توقيف إبراهيم حويجة إنتصار لمعاناة اللبنانيين من نظام الأسد... العدالة تحققت بعد 48 عاما!

ذات 16 آذار وفي ذكرى استشهاد والده قال رئيس الحزب الإشتراكي السابق وليد جنبلاط "بين آذار وآذار طال الإنتظار". ألا أن حبل الإنتظار توقف وتحققت العدالة قبل عشرة أيام من ذكرى إغتيال كمال جنبلاط. قاتل والده إبراهيم حويجة الذي كان يشغل منصب رئيس المخابرات الجوية في عهد رئيس النظام السوري السابق حافظ الأسد في يد قوات الأمن السورية بعد 48 عاما. وفي 6 آذار 2025 كتب وليد جنبلاط على صفحته عبر منصة "إكس"..."الله أكبر"!

لعلها صدفة ربانية أو انها  توقيت مدروس في لحظة كانت تشتعل سوريا ويقبع سكانها في منازلهم بعد فرض حظر التجول للمرة الأولى منذ سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع قيادة سوريا الجديدة. إلا أن الأبرز في توقيت توقيف قاتل كمال جنبلاط أنه ياتي في وقت تشهد فيه الساحة الدرزية انقساما على خلفية الأحداث التي جرت الأسبوع الفائت في مدينة جرمانا في ريف دمشق بين قوات سوريا الجديدة وأهالي المدينة وغالبيتهم من الطائفة الدرزية.

السفير السابق هشام حمدان يصف عملية توقيف قاتل كمال جنبلاط بالحدث. ويقول لـ"المركزية" " هي حتما ليست صدفة لأن ما حصل يندرج ضمن مسار قائم، وصادف في هذه المرحلة التي تزامنت مع ذكرى اغتيال كمال جنبلاط. إلا أنه يأتي في ظرف ملائم لأن اللبنانيين يتذكرون اليوم كمال جنبلاط الذي اغتاله نظام حافظ الأسد لتثبيت سلطانه في لبنان، وكان يعرف أنه سيدفع ثمن توجهه السياسي الذي دفعه للدخول في حروب داخلية في وقت كان يدرك أن حافظ الأسد يريد أن يقطفها فكان الموقف التاريخي الذي أدى إلى استشهاده".

اللغط حول الدور الذي لعبه ابراهيم حويجة في جريمة اغتيال كمال جنبلاط ليس المحور والأساس "سواء كانت مهمة حويجة الإشراف على عملية الإغتيال أو المشاركة، فهو في شتى الأحوال كان مجرد أداة والهدف منه اغتيال أي مفهوم معارض لنظام حافظ الأسد في لبنان". ويضيف حمدان" المسألة أكبر من عملية توقيف شخص. علينا مراجعة خلفياته ومحاكمة تلك المرحلة في التاريخ الوطني والعربي في الشرق الأوسط. ابراهيم حويجة لم يكن  سوى آداة تتبع لنظام حافظ الأسد، وبالتالي كان ينفذ مشروعاً سورياً يقوده الأسد الأب بغية وضع اليد على لبنان، ومن خلاله على القضية الفلسطينية خصوصا أنه كان يطمح ويسعى للإمساك بالورقة الفلسطينية لأنها كانت وسيلته للضغط العربي والدولي بهدف خدمة مصالحه".

ويتابع حمدان" حافظ الأسد حاول إقناع كمال جنبلاط بأن ينضم إلى مخططات النظام السوري ، ورفض أن يسمح لهذا الخطأ بأن يستمر ويتحوّل حافظ الأسد إلى سلطان في لبنان فرفع الصوت وقال" لا نريد أن ندخل السجن الكبير". كمال جنبلاط كان يعلم أنه سيُقتل، وهو حذّر ريمون إده وقال له "أخرج من البلاد وإلا ستُقتل". فسافر الأخير إلى باريس وعندما وصل إلى هناك اتصل بكمال جنبلاط وقال له بالمباشر"أنت أيضا عليك أن تغادر لبنان " فأجابه" أنا لا أستطيع الخروج .لا أستطيع الهرب من قدري".

مستعيدا جزءاً من تاريخ هذه المرحلة التي يفترض أن يتعلم منها رجالات الدولة يكرر حمدان: "كمال جنبلاط كان يعلم بأنه سيقتل" ويضيف " كمال جنبلاط استشهد سعيداً تعويضاً عن الخطأ الذي قام به بسبب قناعاته العفوية المخلصة لما سُمِّيَ "ثورية قومية عربية" سعياً لإنقاذ فلسطين، فإذا بها مجموعة مصالح جعلت من لبنان ساحة مستباحة لها، وهو كان أداة استخدمت لهذا الغرض .فلما فهم وعرف ما هو الغرض رفض الإستمرار بموقفه وفضّل البقاء من أجل مبادئه وأن يدفع الثمن بكل ذلك".

من المبكر التكهن بمصير ابراهيم حويجة وهل ستتم محاكمته وفق القوانين السورية المرعية أم أمام محاكم ... . لكن ما يجدر التوقف عنده هو انعكاس هذه العملية على الساحة الدرزية وما إذا كانت ستوحّد الصفوف والمواقف التي خلفتها أحداث مدينة جرمانا السورية، وانقسام المواقف داخل البيت الدرزي اللبناني.

وتعقيبا على ذلك يشير حمدان الى أن "توقيف هذا الرجل لا يعني الدروز في لبنان وحسب، إنما هو انتصار لكل اللبنانيين الذين تحمّلوا من نظام حافظ الأسد وأزلامه كل الأحداث المريرة التي مر بها لبنان. الأكيد ان ابراهيم حويجة اغتال كمال جنبلاط أو ساهم في اغتياله لكنه ساهم ايضاً في اغتيال لبنان الوطن. وعملية توقيفه على يد قوات الأمن السوري لا تخص الدروز فقط إنما كل اللبنانيين لأنه باغتيال جنبلاط اغتال الوحدة الوطنية".

ويكرر حمدان" الأمن السوري لم يقبض على ابراهيم حويجة بصفته قاتل كمال جنبلاط إنما بصفة رمز كبير في النظام البائد لحافظ الأسد. ومن الصدف أنه قاتل كمال جنبلاط. إذا المقصود هنا ليس الدروز إنما جزء من التطور الحاصل في سوريا. فالدروز في سوريا لا يعنيهم حويجة كقاتل كمال جنبلاط إنما كأحد رموز النظام السابق الذي قام بأعمال شريرة ومنها اغتيال جنبلاط. من هنا لا يمكن القول بأن عملية توقيفه ستوحّد الدروز إنما يُقرأ بأبعاده لدى دروز سوريا ودروز لبنان. لهذا أتمنى أن يُنظر في عملية توقيفه من البعد الوطني اللبناني وليس ببعد طائفي درزي".

وحتى لا يبقى الحساب مؤطرا بالحدود والمحاكم السورية يختم حمدان بمطالبة "الحكومة اللبنانية استرداد حويجة ليصار إلى محاكمته في لبنان بجريمة اغتيال الرمز اللبناني. آنذاك نعلم أن المحاكمة لا تعني كمال جنبلاط الدرزي إنما الموقف الوطني. هكذا تفعل الشعوب الحضارية".