"حزب الله" يفاوض باسيل على "سلّة" رئاسية لتأمين النصاب لفرنجية!

يشهد الملف الرئاسي دينامية متجدّدة أخيراً، بعد الخروج من المرحلة الانتظارية السابقة التي كان عنوانها: «معرفة الموقف السعودي»، حين كان يراهن «المحور الممانع» على أنّ موقف الرياض متّجه الى تزكية انتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية وتأييد المبادرة الفرنسية ومباركة هذه التسوية.

عندما بدأ سفير السعودية لدى لبنان وليد البخاري جولته في بيروت في 3 أيار الجاري، أعلن أن لا «فيتو» سعودياً على أي مرشح وفي الوقت نفسه لا «ضوء أخضر» لأي مرشح، أي أنّ الرياض على الحياد رئاسياً، فأعاد هذا الموقف خلط الأوراق. وبالتالي، لا تبدّل «الترويقة» التي جمعت فرنجية والبخاري في دارة الأخير، من القرار السعودي، فالمملكة أعلنت موقفها ولن يكون لها «كلّ يوم» موقف، بحسب جهات سياسية معارضة.

«الحياد» السعودي أعاد «الطابة» الرئاسية الى ملعب القوى الداخلية، بحيث بات تبدّل ميزان القوى هذا الحاسم رئاسياً. لكن هذا الميزان لم يتبدّل حتى الآن. المعارضة على موقفها الرافض لفرنجية، المكونات التي لم تدعم ترشيح النائب ميشال معوض، من نواب «تغييريين» ومستقلّين، ليست في وارد إيصال فرنجية، كذلك المكونات النيابية السنّية أو «الاشتراكية»، لم تذهب في اتجاه تأييد رئيس «المرده»، بعد تبيان الموقف السعودي.

تحرُّك المشهد الرئاسي دفع إلى بدء تواصل رئاسي على مستويين: الأوّل، بين مكونات المعارضة لإعادة تجميع صفوفها حول مرشح. والثاني بالتوازي، بين معظم مكونات المعارضة و»التيار الوطني الحرّ» في محاولة للوصول الى اسم واحد.

وبالتالي بعد سقوط المبادرة الفرنسية وإعلان الموقف السعودي، أصبح عنوان هذه المرحلة الرئاسية، بالنسبة الى المعارضة، الوصول الى مرشح واحد بالاتفاق مع «التيار» ما يؤمّن لهذا المرشح أقلّه أكثرية 65 صوتاً. لكن هناك شكوكاً لدى جهات معارضة حول إمكانية ذهاب باسيل «الى النهاية» في خيار التقاطع مع المعارضة لإسقاط ورقة فرنجية برلمانياً، وفرض هذا الأمر الواقع على رئيس مجلس النواب نبيه بري «وحزب الله»، ما يؤدّي الى ضغط دولي وداخلي للإسراع في انتخاب رئيس وخروج «الثنائي الشيعي» من معادلة «فرنجية أو لا أحد».

لذلك ترى جهات عدة أنّ باسيل يحاول استغلال حواره مع المعارضة لاستدراج «الحزب» للإتفاق معه رئاسياً، بحيث «يجس نبض» الحزب لمعرفة مدى استعداده للتخلّي عن ورقة فرنجية تجنباً لاتفاق رئيس «التيار» مع المعارضة.

حتى الآن، وإذا كان هذا هدف باسيل، لا يبدو أنّه سيصل إليه، أقلّه في المدى المنظور. وترى جهات معارضة، أنّ «الحزب» يحتاج الى وقت للخروج من ترشيح فرنجية ولتحسين أوراق مفاوضاته. ولا مؤشرات الى أنّه في وارد القيام بذلك في هذه اللحظة، خصوصاً أنّه يحتاج الى ظروف تسوية فعلية، تماماً كتسوية الدوحة عام 2008 وتسوية عام 2016.

على ضفة «الحزب»، لا خيار لديه غير فرنجية حتى الآن، بل يعتبر أنّ هذا الخيار متقدّم. ولا يبدو أنّه يخشى من اتفاق باسيل والمعارضة بل يميل الى ترجيح عدم نجاح هذا الاتفاق. بالتوازي، يستمرّ التواصل بين «الحزب» وباسيل عبر القنوات الكلاسيكية، بحسب مصادر مطّلعة. وإذ يعلم «الحزب» أنّ إقناع باسيل بدعم فرنجية غير ممكن، يعمل على التوصٌّل الى إقناع حليفه بتأمين النصاب لانتخاب فرنجية. فلا يزال «الثنائي الشيعي» يسعى إلى تأمين 65 صوتاً لفرنجية، ويعتبر أنّه بات قريباً من تحقيق هذا الرقم. بالتوازي، يفاوض «الحزب» باسيل على سلّة رئاسية، أساسها تأمين النصاب لفرنجية مقابل مكاسب قد تكون وزارية ومراكز في الفئة الأولى في الدولة.

هذه «المفاوضات» التي تجري «تحت الطاولة»، بحسب مصادر مطّلعة، يُنكرها «التيار»، وتقول مصادره: «تأمين النصاب لانتخاب فرنجية غير وارد. هذه التسوية طُرحت علينا منذ أشهر، ولم نقبل حتى أن نتحدث فيها». كذلك، تفيد معلومات، أنّ «الحزب» تواصل مع «التيار» منذ أيّام، للبحث في أسماء مرشحين، فرفض «التيار» ذلك طالما أنّ «الحزب» لم يقتنع بوجوب الانتقال إلى المرحلة الثانية أي عدم التمسك بمرشح مواجهة. فبالنسبة الى «التيار»، إنّ البحث في أسماء في وقتٍ يتمسّك «حزب الله» بترشيح فرنجية، يعني إسقاط هذه الأسماء. وهذا لا يعني أنّ «التيار» سيذهب الى خيار مواجهة «الحزب» بمرشح «يتحدّاه». لكن تمسُّك «حزب الله» بفرنجية يعني أنّه يريد المواجهة رئاسياً بحسب «التيار»، ما يؤدّي إلى امتناع الفريق الآخر عن تأمين النصاب لجلسة الانتخاب، ما يعني أن لا رئيس للجمهورية.

بالتوازي مع المعطيات المتضاربة، بين تأكيد مصادر «التفاوض» بين «الحزب» وباسيل على «سلّة» وتأكيد «التيار» عدم امكانية الاتفاق مع «الحزب» رئاسياً قبل تخلّيه عن المرشح الواحد فقط، يستكمل «التيار» حواراته مع مكونات المعارضة، ويعتبر أنّ الأساس الاتفاق مع حزب «القوات اللبنانية» أولاً، فالانتخابات «أصوات وأعداد»، ويجب الانطلاق من الحجم الأساس، وفي الوقت نفسه يفاوض «التيار» حزب «الكتائب اللبنانية» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» ونواباً تغييريين ومستقلّين. ويسعى «التيار»، بحسب مصادره، إلى التقاطع مع مختلف مكونات المعارضة على اسم أو اسمين، بعد الاتفاق مع «القوات». ويعتبر أنّ «هناك بوادر أمل» لتحقيق ذلك.