المصدر: النهار
الجمعة 31 كانون الثاني 2025 12:01:31
هل ينفّذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية باهظة على المنتجات الكندية والمكسيكية في الأوّل من شباط؟ سؤال يدور في كلّ الأذهان الجمعة، علما ان تداعيات هذا القرار قد تكون قاسية على البلدان الثلاثة.
ما إن عاد ترامب إلى البيت الأبيض حتّى أعلن نيّته فرض رسوم جمركية بنسبة 25 % اعتبارا من الأوّل من شباط على المنتجات الآتية من كندا والمكسيك، بالرغم من أن البلدين وقعا اتفاق تجارة حرّة مع الولايات المتحدة خلال ولاية الملياردير الأميركي الأولى.
والخميس، قال إنه سيقرّر ليلا إن كان سيستثني أم لا النفط المنتج في كلّ من البلدين من الجمارك.
في المقابل، قد تفرض على المنتجات الصينية رسوم جمركية بنسبة 10 %، بحسب ما تعهد ترامب الذي هدّد مجدّدا مساء الخميس دول مجموعة بريكس التي تضم عشرة اعضاء، أبرزها البرازيل وروسيا والهند والصين، برسوم جمركية "بنسبة 100 %" إذا تخلّت الأخيرة عن استخدام الدولار في التبادلات الدولية.
وتثير هذه التدابير قلق المحلّلين في وقت يتمتّع الاقتصاد الأميركي بحالة جيّدة مع نموّ بنسبة 2,8 % في 2024. ورأى معهد "أكسفورد إيكونوميكس" أنه في حال طبّقت هذه التعرفات، فستخسر الولايات المتحدة 1,2 نقطة مئوية من نموّها وقد تعاني المكسيك من ركود.
وقال ويندونغ جانغ الأستاذ المحاضر في جامعة كورنيل إن التداعيات قد لا تكون شديدة على الولايات المتحدة، لكنها ستكون على هذا النحو من دون شكّ على البلدين الآخرين.
وصرّح "في سيناريو من هذا القبيل، من المرجّح أن يتراجع إجمالي الناتج المحلّي في كندا والمكسيك بنسبة 3,6 % و2 % على التوالي، في مقابل 0,3 % للولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن "التصعيد في الحرب التجارية سيرتدّ على الصين أيضا، لكنها ستستفيد في المقابل من التوتّرات بين المكسيك وكندا" من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى.
"الدفع نحو إغلاق الحدود"
خلال الحملة الانتخابية، أعلن مرشّح الحزب الجمهوري نيّته فرض رسوم جمركية تراوح بين 10 و20 % على المنتجات المستوردة إلى الولايات المتحدة كافة، قد ترتفع نسبتها إلى ما بين 60 و100 % بالنسبة إلى المنتجات الآتية من الصين.
وكان الهدف من هذه الزيادة التعويض عن خفض الضرائب الذي ينوي تطبيقه خلال ولايته الرئاسية الجديدة.
لكن منذ انتخابه رئيسا، تبدّل خطابه. فكما كانت الحال خلال ولايته الأولى، باتت الرسوم الجمركية سلاحا يلوّح به لفرض مفاوضات وانتزاع تسويات بدلا من أن تكون أداة للتعويض عن انخفاض العائدات الضريبية.
وقال ترامب إن الرسوم الجمركية تأتي ردّا على عجز الدولتين المجاورتين عن التصدّي لتدّفق المخدّرات، ولا سيّما منها الفنتانيل (ومادة أفيونية شديدة القوّة) والمهاجرين إلى الولايات المتحدة.
وتطرّق مرشّحه لمنصب وزير التجارة هاورد لاتنك خلال جلسة استجوابه في الكونغرس للمصادقة على تعيينه الثلاثاء إلى "تدبير سياسة داخلية" يهدف "بكلّ بساطة إلى الدفع نحو إغلاق الحدود".
أما الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم، فقالت الأربعاء "لا أظنّ أن ذلك سيحدث. لكن إن كان الحال كذلك، فلدينا خطّة".
قلق وتحرك سريع
لكن المخاوف ما زالت قائمة، لا سيّما بالنسبة إلى القطاع الزراعي الذي يصدّر كمّيات كبيرة من منتجاته إلى الولايات المتحدة.
وفي تصريحات لوكالة "فرانس برس"، أقرّ خوان كورتينا رئيس المجلس الوطني للزراعة بأن "حوالى 80 % من صادراتنا تذهب إلى هذا البلد. وبكلّ الأحوال، كلّ ما من شأنه أن يُحدث صدمة يثير قلقنا".
على الجانب الكندي، كشف التهديد بفرض رسوم جمركية أزمة سياسية حادة كانت تهزّ أصلا أركان حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو الذي قدّم استقالته.
وحضر وزير الأمن العام الكندي ديفيد ماكغينتي إلى واشنطن الخميس لعرض الخطوط العريضة لخطّة تقضي بتعزيز أمن الحدود بين بلده والولايات المتحدة.
وقال لاتنك الثلاثاء "أعرف أنهما يتحرّكان بسرعة. وإذا قاما باللازم، فلن تفرض رسوم جمركية"، في إشارة إلى كندا والمكسيك.
يذكّر هذا الوضع بالتوتّرات التي تصاعدت نهاية الأسبوع الماضي بين واشنطن وبوغوتا، إثر ردّ الأخيرة طائرتين عسكريتين كانتا تقلان مهاجرين مرحّلين من الولايات المتحدة.
وأعلن ترامب عقوبات، من بينها رسوم جمركية بنسبة 25 % ثمّ 50 %، ردّ عليها نظيره الكولومبي غوستافو بيترو، قبل تسوية المسألة والاتفاق على ترتيبات إعادة المهاجرين المرحّلين والتراجع عن التهديدات.