جلسة الحكومة مهدّدة بالانفجار وعون يدفع بخطة الجيش

قبل ساعات من انعقاد جلسة مجلس الوزراء لبحث خطة الجيش المتعلقة بحصرية السلاح، تداخلت العوامل السياسية والأمنية لتجعل الجلسة على حافة الانفجار السياسي والشعبي.

فموقف ثنائي أمل وحزب الله يبقى حجر العثرة الأساس، في ظلّ تمسّكه بطرح إلغاء قرارات جلستي الخامس والسابع من آب الماضي التي رسّخت مسارًا يراه "مضرًّا بالأوراق اللبنانية"، ولا سيما بما يتعلق بتحديد جدول زمني لحصر السلاح بيد الدولة.

حضور مشروط أم مقاطعة؟
الثنائي، الذي يربط مشاركة وزرائه في الجلسة، وبقاءهم للاستماع إلى عرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل لخطة الجيش باتصالات "اللحظة الأخيرة"، لا يزال يدرس كلّ الاحتمالات: فإمّا الحضور من باب أخذ العلم إذا توافرت ضمانات بعدم مفاجأته بقرارات أحادية، وإمّا المقاطعة إذا استشعر وجود محاولة لوضعه أمام الأمر الواقع.

وتؤكد مصادر مطلعة على موقف الثنائي لـ"المدن" أنّه يتمسّك بطرح إلغاء قرارات جلستي الخامس والسابع من آب الماضي، خصوصًا أنّ الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة في الجنوب، والتي كان أعنفها ليل الأربعاء وطالت مناطق سكنية، جعلت موقفه أكثر تشدّدًا حيال أيّ التزام يضعف "قدرة لبنان على الردع".

عون يتحرّك لتفادي الانفجار
إزاء هذا المشهد الضبابي المقلق، يتحرّك رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في كلّ الاتجاهات، مستنفرًا قنوات الاتصال مع مختلف القوى السياسية، في مسعىً لتجنيب البلاد انفجارًا داخليًا أو حربًا خارجية. الرئيس عون، وعبر المشاورات والأسلوب الحكيم والهادئ، ينطلق وفق دوائر مقرّبة منه من قاعدة أساسية: "حماية الاستقرار وتجنيب البلد فتنة داخلية أو حرب خارجية، عبر جعل قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها".

وقد أدار في الساعات الماضية مشاورات مكثّفة، وأبقى محركات التواصل مفتوحة مع القوى السياسية لتأمين انعقاد جلسة منتِجة قائمة على التوافق، ومنع حصول توترات داخلية قد تدفع الشارع إلى مواجهة شارع آخر.

"فجهود الرئيس تصبّ في خانة تذليل العقبات ووأد مشاريع الفتنة". لذا ما سيحصل في الجلسة هو إقرار خطة الجيش. والخطة تُفنّد مراحل تطبيقية لا تضمّ مواعيد زمنية محدّدة، مع التشديد على التزام لبنان بقرار حصرية السلاح، وتأكيد الأهداف اللبنانية من الخطة وقبلها من ورقة الأهداف؛ أي انسحاب إسرائيل من الجنوب ووقف اعتداءاتها واغتيالاتها وخروقاتها، والدفع باتجاه توسيع دائرة الضغوط الدولية على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها، من دون أن يغفل الموقف اللبناني الجزء المتعلّق بسوريا من الورقة والأجوبة الصريحة التي يريدها منها لبنان، إضافة إلى حسم الجانب الأميركي "كوسيط" موقفه لجهة التعاطي والضغط على الطرفين الآخرين، وليس فقط على لبنان.

السيناريوهات المفتوحة
لن تُقدَّم خطة الجيش بوصفها إجراءً تنفيذياً لبنانياً من طرف واحد؛ بل بوصفها مساراً مشروطاً بتعامل إسرائيل وسوريا والأميركيين مع مقتضياتها. وستتضمّن الخطة أيضًا إشارة إلى الصعوبات اللوجستية والمالية والتقنية والمعلوماتية التي قد تعترض التنفيذ، تاركة الكرة في ملعب السلطة السياسية لاتخاذ القرار النهائي.
في كلّ الأحوال، تؤكد المعطيات أنّ خطة الجيش، في حال إقرارها، ستمنح لبنان ورقة ضغط إضافية في مواجهة إسرائيل، عبر تعزيز الموقف الدولي الداعي إلى انسحابها ووقف استهدافاتها. غير أنّ حزب الله ما زال على موقفه الرافض للاقتراحات المطروحة حتى الساعة، متمسّكًا بإلغاء قرارات آب الماضي.

الأنظار تتجه إلى الساعات المقبلة: هل تنجح مساعي الرئيس جوزاف عون في تبريد الأجواء وتأمين حضور الثنائي للجلسة، بما يتيح إقرار خطة الجيش بتوافق سياسي، أم إنّ سيناريو المقاطعة والتصعيد في الشارع سيضع الحكومة أمام مأزق جديد؟ خصوصًا أنّ جلسة الجمعة تسبق مباشرة وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى الأميركية CENTCOM إلى بيروت لعقد اجتماعات مع الأجهزة العسكرية والأمنية، وهو ما يزيد من حساسية التوقيت.

السيناريوهات الأسوأ
في حال فشل الاتصالات الجارية، يُخشى أن تتحوّل جلسة الجمعة إلى شرارة توتّر سياسي وأمني مزدوج: تعطيل حكومي نتيجة غياب مكوّن أساسي عن النقاش، وتحركات في الشارع لا مصلحة لأي طرف فيها.
الأخطر أنّ أيّ تصعيد داخلي سيضعف موقع لبنان التفاوضي عشية عودة أورتاغوس، ويمنح إسرائيل ذريعة إضافية لمواصلة اعتداءاتها. أمّا داخليًا، فسيناريو المقاطعة أو الانسحاب قد يفتح الباب أمام أزمة حكم جديدة تُدخل البلد في دوّامة فراغ، وعجز عن اتخاذ قرارات مفصلية في واحدة من أدقّ اللحظات السياسية والأمنية.