حركة ديبلوماسية لافتة على خط بيروت – عمّان... الحكومة الأردنية: ننسّق دولياً لوقف الحرب

تجاوزت الحركة الديبلوماسية على خط بيروت - عمّان الجسر الجوي الذي أطلقته دول عربية وخليجية لمساعدة لبنان على الصمود في ذروة أزمة إنسانية سببتها الحرب الإسرائيلية، وبات واضحاً أن الملك عبدالله الثاني يتولّى "مهمّة لبنانية" بتفويض عربي في الوقت الذي بدأت إسرائيل رسم "شريطها العازل" في الجنوب والذي قد يتمدد إلى سوريا، مع مواصلتها مطاردة البنى التحتية لـ"حزب الله" وقياداته على امتداد الخريطة اللبنانية.

وبعد الزيارة التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لعمّان عقب زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لبيروت وتحذيره من أن التصعيد الإسرائيلي يدفع المنطقة إلى حرب اقليمية شاملة، كشف الناطق باسم الحكومة الأردنية وزير التواصل الحكومي محمد المومني لـ"النهار" أن عمّان تشدد في شكل علني وفي مختلف المحافل على ضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن 1701.

 ويدعو القرار 1701 الحكومة اللبنانية إلى نشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات اليونيفيل، وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل).

ومنذ بداية الحرب في غزة في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وتنامي التوترات في الشرق الأوسط، تزايدت التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الأردن، ورفضت عمّان أيَّ محاولة لتهجير الفلسطينيين، مؤكدة ضرورة فتح ممرات آمنة في غزة لتوصيل المساعدات، بما يضمن استقرار الشعب الفلسطيني في أرضه.

وبعد أسابيع من الضربات العنيفة التي وجهتها إسرائيل لـ"حزب الله"، بما في ذلك اغتيال الأمين العام حسن نصر الله، وبدء اسرائيل غزواً برياً يهدف إلى إبعاد الحزب عن الحدود الشمالية للدولة العبرية، جدد الملك عبدالله الثاني تحذيراته من تداعيات التصعيد في المنطقة، وبدأ يولي لبنان اهتماماً بالغاً، ويبذل جهداً كبيراً في الأوساط العالمية والإقليمية من أجل وقف العدوان عليه. 

ويقول المومني: "أكَّدنا بشكل علني وفي مختلف المحافل على ضرورة احترام سيادة لبنان وحماية أمنه واستقراره ومواطنيه والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701".

إلى ذلك، لفت المومني إلى أن الملك وكبار المسؤولين الأردنيين يجرون لقاءات متكرِّرة مع قيادات لبنانيَّة ومع مسؤولين يمثلون دولاً فاعلة في المنطقة والعالم، بهدف وقف التصعيد في لبنان والمنطقة وإيجاد الحلول لوقف الحرب والحؤول دون أي تدهور أمني قد يقود المنطقة إلى الانفجار.

يضاف إلى ذلك الجهد الإنساني الذي يقوم به الأردن لدعم لبنان ومساندته لتجاوز هذه المحنة، وقد أرسلت حتى الآن 9 طائرات للمساعدات الغذائية والإغاثية والدوائية.

هل أبلغ جلالة الملك الحكومة اللبنانية أي رسائل غربية تتعلق بالأزمة الأخيرة، أو بـ"حزب الله"؟

يجيب المومني أن "لقاء جلالة الملك برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي قبل أيَّام أتى في إطار الجهود المستمرة التي يبذلها الأردن، بالتنسيق مع الأشقاء العرب والدول الفاعلة، لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتَّحذير من أنَّ استمرار العدوان الإسرائيلي وتوسّعه سيدفع المنطقة إلى حرب إقليمية ستكون كلفتها كبيرة على الجميع".

ونقل عن الملك تأكيده خلال اللقاء على "الموقف الأردني الواضح تجاه لبنان وشعبه الشقيق، ودعم سيادته وأمنه واستقراره، والتأكيد على استعداد المملكة لتقديم المساعدات للأشقاء اللبنانيين، للتخفيف من معاناتهم جراء الحرب الدائرة". 

وهل بدأت تتبلور خطة لخفض التصعيد في لبنان؟ وهل هناك أي بحث مع المفاوضين الغربيين في فصل جبهتي لبنان وغزة؟ أجاب المومني: "موقفنا واضح ومعلن تجاه التصعيد الخطير في المنطقة، ونؤكد أنّ الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على لبنان وغزّة والضفة الغربية هو المدخل والخطوة الأولى لوقف التصعيد على مختلف الجبهات. كما نؤكّد في الوقت ذاته على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ وفوري إلى غزة ولبنان، وبالتزامن مع ذلك وقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها للأماكن المقدَّسة الإسلامية والمسيحية في القدس واحترام الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها".

وحذر من أن استمرار هذه الظروف والممارسات خطر كبير ويهدد بتدهور خطير قد يجرّ المنطقة والعالم بأكمله إلى كارثة كُبرى لا يُحمد عقباها. 

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي زار الأردن الأربعاء بعد زيارة له لبيروت أثارت جدلاً واسعاً. فهل بحثتم معه في ملف لبنان؟ يجيب المومني أن "لقاء جلالة الملك وكبار المسؤولين الأردنيين مع وزير الخارجية الإيراني يأتي ضمن جملة الجهود الكبيرة التي يبذلها الأردن بالتنسيق مع الأشقاء العرب والدول الفاعلة، لوقف التصعيد الخطير في المنطقة، والتَّحذير من أنّ استمرار هذا التصعيد سيؤدي إلى مزيد من العنف ويوسّع دائرة الصراع".

وهل تطرقتم معه إلى  تهديدات إيران بمهاجمة أي دولة تفتح أجواءها لضربة اسرائيلية، كون الأردن دولة مجاورة لإسرائيل؟ قال: "في ما يتعلَّق بالتصعيد ما بين إيران وإسرائيل، لطالما شدّد الأردن على أنّه لن يكون ساحة للصراعات الإقليمية ولن يسمح مطلقاً لأي جهة بخرق سيادته وأجوائه وتهديد أمن مواطنيه".

وكانت إيران قد استهدفت إسرائيل في نيسان (أبريل) الماضي بالصواريخ والمسيرات، وعبر المئات منها الأردن، ليتصدى لها الجيش الأردني ويعلن عدم سماحه لإيران أو إسرائيل باستخدام أجوائه لتصفية أي حسابات.

كذلك، أطلقت إيران مئات الصواريخ البالستية باتجاه إسرائيل في الأول من تشرين الأول الجاري، أسقط بعضها في الاردن.