جنوب لبنان.. لهذا سمح حزب الله بتحرك تنظيمات فلسطينية

لا تزال حدود لبنان الجنوبية ساحة لمناوشات متبادلة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله منذ انطلاق هجوم حماس المباغت في السابع من تشرين الأول، مع ادزياد حركة نزوح السكان من القرى اللبنانية الحدودية تجاه المناطق الأكثر أمناً، في مقابل إخلاء مستوطنات متاخمة للحدود.

ومع أن التصعيد الميداني جنوباً لم يخرج حتى الآن وفق المراقبين عن قواعد الاشتباك السارية، غير أن توسّع الرقعة الجغرافية للمواجهات المتبادلة لتتعدى عمق 5 كلم داخل لبنان من الخط الأزرق وتطال قرى جديدة في القطاعين الشرقي والغربي أمس، أنذر بفتح الباب على سيناريو حرب مباشرة موسّعة بين إسرائيل وحزب الله لتطال كل لبنان.

ولعل ما عزّز هذا السيناريو توالي دعوات دول غربية لرعاياها بعدم السفر إلى لبنان ومغادرته حالاً بالإضافة إلى الإجراءات العديدة التي اتّخذتها شركة طيران الشرق الأوسط بإلغاء جزء كبير من رحلاتها مع نقل عدد من أسطولها الجوّي إلى تركيا وقبرص خوفاً من تعرّض مطار بيروت الدولي لاعتداء إسرائيلي.

مركز مضاد للطائرات

وفي السياق، رأى العميد المتقاعد خليل الحلو لـ"العربية.نت" أن هناك ضغطا إسرائيليا، لاسيما من قبل سكان المستوطنات الشمالية بشنّ حرب على حزب الله لوضع حدّ لما يجري يومياً من مناوشات. وأضاف قائلا "لذلك بدأنا نلاحظ توسّعاً بالمواجهة من قبل الجيش الإسرائيلي، لاسيما بعد اكتشافه مركزاً مضادا للطائرات تابعا للحزب جنوب لبنان فيه صواريخ "إيغلا" IGLA المضادة للطائرات الصغيرة مثل الهيليكوبتر أو التي تُحلّق على علوّ منخفض".

لكن في مقابل الضغط الإسرائيلي، أشار حلو إلى ضغط أميركي كبير على إسرائيل لتجنّب هذه المواجهة، أولاً إدراكاً من واشنطن أن هكذا مواجهة مباشرة لن تبقى محصورة بلبنان بل ستمتد لدول إقليمية أخرى، وثانياً لأن الاساس بالنسبة لها الحرب في أوكرانيا، حيث تصبّ جهدها وثقلها هناك".

وما رفع منسوب الخوف لدى اللبنانيين أيضا من انزلاق بلدهم إلى حرب لا حول لهم فيها ولا قوّة في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تمرّ عليهم منذ عقود، دخول فصائل فلسطينية وأجنحة عسكرية لتيارات سياسية على خط المواجهة من خلال تبنّيها شنّ عمليات من جنوب لبنان ضدّ مراكز إسرائيلية، ما يُعيد إلى الاذهان فتح الحدود من جنوب لبنان كما حصل عام 1978 ودخول لبنان في دوّامة حرب دمّرته سياسياً واقتصادياً.

غطاء من حزب الله

وفي السياق، اعتبر رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن بول سالم لـ"العربية.نت" أن هذه التنظيمات تتحرّك بغطاء من حزب الله، والأخير يسمح لها بشنّ عمليات بين الحين والآخر، أولاً لكسب جمهور تلك التنظيمات وثانياً لرفع المسؤولية عنه".

وقال "لكن المُلفت بالأمر أن هذه التنظيمات نفسها التي كانت تقاتل ضد النظام السوري وحزب الله في سوريا تشارك اليوم الى جانب حركة حماس والحزب في الحرب، وبالتالي انضمّت إلى ما يُسمّى محور إيران".

الخروج عن قواعد الاشتباك

إلى ذلك، اعتبر "أن قرار فتح جبهة جنوب لبنان بيد إيران وإسرائيل، وما يحصل يؤشر إلى أنهما يتخطيان تدريجياً قواعد الاشتباك المتّفق عليها، وهذا بحدّ ذاته أمر مُقلق".

وأضاف "إيران وحزب الله هددا على لسان أكثر من مسؤول أن "القرار الاستراتيجي" بفتح جبهة جنوب لبنان سيُتّخذ عندما تبدأ إسرائيل بالإجتياح البرّي لقطاع غزّة.

لكنه رأى أن "عنصر المفاجأة يبقى سيّد الموقف من قبل الجانب الإسرائيلي إذ ما قرر شنّ عملية استباقية مفاجئة ضد حزب الله كما فعلت حماس لشلّ قدراته، وبالتالي تخفيف حدّة المواجهة على جبتها الشمالية".

جهود أميركية

وتحدّث سالم عن جهود أميركية باتّجاه تل أبيب لثنيها عن فتح الجبهة الشمالية.

إلا أنه أوضح أنه "لا يُمكن إغفال أمر أساسي أن عملية حماس ذكّرت الإسرائيليين بالمحرقة التاريخية ضدهم وأصابتهم بالصميم، وبالتالي فإن خططهم للردّ لا يُمكن التنبؤ بها، وحتى الأميركيين أنفسهم لا يعرفون بها، لذلك فإن الشعور بالقلق من تفلّت الأمور جنوب لبنان، في محله"، وفق قوله.

يشار إلى أنه بموازاة الرسائل النارية المتبادلة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، تنشط حركة دبلوماسية دولياً وعربياً باتّجاه بيروت لمنع تمدد الحرب الدائرة في غزة، في وقت تُعقد اجتماعات في المقار الرسمية اللبنانية من أجل وضع خطة طوارئ لمواجهة ما قد يحصل في الأيام المقبلة.