المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: علي زين الدين
الخميس 11 حزيران 2020 07:14:53
في رد غير مسبوق في لهجته ومضمونه، تتعرض له حكومة الرئيس حسان دياب، نبهت جمعية المصارف إلى أن «فريقاً من المستشارين العاطلين عن العمل يتولى مهمة التخطيط لمستقبل لبنان واقتصاده وقطاعه المالي. وهو قرر اعتماد خيار عبر إفلاس البلاد ومؤسساتها الاستراتيجية، من خلال الإصرار على مندرجات خطة التعافي الحكومية، بدلاً من خيار الإصلاح الشامل الذي يكفل الإنقاذ وتوزيع الخسائر بعدالة، وحفظ مقومات القطاعات الحيوية».
ولاحظ مصرفيون يتقدمهم رئيس الجمعية سليم صفير، أن الحكومة تبنت موقفاً هجومياً وعدائياً من دون أي مسوغ مشروع ضد البنك المركزي والجهاز المصرفي، ولم تنسق مع الطرفين في مرحلة صياغة الخطة، ثم وضعت النظام المالي بأكمله في خطر شديد، من خلال تقدير الخسائر بنحو 241 تريليون ليرة، والتنصل من مسؤولياتها كمدين، وتحميل الأعباء للدائن الأساسي المتمثل بالبنك المركزي الذي استقطب أغلب توظيفات المصارف، بهدف تغطية عجز المالية العامة، وتلبية الحاجات التمويلية للدولة.
جاء كلام صفير خلال حوار مغلق مع صحافيين وخبراء، من بينهم «الشرق الأوسط»، وشاركه في الحوار أعضاء مجلس الإدارة، وليد روفايل، وتنال صباح، ونديم القصار، وأمين عام الجمعية مكرم صادر، والخبير المالي روجيه داغر، بهدف عرض مساهمة جمعية المصارف في تطوير خطة التعافي، والوقائع المستجدة، بعد نتائج الاجتماع المالي برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، والذي أفضى إلى تكريس الاعتماد على الخطة الحكومية، واعتبار أرقامها منطلقاً للتفاوض مع خبراء صندوق النقد الدولي، من دون الأخذ بتحذيرات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واعتراضه الخطي على هذا التوجه. كذلك من دون الاستماع إلى وجهة النظر المصرفية وخطتها البديلة التي تم تسليمها سابقاً لرئيس الحكومة حسان دياب، ووزير المال غازي وزني، وإعلانها للرأي العام.
ويعول المصرفيون على إعادة النظر في التقديرات وتنسيقها للتوافق على أرقام نهائية، عبر تواصل التنسيق مع لجنة المال النيابية التي عبَّرت عن قناعتها بضرورة إعادة النظر بالأرقام والتوصيفات الفاصلة بين الخسائر الفعلية والالتزامات الآجلة التي يمكن معالجتها في ضوء تقدم الإصلاحات المنشودة. وبرأيهم: «إن مجلس النواب هو مرجعية التشريع ذات الصلاحيات لإقرار موجبات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحزمة القوانين المتصلة به، وخصوصاً ما يتعلق بمشروع (الكابيتال كونترول) لحفظ حقوق المودعين، واستعادة الأموال المنهوبة، ومكافحة الفساد، وإعادة هيكلة القطاع العام. بينما تمثل السلطة النقدية بمكوناتها كافة، وفي مقدمها البنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف، المرجعية الصالحة لإدارة شؤون الجهاز المصرفي، بمنأى عن نظريات (الإفلاس) وإنشاء 5 مصارف جديدة. وهو توجه يثير كثيرًا من الشكوك والشبهات حول استهدافاته الكامنة».
وركز المصرفيون في مداخلاتهم على الوصف المحاسبي لخطة الحكومة، بخلاف حاجة لبنان الملحة إلى خطة إنقاذ حكومي متكاملة، تحظى باستجابة المؤسسات المالية الدولية، ولا تفرِّط في سمعة البلد ومؤسساته في الأسواق الدولية التي سيحتاجها حكمًا في مرحلة «التعافي».
فقرار الحكومة بشطب كامل موجباتها من الديون الموزعة على آجال متنوعة سيؤدي إلى انتكاسة سريعة في إجمالي الناتج المحلي بنسبة تناهز 25 في المائة. كما أن «التمنع» عن سداد سندات الدين الدولية تسبب في تقييد السيولة بالعملات الأجنبية، كون المصارف تحمل نحو 11.5 مليار دولار من هذه السندات، ويحمل البنك المركزي نحو 5.7 مليار دولار، بينما تحمل مؤسسات أجنبية نحو 14 مليار دولار.
ووردت هذه الإيضاحات بعد ليل محموم وحافل بالشائعات، عقب إقفال شركات الصرافة التي امتنعت عن عرض العملات الصعبة، وانفلات سعر الدولار في السوق السوداء متخطياً حاجز خمسة آلاف ليرة للدولار.