرة دقائق، لكنه نقل من هناك فوراً إلى سجن فرع فلسطين، فيما بقي ولده وقطيع الماشية في بيت جن.
شبهة الاتصال بالعدو
يروي نبعة لـ"المدن"، وهو أب لثمانية بنات وصبي، أنه بعد سبعة أيام، من وجوده في فرع فلسطين، حيث يتكدس السجناء فوق بعضهم البعض، استُدعي إلى مكتب رئيس الفرع في سجن فلسطين للإستجواب. وقيل له عليك شبهة بالإتصال بالعدو الإسرائيلي، وعليك الإعتراف بذلك شئت أم أبيت، دون إبراز الدليل على ذلك. أما أنا فـ"كان جوابي بالنفي، لأني لم أقترف مثل هذا الأمر"، مشيراً الى أنه تعرض لكل أشكال التعذيب بعد ذلك، وتم وضعه في "المنفردة" وأنه شعر بالموت أكثر من مرة نتيجة التعذيب المتواصل.
بعد 97 يوماً من السجن في فرع فلسطين، جرى تحويله إلى سجن صيدنايا سيء الذكر. ويقول: "هونيك عين تشوف" إكتظاظ السجناء، ومنهم من مضى على سجنه أكثر من ثلاثين عاماً. عندما نطلب بطانية أو غطاء أو أي شيء آخر، نتعرض للضرب. وكنت اتمنى لو بقيت في شبعا و قتلت بالقصف الإسرائيلي".
أثناء وجوده في سجن صيدنايا، خضع لجلسىة استجواب أولي لدى القاضي، الذي وجه إليه تهمة الإتصال بالعدو الإسرائيلي، لكنه رفض التهمة مجدداً وبالمطلق. و"في الجلسة الثانية، وبعد إفادتي، في ظل عدم وجود محامي دفاع، حكم القاضي بسجني 20عاماً. وعندما استغربت واحتجيت على قرار الحكم الجائر ورفعت يدي طالباً الكلام، قال لي، اطلع برا".
رسالة إلى الأسد
بعد ستة أشهر على الحكم، وجه نبعة رسالة مكتوبة إلى الرئيس السابق بشار الأسد، يشكو فيها من قرار الحكم الظالم. و"قد جاء الرد بعد فتره كما علمت، يقضي بإستدعائي إلى الفرع السياسي لكنه لم يحصل شي من هذا القبيل"، كما قال.
وذكر نبعه أن عائلته المؤلفة من زوجته وشقيقته وعدد من بناته قد زاروه مرتين في سجن صيدنايا، وتبادل الحديث معهم من خلف الشباك، وأنه بالكاد تعرف على بناته، اللواتي كبرن وهو داخل السجن، مؤكداً بأن سجن"صيدنايا" قد شهد إنتفاضة كبيرة للسجناء في العام 2008 إحتجاجاً على ظروف السجن، قتل في نهايتها 145 سجين، دفن بعضهم في باحة السجن، بحسب قوله.
وأضاف: "عائلتي، التي عملت على إستعادة نجلي من بيت جن السورية بعد توقيفي، عاشت ظروفاً صعبة وقاسية، نتيجة عدم وجود معيل ورعاية الأب".