المصدر: Kataeb.org
الكاتب: اليان معلوف
الاثنين 29 أيار 2023 13:17:51
لم يعد الاهتمام بالصحة النفسية أمرًا ثانويًا يمكن التغاضي عنه، بل باتت أهميته من أهمية الصحة الجسدية وربما أكثر.
لبنان واجه تحدّياتٍ متعدّدةً في السّنوات الأخيرة، سياسيّة واقتصاديّة مع عدم استقرارٍ دائم، كلّ هذه الأمور أثّرت على صحّة اللبنانيّين النفسيّة ورفعت نسبة المُعاناة.
وعن وضع الصحّة النفسيّة في لبنان، تشير الأخصائية النفسية والمشرفة على "خط الحياة" في مركز "EMBRACE" للصحّة النفسيّة، السيدة ميرا دالي بالطا، في حديث خاص لـ kataeb.org، الى أن واحدًا من أربعة أشخاص في لبنان يعاني من أمراض نفسية، وفقط اثنين من عشرة يتلقيان العلاج المناسب ان كان نفسيًا أو بالأدوية.
وعن معدل الاتصالات التي يتلقاها المركز شهريًا، تقول: "نتلقى ما بين 1000 و 1200 اتصال في الشهر على الخط الساخن lifeline، بحيث 30% منها تكون للتعبير فقط عن الشعور بضيقة نفسية و24% منها لإعلامنا بالعوارض التي يشعرون بها، اضافة الى نسبة عالية تزور العيادات في المركز".
وتعتبر أن هذه الارقام بالنسبة لعدد سكان لبنان دليل كاف على ارتفاع حالات المرض النفسي.
وتضيف: "الفئة العمرية الأكثر تواصلًا معنا تتراوح بين 18 و34 سنة بنسبة 65%، أما من هم فوق الـ 34 سنة فهي بين 20% و %30".
أما بالنسبة لحالات الانتحار، تؤكد بالطا أنه في العام 2022، سجل لبنان حوالي 132 حالة انتحار ولكن الأرقام ليست دقيقة لأن الكثير من الأفراد لا يبلّغون قوى الأمن وذلك لأسباب عائلية، خوفًا من الوصمة الاجتماعية.
وتتابع: "حاليًّا، تسجل حالة انتحار كل يومين تقريبًا، ولغاية هذا الشهر هناك ما يقارب 32 حالة".
وترى في حديثها أن هناك أسبابًا مختلفة للانتحار، منها شخصية وبيولوجية تتأثر بعوامل البيئة المحيطة بالفرد ان كانت اقتصادية أو اجتماعية وبالأخص الضغوطات النفسية التي تتفاقم وتؤدي الى فقدان الأمل والشعور باليأس، فيحاول عندها الفرد التغلّب على التحديات عدة مرّات ولكن ينتهي به الأمر الى اللجوء الى الانتحار باعتباره الحل الوحيد للتخلّص من الوضع الذي يعيش فيه.
وتلفت بالطا الى أن مركز "إمبرايس" للصحّة النفسيّة يقدم خدمات صحية مجانيّة، وفي حال كان المريض يعيش في مناطق بعيدة عن المركز، يقوم المركز بتحويله الى مراكز اولية قريبة منه.
وفي السياق نفسه، تعتبر أخصائية علم النفس السريري في مركز "Brainstation clinics" السيدة مايا وهبة في حديث خاص، أن أبرز المشاكل النفسية التي يواجهها الفرد هي اضطراب القلق (anxiety) ، المرتبطة غالبًا بالنموذج البيولوجي النفسي الاجتماعي (Biopsychosocial Model) وتكون أسبابها اما وراثية بحيث قد يكون الأهل يعانون من قلق دائم، اما بسبب تربية خاطئة ما يؤثر على سلوك الطفل، وقد تكون اجتماعية عند تعرض الولد للتنمر او لمشكلة معينة في صغر سنّه، مشيرةً الى أن معدل الأعمار هو بين 18 والـ 24 سنة.
وردًا على سؤال ان كانت الجلسات النفسية تثمر دومًا حلولاً ناجحة، تقول وهبة: " بالطبع، ولكن هذا مرتبط بالتزام الفرد بالمواظبة على جلسات العلاج، وأن يكون العلاج متوافق مع الحالة النفسية وأن يكون هناك تشخيص دقيق وصحيح للحالة."
وتضيف: "تختلف العلاجات، فاضطراب الشخصية الحدية (borderline) يتطلّب العلاج الجدلي السلوكي DBT، أما اضطراب القلق (anxiety) يتطلّب العلاج المعرفي السلوكي CBT."
وترى وهبة أن من أفضل العلاجات هو العلاج المعرفي السلوكي (CBT) ، الذي يستطيع الفرد من خلاله فهم الأفكار السلبية وطريقة تفكيره بهدف التجاوب مع المواقف الصعبة بفعالية أكثر.
وعن اتجاه المريض الى المهدئات، تقول: "هناك حالات جدًّا صعبة تتطلّب بشكل أساسي تناول أدوية مهدئة مثل الانفصام في الشخصية، اضطراب الشخصية الحدية، الوسواس القهري والبارانويا، ولكن الأهم أن يكون المريض قد تابع قبل ذلك وضعه النفسي مع معالج."
وتشير في حديثها الى أن كلفة العلاج قد تشكل عائقًا أمام المريض في معظم الأحيان، والدولة غائبة عن هذا الموضوع، لكن وزارة الصحة تتعاون مع منظمات غير حكومية من أجل تقديم خدمات صحية بكلفة رمزية.