حالات موت وغيبوبة وتفشي باكتيريا: معايير نظافة المستشفيات تتهاوى

منذ عامين تقريباً دخل مريض إلى مستشفى مهم في بيروت، لإجراء عملية في رأسه، فخرج منها إلى المنزل ليستريح. لكن بعد أيام قليلة ظهرت عليه عوارض الالتهاب في الجرح. فعاد إلى المستشفى ليتم اكتشاف "شبه خطأ طبي"، أدى لالتهاب الجرح. فأعادوا فتحه، ما تسبب بدخول المريض في غيبوبة لم يستيقظ منها بعدها لمدة عام ونصف العام تقريباً، قبل أن يودع الحياة.

تحصل مثل هذه الأخطاء. والمهم تحمل مسؤوليتها. لكنها في زمن الأزمة الاقتصادية تحصل أكثر، وما يرويه الكاتب شاكر خزعل حول إصابة والدته في إحدى مستشفيات بيروت يدلّ على أن معايير كثيرة في المستشفيات لم تعد تُحترم.

دخلت المستشفى.. ولم تعد كما كانت
دخلت والدة خزعل المستشفى نهاية شهر آذار بسبب جلطة، ليتم اكتشاف وجود ورم حميد في رأسها، فقرر الأطباء التدخل لإزالته جراحياً، وكان موعد العملية في 28 آذار. فدخلت العملية وخرجت منها بغيبوبة، تمكنت بعدها من فتح عينيها لكنها لم تعد إلى طبيعتها أبداً.

يُشير خزعل في حديث لـ"المدن" إلى أنه تلقى اتصالاً من المستشفى في 27 نيسان بُلغ فيه عن إصابة والدته بعدوى بكتيرية. وقيل له إن هذه العدوى تحصل بشكل طبيعي مع كثير من المرضى، ليكتشف بعد ذلك بمساعدة من أحد الممرضين في المستشفى أن الباكتيريا انتقلت لأسباب تتعلق بقلة النظافة وإهمال الطاقم الطبي والتمريضي. وهو ما يجعل المرضى بخطر. فقد يدخل أحدنا المستشفى لسبب بسيط، وقد لا يخرج منه أبداً.

ممرض يكشف الحقيقة للأهل
يكشف هذا الممرض أن سببين اثنين قد يكونا تسببا بانتقال العدوى البكتيرية لوالدة خزعل، الأول عدم تغيير "القسطرة البولية" لأكثر من شهر. وهذا ما يجعل فرص الإصابة كبيرة. والثاني هو عدم مراعاة معايير النظافة والتعقيم خلال العمل مع أكثر من مريض. مشيراً عبر "المدن" إلى أن هذه الباكتيريا كانت موجودة في المستشفى في ذلك الوقت لدى مريضة، ونُقلت إلى مريضين آخرين.

يؤكد الممرض الذي أخبر الأهل بحقيقة ما جرى لمريضتهم، أن عمله وإنسانيته فرضا عليه التحدث مع أهل المريضة، وإبلاغهم بما يجري، لأن المستشفى وضعت حججاً واهية وغير صحيحة، لكي لا تتحمل مسؤولية معالجة المريضة بعد إصابتها بالباكتيريا، ويقول: "قمت بواجبي. فقد يكون أحد أفراد عائلتي في هذا الوضع بالمستقبل، ولا يجوز التهاون بمعايير العمل تحت أي ذريعة كانت".

لدى خزعل تسجيل مسرب طوله حوالى 6 دقائق، يتحدث فيه أحد الأطباء المعنيين بحالة والدته مع الممرضين، عن عدم وجود تنسيق وتواصل بين الأطباء والمسؤولين عن السيطرة على العدوى "infection control"، بالإضافة إلى استخدام عبارات غير لائقة بحالة المريضة وما حصل معها. وهنا يُشير الممرض عبر "المدن" إلى أن الباكتيريا هذه تنتقل عبر الأسطح، ولا تعيش سوى بضع دقائق، وهذا ما يجعل الأسباب حول انتقالها واضحة.

أخرج خزعل والدته من المستشفى وزار وزير الصحة فراس الأبيض منذ شهر تقريباً، لوضعه في أجواء ملف والدته، فطلب الوزير -حسب معلومات "المدن"- أن يتم تزويده بكامل التفاصيل والأوراق اللازمة بالملف. وهو ما يعمل عليه خزعل حالياً بعد عودته من الخارج، حيث ينوي التقدم بشكوى بوجه المستشفى، خصوصاً بعد أن قابل المسؤول عنها الذي أبلغه عند سؤاله عند معايير النظافة والتعقيم: "للأسف الثقافة عنا هيك".

ونتحفّظ عن ذكر اسم المستشفى إلى حين ما ستتخذه وزارة الصحة من إجراءات.