المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الاثنين 24 آذار 2025 07:38:38
هي قصّة أكثر من شائكة ما يحدث من اشتباكات على طول الحدود اللبنانية – السورية، لكونها لا تتصل فقط بمنطق سيادي أو فرض سيطرة جيش على بقعة معيّنة، ولكن لها تاريخاً طويلاً ومعقداً من ترسيم الحدود، أو بالأحرى من عدم الترسيم.
وفيما تدخل الجيش اللبناني سريعاً، بعيد اندلاع الحوادث، وبات التنسيق الأمني يتم عبره، مع السيطرة الميدانية على الأرض، بقي سؤال أساسي مبهماً وهو إذا أخلى الجيش اللبناني والطرف السوري عدداً من القرى المتداخلة، فلمن تخضع أمنياً؟ وهل تصبح منطقة عازلة؟
وفق القانون الدولي، إن لم يتجاوب أيّ من الطرفين المعنيّين بالنزاع، يمكن لأحد منهما اللجوء إلى المجتمع الدولي، عبر الاستعانة بقوات الأمم المتحدة لتنفيذ القرارات الدولية الصادرة، ولوضع حدّ لهذه الانتهاكات. وفي هذا الوقت الفاصل، تُعدّ البلدات المتنازع عليها منطقة عازلة.
لكن لبنانياً، الأمر ليس بهذه البساطة. يشرح رئيس دائرة الدراسات السياسية والدولية في الجامعة اللبنانية – الأميركية الدكتور عماد سلامة لـ"النهار" أن "موضوع الحدود شائك جداً، ولا يعالج وفق القانون الدولي بطريقة مباشرة وصريحة، لأنه لا ترسيم حدودياً بين البلدين. إن الحدود متفلّتة، ولطالما كانت كذلك على طول الزمن. ومن أولى النتائج، كانت المعابر غير الشرعية".
ويلفت إلى أن "هناك الكثير من القرى المتداخلة، وأهلها أيضاً متداخلون. ومن الصعب الاستناد إلى الخريطة التى كانت معتمدة أيام الفرنسيين، لتعتمد اليوم دولياً أو حتى محلياً".
"حالة توافق"
لطالما شهدت هذه المنطقة أو البقعة سلسلة من المشاكل الأمنية والسياسية، لكونها ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بقضية الحدود اللبنانية – السورية، ولا شك في أن عدم ترسيم الحدود أسهم في زيادة المشكلة.
ومن المعلوم أن عمليات التهريب والتنقل غير الشرعي، شرقاً، يعقد عملية ضبط هذه البلدات، إذ على الرغم من الاعتراف بالحدود اللبنانية-السورية وفق اتفاقات دولية، لا يزال خط الترسيم تشوبه نواقص أو عدم تحديد واضح.
وهذا التداخل ينسحب ليطال نواحي اجتماعية، عائلية وحتى ثقافية.
ومن البديهي أن يستغل الطرف السوري، مع جماعات لبنانية، هذا الوضع، لإبقاء شبكات التهريب "شغّالة"، إذ من غير الواضح بعد، ما إن كان الطرف السوري ممسكاً بزمام الأمور فعلياً على الأرض، بكل فصائله وتلاوينه.
يعلق سلامة: "من هنا، ما حصل أخيراً هو نوع من التوافق. لقد أنشأوا "حالة توافق"، بحيث يكون الوجود اللبناني والسوري على أطراف هذه القرى، أي أن يتوافق لبنان مع الجانب السوري، بحيث تخضع كل قرية أو بلدة متداخلة لتسوية معيّنة على الأقل، حتى نصل إلى ترسيم الحدود رسمياً. عندها، فقط يمكن أن توضع التزامات أمنية متبادلة بين الطرفين".
ويتدارك: "حتى الساعة، في ظل غياب الترسيم الحدودي، من الصعب الاعتماد على القانون الدولي لحل النزاعات، فيصار إلى نوع من التوافق الأمني، وينتج عنه نوع من التنسيق، فيستمر سكان هذا البلدات بالعيش بشكل سلمي، وبالحد الأدنى".
هكذا، مرة جديدة، تُفرض على لبنان التزامات تتعلق بالسيادة. ومرة جديدة، نكتشف "هشاشة" هذا المنطق عند البعض. الحل والأولوية يبدآن بترسيم الحدود، وبتطبيق القرار 1680.