ثورة الذكاء الاصطناعي: كشف سرطان الثدي قبل الإصابة بـ5 سنوات

يسيطر القلق عند النساء من الإصابة بسرطان الثدي، الذي يزداد خطر الإصابة به مع التقدم في السن. وعلى رغم تحديد العلماء عدداً من العوامل التي تزيد من المخاطر، فإن القدرة على توقع هذا النوع من السرطان بقيت لسنواتٍ طويلة في حدودٍ متوسطة.

بيد أن هذا الواقع قد يتغير مع الجهاز الذي ابتكرته إدارة الغذاء والدواء الأميركية. فهذه التقنية الجديدة تسخَر الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الثدي الشعاعية (الماموغرام)، من أجل تحسين دقة التوقع لخطر إصابة المرأة بسرطان الثدي خلال خمس سنوات. 

وكان المعهد "النرويجي للصحة العامة"، وكذلك جامعتا "واشنطن" و"كاليفورنيا" الأميركيتان، قد نشرت مطلع العام دراسة تثبت قدرة خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تحديد الثدي المعرَّض للخطر قبل 4 سنوات إلى 6 سنوات من التشخيص. لكن جامعة "واشنطن" تمكنت لاحقاً من نقل هذا الجهاز من مرحلة الدراسات والاختبارات النظرية إلى مرحلة الاستخدام الفعلي في المستشفيات. وحصلت على التراخيص الرسمية الضرورية لذلك من إدارة الغذاء والدواء.

تشخيص مبكر للخطر

الجهاز الذي طوره علماء من كلية الطب في جامعة "واشنطن" الأميركية، يحلل صور الثدي الشعاعية لاكتشاف احتمال إصابة المرأة بسرطان الثدي خلال السنوات الخمس المُقبلة. وتتوافق هذه التقنية مع نوعي تصوير الثدي الشعاعي المتاحين، أي الصور الأربع ثنائية الأبعاد للثدي المنتجة بواسطة التصوير الشعاعي الرقمي، والصورة ثلاثية الأبعاد المركبة للثدي المنتجة بواسطة التصوير المقطعي الرقمي.

ويوفر تصنيف إدارة الغذاء والدواء الأميركية لهذا الجهاز عملية مراجعة معجّلة للحصول على موافقة تسويقية كاملة، بهدف منح المرضى والأطباء وصولاً سريعاً إليه.

دقة أكبر في التشخيص

يصف العلماء جهازهم الجديد بأنه عبارة عن نظام تعلم آلي مدرّب مسبقاً، يحلل صور الثدي الشعاعية ويقدم تقديراً لاحتمال إصابة المرضى بسرطان الثدي استناداً إلى الصور وعمر المرأة. كما يقدّر الجهاز خطر الإصابة بسرطان الثدي خلال خمس سنوات بدقة أكبر بمرتين من الطريقة القياسية التي تستند إلى استبيانات تراعي عوامل مثل العمر والعرق والتاريخ العائلي.

وقد تم تدريب الجهاز على صور الثدي الشعاعية السابقة لعشرات الآلاف من الأفراد الذين خضعوا لفحص سرطان الثدي في مركز "سيتمان" للسرطان. وهذا ما مكّنه من تحديد ما يجب البحث عنه في المراحل الأولى من تطور الورم، فيما يتعذر حتى للعين البشرية المدرّبة جيداً أن تلاحظ مثل هذه العلامات المبكرة للمرض.

الحد من مخاطر السرطان

هدف علماء جامعة "واشنطن" على المدى الطويل هو إتاحة هذه التقنية لأي امرأة تخضع لتصوير الثدي بالأشعة السينية في أي مكانٍ في العالم، إذ إنه يتيح لهن فرصاً لاتخاذ خطوات احترازية محددة للحد من خطر سرطان الثدي.

وعلى رغم انتشار الفحوص الحالية للكشف المبكر عن سرطان الثدي، يُشخَّص حوالي 34 في المئة من مريضات سرطان الثدي في الولايات المتحدة في مراحل متأخرة من المرض. لذا، من المرجح أن تحسّن التقنية الجديدة من القدرة على تقويم المخاطر. وهذا ما يقلل من عدد حالات السرطان المشخَّصة في مراحلها المتأخرة. وقد ثَبتَ أن الكشف المبكر يزيد من فعالية العلاج ويقلل من الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي.

أما درجة المخاطر التي يحللها الجهاز على مدار خمس سنوات، فهي مكملة للتحليل الذي يجريه الاختصاصيون في الأشعة، الذين سيواصلون مراجعة صور الثدي الشعاعية وفقاً للبروتوكولات القياسية. ووفقاً للجمعية الأميركية لعلم الأورام، وفرقة عمل الخدمات الوقائية الأميركية، أن الجهاز إذا تمكن من كشف درجة مخاطر توازي 3 في المئة وأكثر على مدار خمس سنوات، فإن هذه النسبة المرتفعة توجب إحالة المرضى إلى أختصاصيين، من أجل تقديم المزيد من النصائح لهم حول خيارات الفحص الإضافية واستراتيجيات الوقاية.

في الخلاصة، على الرغم من تطور تصوير الثدي واستخدامه الواسع النطاق لتحديد الأورام الموجودة، فإن توقع مخاطر الإصابة بسرطان الثدي لا يزال مبنياً على الاستبيانات، ولا يقدم تقديراً دقيقاً للمخاطر المستقبلية. ومن شأن هذا الجهاز الجديد لتوقع المخاطر، بناء على الصور الشعاعية، إحداث ثورة في رعاية المرضى.