المصدر: النهار
الكاتب: لينا اسماعيل
الاثنين 20 تشرين الأول 2025 16:20:17
عندما شُرّع القانون الرقم 178 الذي يقونن زراعة القنب الهندي للأغراض الطبية والصناعية، لم يكن الهدف منه إلا أن يكون مظلة حماية للمزارع اللبناني. كان المبدأ واضحاً: تحويل هذه الزراعة من عالم الظل إلى إطار قانوني يوفر دخلاً مشروعاً، بعيداً من سيطرة السماسرة، أو خدمة التجار الكبار، أو إنشاء "كارتلات" احتكارية.
لكن الواقع كان قاسياً، فبعد أكثر من سنتين على إقرار القانون، تراجعت خطوات التنفيذ، وكاد الهدف النبيل أن يضيع في دهاليز التأخير، لتذهب مصلحة المزارع الحقيقي أدراج الرياح.
بري يتدخل: إعلان حرب على التباطؤ
الخطوة الإيجابية الوحيدة التي أضاءت هذا الملف المعتم كانت تعيين الهيئة الناظمة. هذه الهيئة هي "محرك" القانون، فصلاحيتها تشمل كل شيء: من وضع الهيكلية الإدارية، إلى تحديد آليات الزراعة، وصولاً إلى نوعية النبتة. لكن تفعيلها يتطلب مراسيم تطبيقية لاتزال معلقة.
هنا جاء التحرك الحاسم، إدراكاً لـ "الجمود" ولأن الهدف الحقيقي هو مصلحة المزارعين الحقيقيين وليس تجار الظل، أوعز رئيس مجلس النواب نبيه بري بمتابعة الملف بجدية لا تقبل التأجيل. هذا التكليف أثمر عن اجتماعات حثيثة بين المسؤول عن شؤون البلديات في حركة "أمل" بسام طليس ووزير الزراعة نزار هاني ورئيس الهيئة الناظمة داني فاضل، بهدف وضع "خارطة طريق" فورية تثبت جدية الدولة.
وقف الانهيار: الطمأنة، العفو، والمواجهة المباشرة
الخطة الجديدة لا تكتفي بـ"التنفيذ"، بل تعمل على استعادة الثقة وتصحيح الأخطاء الماضية. وترتكز على محاور أساسية تنطلق من نقطة واحدة: مخاطبة المزارع مباشرة وإشعاره بأن القانون أُنشئ لأجله:
الصفقة الأولى: شراء المحصول وإنقاذ الموسم
الخطوة الأكثر إلحاحاً هي مبادرة الهيئة الناظمة ووزير الزراعة الى رفع كتاب عاجل إلى رئيس الحكومة من أجل شراء المحصول الحالي أو استيعابه. هذه الخطوة هي رسالة طمأنة لا لبس فيها: "الدولة معك، ولن تتركك وحيداً في مواجهة السوق السوداء".
العبور إلى الشرعية: تسوية الوضع القانوني
كيف يمكن مطالبة المزارع بـ"الشرعية" وهو مطارد بمذكرات قضائية بسبب زراعاته السابقة؟ الحل قيد الصياغة الآن: العمل على إيجاد صيغة قانونية، سواء كانت عفواً عاماً أو تسوية أخرى، لإخراج المزارعين من دائرة المخالفة وضمهم إلى كنف القانون.
اللقاء الحاسم: إشراك الجميع لضمان النجاح
لتسهيل الإجراءات وإبعاد شبح البيروقراطية، يُعقد لقاء جامع وموسّع الجمعة المقبل في مقر اتحاد بلديات بعلبك برعاية وزير الزراعة وحضوره فضلاً عن الهيئة الناظمة رئيساً وأعضاء. هذا اللقاء ليس مجرد "اجتماع"، بل هو منصة تفاعلية تضم النواب، رؤساء البلديات، المخاتير، النقابات الزراعية، وحتى مدراء المستشفيات والمؤسسات المعنية.
الهدف؟ أن يشرح وزير الزراعة ورئيس الهيئة خططهما ورؤيتهما، وآليات تنفيذ القانون الرقم 178 (قانون زراعة نبتة القنب الهندي للاستخدام الطبي و الصناعي)، ويستمعان إلى المزارعين الحقيقيين- الذين أصبحت حقولهم ومناطقهم معروفة للدولة - للاستفادة من خبراتهم. هذا التفاعل هو الضمان الوحيد لإنجاح القانون وتفعيل مسار التنفيذ الذي طال انتظاره.
البداية الفعلية لإنهاء التباطؤ
تمثل هذه الخطوات نقطة تحول حقيقية. إنها تكليف مباشر يهدف إلى تفعيل القانون 178 والمضي فيه قدماً، مؤكدة أن المصلحة العليا هي للمزارع، وأن زمن التباطؤ قد انتهى. إنها الفرصة الأخيرة لإنصاف الذين يستهدفهم القانون وتغيير واقع الزراعة في لبنان نحو اقتصاد طبي وصناعي واعد.