ثماني إصابات جديدة: لبنان لا يزال في عين عاصفة كورونا

ثماني إصابات جديدة بفيروس كورونا سُجّلت أمس، فيما لا يزال العداد يصعد بـ«سلاسة» مُقارنة مع الكثير من البلدان. إلّا أن هذا المشهد الذي يبدو إيجابياً في الظاهر، لا يعني إلّا أن لبنان لا يزال في عين العاصفة وفي المجهول، وهو يفضح التقصير على صعيدين: إجراء الفحوصات بشكل مكثف والالتزام الحديدي بالحجر>

مُقارنةً مع عددٍ من البلدان حول العالم، يبدو لبنان، حتى الآن، «مُرتاحاً على وضعه». على الأقلّ هذا ما تقوله الأرقام «ظاهرياً». بالمقارنة، مثلاً، مع دولة اسرائيل (حيث سُجلّت أول إصابة بالفيروس في اليوم نفسه الذي سجّلت فيه الاصابة الأولى في لبنان في 20 شباط الماضي)، أقفل عدّاد «كورونا» في لبنان أمس على 11 وفاة و446 إصابة إجمالية بعد تسجيل ثماني حالات جديدة فقط (عدد المُصابين الفعليين 403 بعد شفاء 35 حالة)، فيما وصل عدد الإصابات في إسرائيل الى 4347، منها 100 حالة سُجّلت أمس. وفي أرمينيا (سُجّلت فيها الإصابة الأولى في 29 شباط)، بلغ عدد الإصابات الإجمالية 482 حالة، منها 58 سُجّلت أمس. أما سويسرا التي سجلت أول إصابة فيها في 24 شباط الماضي، فقد وصل عدد الإصابات فيها إلى 15,526 حالة، منها 697 سُجّلت أمس.

صحيح أن بعض المُتفائلين يميلون إلى «التحليل» وربط النتائج الايجابية بمسارعة الحكومة اللبنانية، خلافاً لكثير من الدول، إلى اتخاذ قرارات الإقفال التام والتعبئة العامة، إلّا أن المُعطيات الواقعية تَخلص، وفق مصادر طبية معنية، إلى أنّ هذه «الإيجابية» لا تعني إلّا «أننا لا نزال في المجهول»!
وزارة الصحة أوضحت أمس أن الاصابات الثماني «تم تأكيدها من أصل 205 فحوصات أجرتها أربعة مختبرات معتمدة»، علماً بأن مُقارنة أرقام الفحوصات في التقارير اليومية الصادرة عن «غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث» تُشير إلى إجراء 150 فحصاً فقط خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ووفق المصادر الطبية، فإن المقارنة الفعلية تصحّ فقط عندما تتم مع دول تشبه لبنان بتجربتها في مكافحة الوباء لجهة توقيت الإقفال وحظر التجوّل. ومن هذه الدول سنغافورة «حيث يُجرى نحو 4000 فحص لتشخيص الفيروس يومياً في مقابل 300 فحص فقط في لبنان». لذلك، «علينا أن نجري على الأقل ما بين أربعة آلاف وستة آلاف فحص يومياً كي نتمكن من قراءة الأرقام بإيجابية»، لافتةً إلى أن «احتمال أن يكون هناك آلاف المُصابين في المناطق من دون أن تظهر عليهم عوارض». بمعنى آخر، «على الوزارة أن تبدأ بفحوصات الفيروس الجوالة في المناطق وتكثيفها في أسرع وقت ممكن».
يُعيد هذا التذكير بأهمية تكثيف الفحوصات المخبرية خصوصاً في المناطق حيث يخضع 1102 من الأشخاص للحجر المنزلي. وهنا ثمة تساؤل أساسي عن الأسباب التي تحول دون إجراء المزيد من الفحوصات: إذا كان السبب نقصاً في المعدات المرتبطة بالفحوصات والوزارة لا تعلن عن ذلك فتلك مشكلة، وإن كان الأمر متعلقاً ببطء في تطبيق الحلول المتاحة فإن المُشكلة أكبر، علماً بأن وزير الصحة حمد حسن كان قد صرّح، بعد اجتماعه مع مُديري عشرة مُستشفيات حكومية (النبطية والهرمل وبعلبك ومشغرة والبوار وبشري وحلبا وبنت جبيل ورفيق الحريري وطرابلس) أمس، أنّ هذه المُستشفيات «على أهبة الاستعداد لاستقبال أي حالة تعاني من التهابات تنفسية، سواء كانت الحالة إنفلونزا عادية أم حساسية موسمية أم مشتبهاً في إصابتها بكورونا»، ما يعني حكماً تجهيزها بمعدات الفحص اللازمة مجاناً.
حسن لفت إلى أنّ هذه المستشفيات «صارت جاهزة للمشاركة في خطة وزارة الصحة (...) سواء بالكادر البشري الإداري والطبي التمريضي أم بالتجهيزات الموجودة حالياً والتي تتفاوت بين مستشفى وآخر»، مُشيراً إلى أنه «تمّ إطلاق المناقصات بعد جهد جهيد لتأمين المستلزمات الإضافية والمعدات الطبية وأجهزة التنفس الاصطناعي وجهاز الأشعة المتنقل والـPCR». وهذه المعدات ستصل، وفق حسن، تباعاً في فترات قريبة «تراوح بين أسبوع لبعض التجهيزات وأسبوعين لبعضها الآخر وأربعة أسابيع كحد أقصى لغيرها». وأوضح أنّ المستشفيات العشرة «هي من ضمن المرحلة الأولى من الخطة التي وضعتها وزارة الصحة لتأمين الخدمة الاستشفائية في الاقضية والمحافظات كافة، ما يخفف عناء التنقل للمرضى وخطر انتقال العدوى للمسعفين والمرافقين»، لافتاً إلى أنه سيعلن عن تجهيز دفعة ثانية من المستشفيات الحكومية الأسبوع المقبل، «على أن تصبح كل المستشفيات الحكومية جاهزة في نهاية شهر نيسان».

وإلى مقارنة الشق المرتبط بالفحوصات، ثمة عامل آخر يجب مراقبته في المقارنات التي تتم مع البلدان التي اتبعت التجربة نفسها، و«هي الالتزام الحديدي بالعزل المنزلي وحظر تجول قاس، وهو أمر يصعب تبنيه بشكل كامل في لبنان».
هذه المعطيات تعني عملياً أن «السيناريو الإيجابي لا يعني إلا أننا في بداية الأزمة، بل لا نزال في عين العاصفة، ولا يملك اللبنانيون إلا خيار ملازمة بيوتهم». وهو خيار يبدو شبه مستحيل في ظل الظروف الاقتصادية التي ترزح تحتها البلاد منذ سبعة أشهر، وفي ظل بطء اتخاذ الخطوات المرتبطة بالخطط الاجتماعية.
وليس صدفةً أن يُشير تقرير غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث، أمس، إلى أن غالبية المخالفات التي سجلت على صعيد الالتزام بالحجر تتعلّق بتجمعات المُقيمين أمام ماكينات سحب الأموال ATM في معُطى لا يُنبئ إلا بواقع التخيير بين الموت بالوباء أو الموت جوعاً!