جيروزاليم بوست تتحدّث عن أزمة داخلية تهزّ حزب الله

نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريرًا جديدًا قالت فيه إنّ “الضربة الإسرائيلية الدقيقة في الضاحية الجنوبيّة لبيروت ضدّ رئيس أركان حزب الله هيثم علي طبطبائي هي دليلٌ واضحٌ على الوضعيّة المأزومة التي يعيشها حزب الله”.

ويشير التقرير إلى أنّه “منذ اغتيال الغالبيّة العظمى من أعضاء المجلس الجهادي، هيئة الأركان العامة لحزب الله، يحاول الحزب الترويج لمرحلةٍ انتقاليّةٍ من النموّ وإعادة التأهيل”. وأضاف أنّه “في إطار هذه العملية، سعى حزب الله إلى استرضاء قاعدته الاجتماعيّة التي تضرّرت بشدّة جرّاء الحرب، معبّرًا لها عن مرارته وإرهاقه. ونظرًا لأهميّة هذه القاعدة، كونها توفّر للتنظيم القوّة البشريّة والدعم الانتخابي، روّج حزب الله لرواية النصر والتضحية”.

ويتابع التقرير أنّ “حزب الله عمل، بمساعدةٍ إيرانيّة، على التعويض ماليًّا للعائلات العديدة التي دمّرت منازلها أو اضطرّت إلى الفرار من خطر الحرب. وفي الوقت نفسه، أطلق مشروعًا مكثّفًا لإعادة التأهيل، بمساعدة التهريب من إيران، وبالاعتماد على قدرات الإنتاج المحليّة”.

وبحسب الصحيفة، “أجرت المنظمة في الفترة التي تلت الحرب تحقيقًا لتحديد مصادر التسريب التي سمحت لإسرائيل بالتغلغل في صفوفها، كما بدأت عملية إعادة تنظيمٍ للتكيّف مع الوضع الجديد في المواجهة مع إسرائيل، وجنّدت أعضاءً جددًا”. ويرى التقرير أنّ قيادة حزب الله، وعلى رأسها الأمين العام نعيم قاسم، اختارت “سياسة الاحتواء” في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية “على الرغم من الاستياء والاضطرابات التي أحدثتْها هذه السياسة في أوساط القادة الميدانيّين”.

ويشير التقرير إلى أنّ “المناخ السياسيّ الجديد في لبنان، الذي تركّز حول مؤشّرات نهوض الدولة اللبنانيّة ورغبتها في استثمار نتائج الحرب لإنهاء احتلالها من قبل إيران وحزب الله، أثّر بدوره في سياسة الاحتواء التي يعتمدها الحزب”.

ويضيف: “يأتي اغتيال طبطبائي ليصيب حزب الله في وقتٍ تتأرجح فيه معادلةٌ معقّدة. فإذا اختار حزب الله الردّ على إسرائيل، فإنّه يخاطر بخسارة الإنجازات التي حقّقها منذ وقف إطلاق النار، ويصبّ في مصلحة إسرائيل التي تسعى إلى تعميق موجات الهجمات ضدّه. ومن ناحيةٍ أخرى، فإنّ عدم الردّ من شأنه أن يظهر ضعفًا كبيرًا، ويضرّ بصورة حزب الله في لبنان، وربّما يؤدّي حتى إلى نشوء جيوبٍ من التمرّد الداخلي داخل المنظمة”.

ويرى التقرير أنّه “من الصعب أيضًا تصوّر أن تسارع طهران إلى مساعدة حزب الله والدخول مجدّدًا في دوّامة المواجهة المباشرة مع إسرائيل”. ويضيف أنّ إيران “تعاني أزماتٍ متعدّدة، من أزمة الشرعيّة الداخليّة، إلى أزمات المياه والطاقة والأزمة الاقتصاديّة، في وقتٍ يزيد فيه القرار الذي اتّخذه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية من مأزق طهران”. ويوضح التقرير أنّ هذا القرار “يفرض على إيران إطلاع الوكالة على مخزونها من اليورانيوم والمنشآت التي تعرّضت للقصف خلال الحرب بين إيران وإسرائيل في حزيران 2025، وقد يكون هذا القرار وسيلةً لإسرائيل لبناء شرعيّةٍ لتجديد الهجوم على إيران”.

ويكمل التقرير أنّه “حتى لو انضمّ الحوثيّون إلى الحملة إلى جانب حزب الله، فلن يتمكّنوا من توفير الدعم اللازم له ضدّ إسرائيل. وحتى حركة حماس والجهاد الإسلامي، في وضعهما الراهن، غير مهتمّتين باستئناف القتال ضدّ إسرائيل في قطاع غزّة. لذلك، من المتوقّع أن يؤثّر انفراد حزب الله في أيّ حملةٍ محتملة على قراره بشأن نطاق الردّ المرتقب”.

ويخلص التقرير إلى أنّه “استنادًا إلى ما سبق، ولا سيّما في ظلّ الضغوط الداخليّة داخل التنظيم، يبدو أنّ حزب الله سيختار خوض أيّام قتالٍ محدودةٍ ردًّا على اغتيال طبطبائي. وبهذه الطريقة، يمكنه السماح لصفوفه الميدانيّة بالتنفيس عن غضبها والرّدّ على الهجمات الإسرائيلية، على أن يستأنف بعد ذلك عملية إعادة تأهيله رغم الضربات التي يتوقّع أن يتلقّاها من إسرائيل”.