المصدر: المدن
الكاتب: جنى الدهيبي
الأحد 23 آذار 2025 10:24:19
ويؤكد سلطيه لـ"المدن" أن "هناك محاولات من بعض الأطراف لاستغلال الظرف في الساحل السوري لإثارة الاضطراب في جبل محسن، الذي عاش سنوات طويلة من المعارك والجولات القتالية مع أبناء منطقة التبانة. لكن المجلس العلوي في الجبل والفعاليات السياسية والمدنية بذلوا جهودًا كبيرة لدرء محاولات الفتنة، مؤكدين على ارتباط أبناء الجبل بالميثاق الوطني اللبناني، وعدم ربط وجودهم أو تهديده بما يحدث في الساحل، والمشهد السوري عمومًا، بعد سقوط نظام بشار الأسد".
يتقلب جبل محسن على تحولات كبرى، عنوانها أن ما قبل سقوط الأسد ليس كما بعده. يفصل بين أبنائه (علويّون) وأبناء باب التبانة (غالبية سنية) شارع سوريا. وبعد سنوات من جولات القتال ورغم "المصالحة" بين أبناء المنطقتين، فإن ما يحدث اليوم لا ينفصل عن المسار التاريخي للجبل. ولا شك أن أبناء جبل محسن، كحال أبناء باب التبانة، أدركوا أنهم طوال سنوات الحروب والاقتتال الطائفي والسياسي، كانوا فيها وقودًا للحزب العربي الديمقراطي بقيادة آل عيد والمحسوب على آل الأسد، وكذلك للنظام السوري، لا سيما خلال سنوات الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، حين كان الجيش السوري يحتل لبنان ويمعن في قتل وقمع أبناء طرابلس.
العلاقة مع سوريا
تاريخياً، يعيش عشرات الآلاف من العلويين في جبل محسن والقرى المجاورة لعكار شمالًا. وتربطهم قرابة وعلاقات وطيدة مع علويي سوريا. وأثارت الأحداث في الساحل السوري مخاوف كبيرة في نفوس أبناء جبل محسن، حيث وجدوا فيها تهديدًا لوجودهم. وكأنهم يتعرضون لانتقام طائفي بعد سقوط الأسد الذي كان يشكل مظلة لهم، بدءًا من الساحل السوري. غير أن أبناء جبل محسن، بعد سقوط الأسد، تجاوزوا اختبارًا صعبًا، وتمكنوا من درء محاولات الفتنة والاستفزاز. إذ بادر كثيرون منهم إلى إزالة صور الأسد المرفوعة في الجبل، فيما أبدوا احتضانًا وتفهمًا لخيار الشعب السوري، وقبولاً لفكرة الانتقال السياسي في سوريا.
ويقول ناشطون في جبل محسن إنهم تعاملوا بوعي كبير مع سقوط الأسد، بهدف انعكاس الانتقال السياسي في سوريا إيجابًا على العلويين في كلا البلدين، مقابل رفض الانجرار إلى دوامة القتال والانتقام والفتنة.
لكن ما وصلهم من مشاهد دامية في الساحل السوري، وما يخبرهم به النازحون الذين هربوا من القتل ويخافون من العودة، أجج مشاعر الخوف والرغب، وطرح أسئلة كثيرة عن مستقبل الأقلية العلوية التي كانت تحكم سوريا. لذا، ما يجمع عليه العلويون في جبل محسن هو أن حصانتهم الأولى والدائمة هي لبنان، دولة ودستورًا وجيشًا وميثاقًا للعيش المشترك.