هل ذهب ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية بلا رجعة، أم أن هناك إمكانية لتخطي الفيتوات الحزبية والطائفية الحالية؟ سؤال محوري يتداوله المتعاقدون اليوم، وخصوصاً في ظل الشائعات التي تطلق من كل حدب وصوب.
رفض الثنائي الشيعي
في آخر المعلومات التي حصلت عليها "المدن" من مصادر متعددة متابعة للملف، أن الثنائي الشيعي أبلغ وزير التربية عباس الحلبي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبعض الأحزاب المسيحية أنه "لن يمشي بالملف". البعض يؤكد أن تبليغ الثنائي الشيعي كان رسمياً، ما يعني أن الأمر لم يعد مجرد ممارسة ضغوط أو استجرار تنازلات من باقي الأطراف، بل توقف الملف نهائياً. ما يستدعي من وزير التربية إعادة الملف إلى رئيس الجامعة بسام بدران من جديد.
أما البعض الآخر، فيؤكد أن الثنائي الشيعي لم يبلغ رسمياً أي طرف رفضه للملف. بمعنى آخر، لم تتبلغ القوى السياسية المعنية من الثنائي الشيعي بعد. وتؤكد مصادر حزبية متعددة بأن الأمر ما زال مجرد تسريبات، هدفها تخفيف الضغط عن الثنائي الشيعي من قبل جمهوره، عندما يقر الملف. أي أن التسريبات بمثابة قول الثنائي الشيعي لجمهوره أنه حاول تغيير المعادلات القائمة ولم ينجح، ورضخ في نهاية المطاف في ظل الفيتوات الحزبية المتبادلة، التي من شأنها "تطيير" التفرغ.
بات معلوماً أن الثنائي الشيعي رفض المعايير التي عمل عليها وزير التربية ورئيس الجامعة لتقليص الملف، ولا سيما معيار الأقدمية لتفريغ المتعاقدين، الذي يختلف بين طائفة وأخرى وكلية وأخرى. ويريد معايير موحدة تسري على جميع الطوائف. وهذا ما لا يمكن تحقيقه، لأنه يؤدي إلى خلل كبير في التوازن الطائفي للملف، لصالح الشيعة، ومن شأنه خفض نسبة المسيحيين إلى أقل من أربعين بالمئة.
الحصة الحزبية لا تكفي للمحازبين
في المقابل، تؤكد المصادر أن لدى الثنائي الشيعي بعض المقترحات التي سيتم عرضها على القوى المسيحية الأسبوع المقبل، في محاولة لتذليل بعض العقبات والتوصل إلى حلول، تفضي إلى تمرير الملف وإقراره في مجلس الوزراء. ما يعني أن الاعتراضات التي صدرت من الثنائي الشيعي ومحاولات تمرير رسائل بأن "الملف غير مقبول"، هي مجرد ممارسة المزيد من التصعيد، لجر الآخرين إلى تقديم تنازلات.
سبق وتبلغ الحلبي من رئيس الحكومة أن لا تنازل عن المناصفة بين السنة والشيعة، وتبلغ من القوى المسيحية أن لا تنازل عن التوزان الذي لا يقل عن 45 بالمئة. أما السير بما يطالب به الثنائي الشيعي، فيعني حكماً جر المسيحيين إلى القبول بالمثالثة. وهذا الأمر يواجه بفيتو مسيحي كبير.
ووفق المعلومات، تبين أن المعايير التي عمل عليها الوزير الحلبي ورئيس الجامعة بسام بدران، أفضت إلى تكريس معادلة تفريغ نحو 300 متعاقد من الطائفة الشيعية ومثلهم من الطائفة السنية ونحو 550 من الطوائف المسيحية إضافة إلى نحو خمسين درزياً. لكن العقدة الشيعية تمثلت بأن نحو 120 متعاقداً شيعياً من الذين تعاقدوا مع الجامعة لغاية العام 2015، ولم يتم تفريغهم في العام 2014، رفعت أسماؤهم تلقائياً. بمعنى أن اعتماد المعايير القائمة على قواعد رياضية لاختيار الأسماء من خلال النظام الإلكتروني، أدى إلى تصدر هؤلاء على قائمة المراد تفريغهم. وجل هؤلاء من الشيعة المستقلين، أو من المنتمين لأحزاب غير الثنائي، أو من جمهور الثنائي، وليسوا محازبين. ما يعني أن الحصة الحزبية للثنائي تقلصت إلى أقل من مئتي متعاقد. وبمعزل عن أن المعايير أدت إلى شطب أكثر من 300 متعاقد شيعي، غير مؤهلين للتفرغ في الوقت الحالي، فإن انخفاض الحصة الحزبية للثنائي الشيعي من شأنها إحداث بلبلة كبيرة داخل صفوف الطرفين. وهذا معطوف على أن عدد الحزبيين، من دون احتساب المناصرين، المرشحين للتفرغ، يفوق عدد الذين شطبت المعايير أسماءهم من الملف.
إعادة طرح الثنائي الشيعي أفكاراً جرى تداولها سابقاً لتسهيل مرور الملف، مثل تفريغ جميع المتعاقدين بمرسوم واحد لكن بشرط إدخالهم إلى الجامعة على ثلاث دفعات، أو على دفعتين، رفضت في السابق، وتواجه بالرفض حالياً. فمن المعروف أن تفريغ الجميع لا يكرس المثالثة بل يجعل الحضور المسيحي أقل من الثلث في الجامعة. كما أنه لا ضمانات بأن يصار إلى حصر التعاقد مع الجامعة في السنوات الثلاثة المقبلة بالمسيحيين لتفريغهم، وتأمين توزان طائفي في السنوات المقبلة، وفق بعض المقترحات التي جرى تداولها.
وتؤكد المصادر أن الملف ما زال في مرحلة عض الأصابع، ولم يصبح في خبر كان. ومن يصرخ أولاً يخسر. لكن لا وارد عند أي طرف تقديم المزيد من التنازلات، ولا العمل لعدم إقرار الملف.