المصدر: النهار
الكاتب: طوني فرنجيّة
الأربعاء 12 آذار 2025 12:47:59
تُغطّي سحب كثيفة من الدخان الأسود يومياً أحياء وشوارع متفرقة من طرابلس، إمتداداً الى البداوي والقبة وأبي سمراء وضهر العين في الكورة، وصولًا في بعض الأيام الى القلمون بحسب اتّجاه الريح، والمكان الذي يجري فيه إشعال النار لأنه كان محصوراً في البداية بمحلة سقي أبو علي، فامتد الى سقي البداوي، وجوار المحجر الصحي وفي أماكن متعددة أخرى.
أمّا السبب في ذلك فمتنوّع ومتعدّد ويعود غالباً الى إحراق إطارات سيارات مستعملة أوكابلات كهربائية لاستخراج النحاس منها وبيعه بعد ارتفاع سعره، كذلك إحراق النفايات البلاستيكية من صناديق وعلب وعبوات وما اليها، إضافة الى إحراق النفايات المتراكمة على "مد النظر" على جوانب الطرق المؤدية الى طرابلس أو في جوارها.
الحرائق التي يجري إشعالها ليلاً لكي يبقى الفاعل مجهولاً، تنشر في سماء طرابلس والمناطق المحيطة بها سحباً من الدخان الاسود الكثيف الذي يصيب الاطفال والمسنين بأعراض ضيق التنفس، ويؤدي الى حالات اختناق في بعض الأحيان ما يستدعي نقل المصابين آلى المستشفيات خصوصاً في عزّ الصيف، عندما يكون الاهالي في حاجة الى فتح نوافذ بيوتهم للتهوئة والتخفيف من حدة الحر. أما في الشتاء، فإن الصقيع والمطر يدفعان الدخان نحو الأسفل فيضر حتى بالمزروعات غير المحمية على اختلافها، فتجد مثلاً برتقالاً وقد غطاه "الشحتار" كما الزيتون والخضر ذات الأوراق العريضة".
ومع الدخان الأسود، تنتشر الأوبئة والروائح الكريهة على مساحة المدينة، إضافة الى تسببه بعرقلة حركة السير على أوتوستراد طرابلس- بيروت، لأنه يحجب الرؤية الواضحة عن السائقين.
كل ذلك يحصل على رغم قرارات المحافظة والبلدية والبيئة والصحة التي لم تنفذ بدقة، في غياب الجهة القادرة على ضبط الفلتان والفوضى في المدينة.
ولا بد من الإشارة الى أن الأرباح من أعمال الحرق ليست بأرقام خيالية، إلّا أنّ كمية الدخان التي تنبعث منها كفيلة أن تسمّم طرابلس وجوارها في آن واحد، أي ما يسبب الضرر لما يزيد عن نصف مليون شخص يعيشون فيها. فأين من يتصدون بحزم لظاهرة حرق الإطارات المزمنة التي تمتهنها عصابات تسمّم سكان المدينة وضواحيها؟
هذه الحرائق المتتالية بما تسبّبه من أذى وكوارث، تثير غضب أبناء طرابلس وكل من يزورها، أو يمرّ على طريق طرابلس - بيروت. ويرى متابعون أنها أفعال يعاقب عليها القانون، وتزيد من الفوضى التي تعيشها المدينة اليوم بكل أشكالها، من أمنية، واجتماعية وغيرها.
يذكر أن مجموعة من النشطاء عملت مع وزير البيئة السابق ناصر ياسين، على هذا الملف وأجرت دراسات لآلية الحل. والموضوع قيد المتابعة منذ سنتين ولا تزال الامور على حالها. والمطلوب إنقاذ طرابلس وأهلها من هذا الكابوس في أسرع وقت.