المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الخميس 7 تشرين الثاني 2024 15:40:25
أطلقت وزارة التربية اللبنانية العام الدراسي، وأدارت الأذن الطرشاء لمعاناة أهالي الطلاب والأساتذة ومديري المدارس. وضعت الخطة التربوية والتي بموجبها وزع التلامذة والأساتذة والمدارس على جهاز الكمبيوتر، وتم نقلهم افتراضياً وبشكل عشوائي، ومن دون الالتفات إلى الواقع على الأرض. من دون مراعاة إمكانيات الأهل والأساتذة، ومدى تقبلهم لهذا النقل العشوائي لهم من منطقة لأخرى.
إخلاء النازحين السوريين
ومع انطلاق العام الدراسي بدأت تتصاعد صرخة الأهالي، و"فشّة الخلق" تتجه صوب النازحين، وليس الوزارة. فبعد حادثة مدرسة خريبة الجندي في عكار، انتقل احتقان الأهالي من النازحين إلى طرابلس، حتى لو من بوابة النازحين السوريين وليس اللبنانيين. وفي التفاصيل، أقدم عشرات التلامذة مع أهاليهم على الاعتصام أمام مدرسة مي الأولى الرسمية للبنات في طرابلس للمطالبة بإخلاء المدرسة من النازحين السوريين كي يعودوا إلى مقاعد الدرس في مدرستهم. ورفع التلامذة لافتات كتبوا عليها "من حقي أن اتعلم في مدرستي" و"لن نرضى بأي بديل عن مدرستنا".
أحد المعنيين الذين يتابعون ملف المدارس في المنطقة مع وزارة التربية شرح لـ"المدن" أنه عند توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان، نهاية أيلول المنصرم، أحضر أحد مشايخ طرابلس نازحين سوريين، عددهم يزيد عن 600 نازح، واسكنهم في المدرسة (هي عبارة عن مدرستين أولى وثانية في المبنى عنيه). وتولى حمايتهم من خلال شبان من مناصريه. لكن بعد مناشدات أهالي المنطقة حضرت أجهزة الدولة وتولت عناصر قوى الأمن الداخلي حراستها. وعملت منظمات الأمم المتحدة على نقل نصف النازحين إلى مناطق أخرى. ومع بدء تنفيذ خطة وزارة التربية أيقن أهالي الطلاب أنه تم نقل أولادهم إلى مدارس بعيدة، فتصاعدت صرختهم، رافضين التحاقهم إلا في مدرستهم.
توزيع الأخوة في مدرستين متباعدتين
المسؤولة في لجنة أهالي الطلاب في المدرسة بشرى النمري شرحت لـ"المدن" معاناتهم كأهالي جراء تنفيذ وزارة التربية للخطة. وأوضحت أنها أم لطفلتين، واحدة تتعلم في مدرسة مي الأولى والثانية في مدرسة مي الثانية، لكنهما في المبنى عينه. بحسب خطة الوزارة، ونظراً لأن المدرسة اعتمدت كمركز إيواء، تم نقل التلامذة إلى مدرستين. وبات عليها إرسال طفلة إلى مدرسة التل الجديدة الرسمية، والأخرى إلى المدرسة الجديدة الرسمية في الميناء. والمدرستان تبعدان عن بعضهما لمسافة تزيد عن خمسة كيلومترات، وبعيدتان عن سكنها بجانب مدرسة مي الرسمية. وتسأل: كيف لي أن انقل أولادي صباحاً إلى مدرستين في الوقت عينه؟ هل هذا يعقل وسط الازدحام في طرابلس؟ وكيف أعيدهما إلى المنزل بعد انتهاء الدوام؟ وهل يعقل أن ندفع مواصلات للذهاب إلى مدرستين، فيما اخترنا المدرسة الرسمية القريبة من بيتنا نظراً للأحوال المعيشية الصعبة؟
المعتصمون أمام المدرسة طالبوا وزارة التربية بإيجاد حلول لمشكلتهم، رافضين التحاق أولادهم في مدارس أخرى غير مدرستهم. وأكدت النمري أنهم سيعاودن الاعتصام يوم السبت المقبل، وصولاً إلى إخلاء المدرسة من النازحين السوريين. ورفضت نقل نحو 600 طالب في المدرسة إلى مدارس عدة، من أجل إيواء نحو 250 سورياً ما زالوا في المدرسة. وأوضحت أن النازحين السورين في المدرسة هم عمال يذهبون إلى عملهم، وليسوا بنازحين. جزء منهم يأخذ المساعدات التي تصل إلى المدرسة لبيعها في محلّة أبو سمرا في طرابلس و"يمكن لأي شخص في وزارة التربية المجيء للتثبت من أقوالنا"، كما قالت.
انفجار مقبل في الشمال
إشكاليات مماثلة بين أهالي الطلاب والنازحين السوريين في منطقة الشمال ستنفجر قريباً. وتؤكد مصادر رابطة المعلمين بالتعليم الأساسي في الشمال أنه جرى إيواء أكثر من 5 الاف نازح سوري في عشرات المدارس، بخلاف باقي المناطق اللبنانية، التي أعطت الأولية لإيواء للنازحين اللبنانيين.
وتشرح المصادر أنه وفق خطة وزارة التربية، وفي حال عدم توفر مدارس رسمية للتعليم في الفترة الصباحية، سيصار إلى استخدام مدارس خاصة لتعليم الطلاب في الفترة المسائية. لكن الرابطة تتعاون مع وزارة التربية لتعديل الخطة، ووقف العمل بخطة التعليم بعد الظهر. فهناك رفض لهذا الموضوع، ويتم العمل على إيجاد حلول لتعليم الطلاب في الفترة الصباحية حصراً. لكن يجب العمل على ملف النازحين السوريين. إذ لا يمكن أن تتأمن إقامة أكثر من 5 الاف نازح سوري في المدارس الرسمية، فيما يتم نقل الاف الطلاب إلى مدارس بعيدة عن سكنهم وتعليمهم بعد الظهر. فقضية النازحين السوريين ملقاة على عاتق الأمم المتحدة، التي عليها إنشاء مخيمات لاستيعابهم.
المشكلة التي أوقعت وزارة التربية نفسها بها هي أن الدولة استسهلت استخدام المدارس للإيواء، على الرغم من وجود مئات المباني للدولة على لائحة وزارة المالية غير مستخدمة. كان يفترض دراسة الوضع عن كثب والطلب من الأمم المتحدة تجهيز المراكز للنازحين، تلافياً للمشاكل التي تتكرر وبشكل يومي تقريباً، بين أهالي الطلاب والنازحين والتي هي عرضة للتفاقم. فمطالب الأهالي بتعليم أولادهم في مدارسهم القريبة من أماكن سكنهم ستتصاعد، وستنتقل إلى باقي المناطق وقد تصل حد مطالبة الأهالي بنقل النازحين اللبنانيين في حال لم تعمل وزارة التربية على مراجعة خطتها. وبدأت ترتفع بين الحين والآخر أصوات مناطقية، كما حصل في مناطق شوفية، تطالب بإخلاء المدارس من النازحين، تقول مصادر نقابية لـ"المدن".