جلسة طويلة للقاضية نصّار في ملفّ الطفلة لين طالب.. عائلة الأم المتّهمة الأولى والخال في الطليعة في انتظار المحكمة

أما وقد مالت كفة التحقيق الى تعزيز الشبهة على المرتكب في ملف جريمة اغتصاب الطفلة لين طالب ابنة الست سنوات التي فارقت الحياة في اليوم التالي لعيد الأضحى، وأدمى رحيلها القلوب وهز الرأي العام وزاد مصيبة الى المصائب التي يرزح تحت وطأتها، فقد تركت مأساة هذه الصغيرة والتحقيقات التي واكبتها خلاصتين.

الأولى هي تحرك القضاء الذي مضى بسرعة لا بتسرّع في تحقيقاته في هذه القضية وبات على عتبة إنهاء التحقيق الاستنطاقي الذي تتولاه قاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار، بحسب مصادر قريبة منه، إن لم يطرأ جديد يقضي بالتوسع في التحقيق، لينتقل بعدها الى مرحلة ثالثة أمام الهيئة الاتهامية في الشمال حيث يتحوّل الجرم المسند الى الموقوف تهمة وهي جناية تنطبق على ظروف وفاة طالب. وغالباً ما يُبنى القرار الاتهامي الذي تصدر الأخيرة على القرار الظني الذي ستصدره القاضية نصار بعد ختم النظر في هذا الملف.

والخلاصة الثانية هي الهستيريا التي ترافقت مع الإعلان عن ظروف وفاة الطفلة، فعلى خطورة الظروف الدقيقة والحساسة التي أحاطت بهذه الجريمة التي أودت بحياة طفلة اغتصاباً، فإن توجيه الاتهامات يمنة ويسرة، والبلبلة الإعلامية التي وضعت عدداً من الأشخاص في دائرة الشبهة من دون انتظار اكتمال عناصر التحقيق وما الذي سيرسو عليه صاحب الشبهة زاد الطين بلة، فيما التحقيق كان ينتظر نتائج تحليل عيّنات مرفوعة عن الطفلة وآخرين يحتاج ظهور نتائجها الى حوالى عشرة أيام. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ما يفترضه انتظار استكمال الاستجوابات وسماع إفادات المحيطين بالطفلة من وقت في تحقيق، وكأي تحقيق، لا يمكن أن ينتهي بكبسة زر.

ويُستنتج من التوقيفات التي قررتها القاضية نصار لجهة والدة الطفلة وخالها وجدّيها لأمّها أن استراتيجية التحقيق تركزت على اليومين الأخيرين للصغيرة بينما كانت في كنف والدتها بعدما أوصلها طليقها لتمضية عيد الأضحى مع أمّها بناءً على طلب ابنته، وفي الغضون كانت المحققة الأولى في طور استجماع الأدلة لمقاطعتها مع أقوال الموقوفين. وقد ساعد تشكيل الأدلة الحسية في دعم المعطيات المتوفرة في الملف من صور التقطت لمواضع في جثة الضحية بيّنت تعرّضها للاغتصاب، ثم تحديد الطبيب الشرعي أسباب الوفاة الناتجة من التهابات أصابت الطفلة ونزف دموي استتبع الوفاة، وكذلك تيقن التحليل الطبّي المجرى على الطفلة من عدم معاناتها من أعراض مرضية أخرى، وتحديد مكان وجود الخال من خلال هاتفه في الوقت المحتمل لما تعرّضت له الطفلة في منزل جدّها. فظهور نتائج تحاليل الحمض النووي المرفوعة آثارها عن الطفلة وتطابقها مع تلك العائدة للخال الشاب شكّل دليلاً حسياً في حقه ووضعه في دائرة المشتبه فيه الرئيسي، رغم أنه نفى خلال استجوابه أمام القاضية نصار علاقته بهذه الجريمة، وأصر على هذا النفي، بحسب ما ذكره لـ"النهار" محاميه محمد حسنة، الذي هدّده بسحب وكالته في الدفاع عنه إذا تبيّن أنه الجاني. ولكن المحامي حسنة قبل دخول جلسة الاستجواب أمس بوكالته عن العائلة بتكليف من القاضية نصار، التي وصفها بالجلسة الحاسمة بالنسبة الى الخال الذي قابله المحامي حسنة أمس بعد سحب التوكيل منه، إلا أن الموقوف تمسّك بنفيه وبادره "لو كنت أنا الفاعل لكنت قتلت نفسي". ومن وجهة نظر حسنة إن ثمة قطبة مخفيّة في هذه الجريمة، متحدثاً عن "تناقض في التقارير الطبية، فما مدى صحة كلام الموقوف؟ وهل أتى في لحظة ندم على الفعل المنسوب إليه؟".

وفي مفصل آخر من الملف حسم التحقيق عدم علاقة الجد بحادث الاعتداء على الطفلة وهو موقوف بجرم التستر على الجريمة والمشاركة مع الجدّة والأم في الإهمال بنقل الطفلة الى المستشفى. وأمكن تقرير الطبيب الشرعي من تحديد الفترة الأخيرة في آخر يومين من حياة الطفلة بأنها كانت في كنف الأم عند حصول الحادث، مثلما انتهى الطبّ الشرعي الى أن الطفلة تعرّضت للإعتداء الجنسي في الفترة التي كانت خلالها في رعايتها، ومن دون وجود ما يثبت آثاراً على الضحية من أنها تعرّضت للاغتصاب قبل تلك الفترة، بحسب هذه المصادر.

ولجوجلة مجريات التحقيق عقدت القاضية نصار جلسة طويلة أمس في مكتبها في قصر العدل في طرابلس وعلى جدولها استجواب الموقوفين الأربعة من عائلة لين لأمها، بعدما كانت تكوّنت لديها، وفق مصادر قضائية، شبهة في اتجاه خال الطفلة معزّزة بالدليل في الملف.

وبعد إنتهاء الجلسة ازداد اقتناع القاضية نصار بتماسك المعطيات المتوفرة ضد الخال في الملف وتدحض انكاره ، ولاسيما من خلال داتا هاتفه وبعد استجواب الجد والوالدة في الجلسة التي ارجأتها الى غد الخميس للمتابعة.

ويواجه المعتدي الجنسي على طفل جناية المادة 509 في قانون العقوبات لجهة ارتكاب فعل منافٍ للحشمة بقاصر لم يتم الـ12 سنة عقوبة الحبس أربع سنوات، وجرم التسبب بالوفاة والإيذاء القصدي الذي أدى الى الوفاة بالأشغال الشاقة التي تصل الى 15 سنة، فيما تصل عقوبة التستر عن جريمة الموقوف فيها الوالدة والجد والجدة حتى ثلاث سنوات ويوازيها جرم الإهمال لجهة التأخر في نقل الطفلة الى المستشفى.